أعلنت مكتبة الإسكندرية اليوم أنه في إطار توثيق المكتبة لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، وبحثها عن العائلات التي يكون أحد أفرادها قد شارك في صنع وتنفيذ السياسة المصرية خلال أي فترة من فترات تاريخ مصر الحديث والمعاصر لأرشفته ضمن حاويتها التاريخية modernegypt.bibalex.org، فقد حصل موقع ذاكرة مصر على المجموعة الأرشيفية الخاصة بقائد القوات البحرية الأسبق 1952-1967 الفريق أول سليمان عزت، وقد أهدى هذه المجموعة حفيده الأستاذ سليمان محمد سليمان عزت. ويعد عزت رابع قائد للقوات البحرية المصرية يدخل ضمن ذاكرة مصر المعاصرة؛ وهم على التوالي الفريق أول سليمان عزت، الفريق أول فؤاد ذكري، الفريق محمود فهمي، والفريق شريف الصادق. يذكر أن الفريق أول سليمان عزت قائد القوات البحرية من عام 52 إلى عام 67 وهو رجل مشهود له بالكفاءة الفائقة في البحر وهو من أبرع من شهدته البحرية المصرية في هذا المجال. وقد عمل ببحار العالم عندما كان طالبًا ثم ضابطًا مبعوثًا من مصر ليتدرب لسنوات بالبحرية البريطانية، وتولى قيادة عديدًا من السفن الحربية واليخوت الملكية المصرية. والفريق أول سليمان عزت رجل جاد شجاع قبض على محمود العيسوي عوض الله قاتل الدكتور أحمد ماهر باشا 1945 وجرده من سلاحه حيث تصادف وجوده في البرلمان في ذلك الوقت. شارك عزت في حرب فلسطين عام 1948 وقام بقصف ميناء تل أبيب كرد على خرق إسرائيل للهدنة بينها وبين الجيوش العربية، وبدأ عزت الهجوم على الميناء لمدة 13 دقيقة بواقع 92 قذيفة، واستمرت المعركة لثلاث ساعات يوم 1 يناير 1949، ونفذت المهمة أهدافها وعادت بسلام. وأغرب الوقائع التي تروى عن عزت أنه حينما قامت ثورة 23 يوليو أعلن عن معارضته لها وقال قولته المشهورة (لا ملكية .. لا ولاء) .. وأمام هذا الموقف المحترم تعاملت معه الثورة كرمز وكرائد وأصبح رئيس أركان البحرية (وهو مسمى قيادة القوات البحرية في ذلك الوقت) ثم قائد القوات البحرية الدائم. وإذا كان ينسب إلى الفريق أول سليمان عزت وقائع تتعلق بتصرف شخصي فإن خصومه يشهدون له بكفاءة منقطعة النظير في أداء الواجب العسكري وصحوته الدائمة وحرصه على أن يكون في المنافسة صباحًا في مكتبه يباشر مسئولياته بكل معانى الإحساس بالمسئولية. ويعد الفريق أول سليمان عزت هو المؤسس الحقيقي للبحرية المصرية ففي عهده انتقلت البحرية المصرية من مجموعة زوارق وكاسحات خشبية وفرقاطتين إلى غواصات ومدمرات ولنشات صاروخية ولنشات طوربيد وضفادع بشرية وصواريخ ساحلية هذا بالإضافة إلى إنشاء الكلية البحرية الحديثة التي كانت تعد أكبر معهد علمي عسكري في ذلك الوقت ومراكز التدريب المجهزة وورش الصيانة والإصلاح التي لم يكن لها مثيل في مصر. وحين تولى عزت مسئولية عامة خارج النطاق العسكري لم يقصر بل حقق إنجازًا تاريخيًا رياضيًا غير مسبوق وهو حصول النادي الأولمبي في عهده لأول مرة على بطولة الدوري العام لكرة القدم. وكذلك نادى سموحة الذي حقق إنقاذه بشكل ثوري خلال هذه الفترة لكنه تركه عام 1967. ويذكر في عهده أن منعت الضفادع الإسرائيلية من انتهاز مفاجأة الهجوم الإسرائيلي في 5 يونيو ومحاولة الإغارة على ميناء الإسكندرية لتدمير الوحدات البحرية ولكن وحدات الحراسة البحرية أسرت أفراد الضفادع، وأثناء حرب 67 حققت القوات البحرية ما كانت مكلفة به من مهام ولم تصب بأي خسائر. ويذكر عن الفريق سليمان عزت أنه الوحيد الذي قدم استقالته بعد النكسة وأن الفريق أول محمد فوزي عندما عين بعد النكسة قائدًا عامًا للقوات المسلحة طلب منه ان يسحب استقالته ولكنه أصر عليها، وقد كرمه الرئيس جمال عبد الناصر في أمور كثيرة غير ظاهرة للعامة. والجديد بالذكر أن الاتحاد السوفيتي لم يكن يقبل ان يسلم دولة غير شيوعية لنشات صاروخية ولكن عزت أصر على الحصول عليها واستطاع ذلك بأسلوبه الخاص. كان سليمان عزت شجاعًا على المستوى الشخصي فلم يخجل أن يفتتح محطة تموين بنزين أول الطريق الزراعي ويديرها عقب تركه للقوات المسلحة وكان يديرها بنفسه وذلك لكى يسد نفقات المعيشة. كان عزت يعيش من أجل هدف تحقق في حياته وهو بناء قوات بحرية تحتل مكانة في المجتمع البحري العالمي وأن يؤسس مدرسة من الكوادر تسلم رايتها للأجيال جيل بعد جيل .. فإن تاريخ هذا الرجل مرتبط بتاريخ القوات البحرية. وأعظم ما أرسى الفريق أول سليمان عزت هو حرصه على تكريم المرأة المصرية متمثلة في السيدة عصمت هانم الإسكندراني (أم البحرية) حفيدة أمير البحار حسن باشا الإسكندراني الذي احتل الأسطول المصري بفضله مقدمة أساطيل العالم بعد أسطولي إنجلترا وفرنسا التي كانت تجلس وسط القادة في احتفالات التخرج السنوي وكانت تلقى كل التكريم من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقادة القوات المسلحة. حصل عزت على الميدالية التذكارية لحرب فلسطين ونوط الاستقلال 1956 ، والوسام العسكري من الدرجة الأولى 1961 ، ووسام النيلين من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة ، والوسام التذكاري لقيام الجمهورية العربية المتحدة. كرمته مصر بإطلاق اسمه على الدفعة 98 بحرية واليوم تطلق اسمه على لنش الصواريخ " امبسادور " الذي يُعد أول قطعة واول سلاح شبحي يدخل في الجيوش العربية قاطبة.