عبدالناصر أهداها وسام الكمال الذهبي عام 1955 عصمت الإسكندرانى سيدة مصرية عظيمة تبرعت للأسطول المصرى بسفينة حربية أثناء حرب 48 وكانت تعشق البحرية وتقدر ضباطها جدا، ونشأت الإسكندرانى في أسرة عسكرية مما دفعها إلى دراسة علوم البحار، وسافرت في العديد من الرحلات البحرية كسيدة مصرية في الوقت الذي كانت فيه دول أوروبا والغرب يعانون من الجهل، ولقبها رجال القوات البحرية "بأم البحرية المصرية".. الميلاد والنشأة ولدت عصمت الإسكندراني، عام 1897 بالإسكندرية في أسرة عريقة ذات صلات بالبحر والبحرية، فهى حفيدة حسن الإسكندرانى الذي تم منحه لقب «أمير- البحار»، وأحد قادة الأسطول المصرى في القرن ال19، أو ما كان يطلق عليه وزير البحرية وقتها، والذي كان أحد أبطال موقعة «نفارين» 1827، واستشهد في حرب القرم 1854. ووالدها حسن محسن باشا من رجال الدولة، وأمها عزيزة حسن، ابنة الأمير حسن إسماعيل، وشقيقة عزيز حسن، من قادة الجيش المصرى الذين اشتركوا في حرب البلقان 1912. الثقافة والتعليم تلقت عصمت، علومها بالإسكندرية في البيت والمدرسة، وأجادت إلى جانب لغتها العربية، الفرنسية والإنجليزية، وتعلقت منذ صباها بالبحر والسفن والأسفار، وبمجد جدها «أمير-البحار»، وبتاريخ البحرية المصرية ومواقعها الحربية، وبأمجاد العرب في البحار كان اهتمامها بالتاريخ العربى والآثار العربية أهم الرحلات قامت عصمت بزيارة بلدان عدة، فطافت لبنان وسوريا وتونس والجزائر والمغرب والأندلس بإسبانيا، حيث درست المساجد والقلاع والآثار القديمة، كما ترددت على متاحف ومكتبات فرنسا وبلجيكا وسويسرا وغيرها، وقضت 18 عامًا في رحلاتها الاستكشافية والدراسية حتى أطلق عليها «بنت - بطوطة»، لكثرة أسفارها، وفى سفرياتها طاب لها مشاركة الملاحين والبحارة حياتهم الخشنة في البحار، ولم تستهوها بواخر الترف ورحلات البذخ.. الصراع العربى الإسرائيلي عندما نشبت حرب فلسطين عام 48 قامت بالتبرع بسفينة حربية مجهزة كاملًة على نفقتها الخاصة، وأهدتها إلى القوات البحرية، كما أهدت منزلها الواقع في رأس التين بالإسكندرية إلى القوات البحرية ليكون ناديًا بحريًا، ووهبت جميع ممتلكاتها من عقارات وأراض زراعية وما لديها من مال في وصيتها بعد وفاتها للكلية البحرية، مساهمًة منها للنهوض بأسطول مصر، ليضارع أكبر أساطيل العالم.. الأوسمة والنياشين أهدى الرئيس جمال عبد الناصر، «أم البحرية المصرية»، وسام «الكمال الذهبى» 1955، وسرق الوسام من بيتها، فأهدى إليها الرئيس وسامًا آخر، وكان ذلك في مناسبة الاحتفال بيوم البحرية، وبإنشاء المتحف البحرى بالإسكندرية في 29 أغسطس 1960.. وكانت هذه السيدة تستطيع أن تدخل مقر القوات البحرية في أي وقت، وتستطيع أن تصعد إلى ظهر أية بارجة أو مدرعة حربية دون أن تعترضها العوائق، فهى سيدة وفقا لمن تعاملوا معها عن قرب تنبض كل نقطة من دمها بحب أرض النيل، ورغم ثرائها لكنها وهبت كل مليم تمتلكه، للقوات البحرية. وحتى وقت قريب كان في كل عيد أم من كل عام يزور ضباط السلاح البحرى وطلبة الكلية البحرية منزل «أم البحرية»، ويقدمون لها باقات الورود، ويلتفون حولها وهى تعيد على مسامعهم الأمجاد العربية في البحار، وكيف كان الأسطول المصرى عام 1840 ثالث أسطول في العالم بفضل جنوده الشجعان، وكان رقم تليفونها بعزبتها الخاصة بشبراخيت، رقم سرى لا يعرفه سوى أبنائها ضباط البحرية، وأعطتهم الإذن بأن يطلبوها في عزبتها في أي وقت بالليل أو بالنهار إذا احتاجوا إليها. وفاتها في عام 1973 رحلت أم البحرية المصرية المجاهدة السكندرية التي جمعت بين العلم والفكر والعمل في صمت، وهى مثال للوطنية لابد أن يحتذى به الأجيال، وبقيت ذكراها ووطنيتها مثالًا يحتذى به ولا يمحى من ذاكرة الوطن.