في زيارة له إلى برلين ضمن فعاليات تنظمها المنظمة الخيرية المسيحية الألمانية "الخبز للعالم"، حاورت DW عربية الدكتور القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر في زيارة له للعاصمة الألمانية برلين ضمن فعاليات تنظمها المنظمة الخيرية المسيحية الألمانية "الخبز للعالم"، كان لDW عربية حوار مع الدكتور القس أندريه زكي، حول الأحداث الطائفية في مصر والأزمات التي يواجهها مسيحيو الشرق الأوسط. DW عربية: ما هي برأيك التحديات التي يواجهها المسيحيون العرب الآن؟ الدكتور أندريه زكي: التحديات التي يواجهها المسيحيون العرب كثيرة. كان لدينا مجتمع مسيحي في العراق قتل جزء وشرّد جزء آخر منه. كما تناقص مسيحيو العراق إلى أعداد قليلة جدًا وما زالوا يعانون. ما يحدث في سوريا أيضًا أسوأ مما حدث في العراق، فقد تم تدمير الكنائس، وهناك مطرانان مخطوفان في حلب. الوضع كذلك سيئ في فلسطين، التي باتت نسبة المسيحيين فيها لا تزيد عن واحد في المائة من السكان، وفي لبنان هناك انقاسمات ولم يتبق في المنطقة إلا مسيحيو الأردن والملك عبد الله الثاني بن الحسين يعتني بهم، وأخيرًا مسيحيو مصر، لذلك أرى أن استقرار مسيحيي مصر هو من استقرار مسيحيي الشرق الأوسط. هل تعتقد أن هناك تفريغًا للمنطقة من مسيحييها؟ وما هي الجهود التي تقومون بها في سبيل تعزيز أوضاع مسيحيي الشرق الأوسط بصفتك رئيس الطائفة الإنجيلية؟ زكي: بدون شك يحدث تفريغ وهي لحظات مريرة. فما يحدث مؤلم ونحن نرفض التهجير والإبادة والاعتداءات ونحاول أن نتعاون مع مؤسسات ونستصرخ المؤسسات الدولية بأن الوضع في سورياوالعراق يجب ألا يترك هكذا. سيكون هناك مؤتمر ضخم لمسيحيي الشرق الأوسط الإنجيليين في نوفمبر المقبل لوضع أسس وبرامج جديدة لمحاولة حل تلك المشكلات. لدينا في الطائفة الإنجيلية الكثير من البرامج المهمة للسوريين واللاجئين، وهمنا الأكبر الآن أن يبقى مسيحيو الشرق لأنهم جزء حضاري مهم ولا طعم للشرق بدونهم. كيف ترى علاقة المسيحيين (الأقباط) بالدولة المصرية في الوقت الراهن؟ زكي: بالذات بعد الثلاثين من يونيو وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، كانت العلاقة في منتهى القوة وهي ما زالت قوية. صحيح أن الأحداث الطائفية الأخيرة خلقت إحساسًا لدى شريحة من المسيحيين بأن الماضي يعيد إنتاج نفسه، وهذه التوترات خلقت هزة في بعض العلاقات عند الناس وعلينا العمل على استرداد هذه الثقة من خلال العمل المشترك. لكنني أقول إن هناك يدًا خفية وراء ذلك. لا أؤمن بنظرية المؤامرة، ولكن البعض يريد تعكير العلاقات في مصر والبعض يريد هز علاقة الأقباط بالمسلمين. وقعت مؤخرًا أحداث طائفية بصعيد مصر. ألا ترى أن هذه مؤشرات على سوء أوضاع المسيحيين في مصر؟ زكي: التوترات الطائفية محزنة وهذا يدل على وجود بعض المتطرفين مما لا شك فيه. هذا أول الأسباب التي تجعلها تنتشر. ثانيًا، في بعض المرات يكون رد فعل المسؤولين بطيئًا أو ضعيفًا وغير حاسم، ما يعطي فرصة لزيادة الخسائر. ثالثًا، أهم ما يزيد من التوتر الطائفي هي المجالس العرفية، وسعدت بقول الرئيس عبد الفتاح السيسي إنه لا تطبيق للجلسات العرفية وأنه يجب تطبيق القانون. بالقانون أيضًا تم اتهام أطفال أقباط بازدراء الأديان وحبسهم. كان هذا تطبيقًا للقانون أليس كذلك؟ فهل تثق في تطبيق القانون؟ زكي: طبعًا أثق في تطبيق القانون. لكن أتكلم عن القانون الجنائي ورفض الجلسات العرفية. أما إذا تحدثنا عن قانون ازدراء الأديان، فأنا ضد أن يحبس أي إنسان نتيجة فكره أو رأيه، وطالبت بتغيير هذا القانون وفرض غرامات مالية أو غيره إذا حدثت أي سخرية حول الأديان، وأطالب بإلغاء القانون أو على الأقل تعديله. أما بخصوص الأطفال الأربعة، فهذا أمر مضحك. أنا لا أعلق على أحكام القضاء ولكن كيف أقبل الحكم على أربعة أطفال بالحبس خمس سنوات لأنهم سخروا من تنظيم "داعش"؟! لكن بعض المسيحيين ينتقدون تعامل الرئيس السيسي مع ملف الأقباط في مصر، مثل القمص مرقص عزيز، كاهن الكنيسة المعلقة السابق والذي يعيش الآن في الولاياتالمتحدة. فما رأيك في تلك الانتقادات؟ زكي: أنا أحترم كل أقباط المهجر ولكن بعضهم يتخذ مواقف راديكالية. من يريد أن يقول قولًا أو أن يقدم انتقادًا فليبق بيننا ولا ينتقدنا من الخارج. أرى أن السيسي يقوم بدور مهم للمسيحيين، فهو أول رئيس زار الكاتدرائية مرتين ولعب دورًا مهمًا في قانون بناء الكنائس وتحدث عن الأحداث الطائفية واستمع إلى الكنيسة حينما لم تسترح الكنيسة لبعض بنود القانون، ونحن قيادات دينية مستقلة ولا نجامل أحدًا ونقول ما يمليه علينا ضميرنا المسيحي. هل يشعر المسيحيون في مصر بالأمان؟ زكي: في المجمل نعم. لكن هناك إحساسًا عند البعض بعدم الرضا وعدم الراحة أو نوع من الجرح بسبب التوترات الطائفية. لكن أستطيع أن أقول إنهم في المجمل يشعرون بأمان، لأننا لا نريد أن نكون لاجئين. ما هو ردك على مزاعم بأن المسيحيين يهاجرون بكثافة من مصر؟ زكي: الأعداد التي تذكر غير حقيقية. أكبر عدد دخل إلى الولاياتالمتحدة في عام واحد مثلًا كان أربعة آلاف وأكبر قدر ترك مصر كانت في سنة حكم جماعة الإخوان المسلمين، وتلك السنة كانت فاصلة. لقد التقيت مسيحيين تركوا البلاد ويريدون العودة إليها الآن وبعضهم يعودون بالفعل حاليًا. قانون الكنائس الجديد، هل يزيل بعض المشكلات الطائفية أم أن هذا تمييز بإصدار قانون خاص للكنائس دون غيرها من دور العبادة، حيث كانت المناداة من قبل بقانون موحد لدور العبادة في مصر؟ زكي: أرى أنه قانون أعطى المسيحيين حقوقًا هامة افتقدناها عقودًا طويلة. لم يحدث اتفاق على قانون موحد لدور العبادة وكنت أتمنى أن يكون هناك قانون موحد، ولكن للموافقة عليه يجب أن تؤخذ كل الآراء، ولدى المؤسسات الإسلامية والمسيحية هذا يأخذ وقتًا طويلًا جدًا. لكن تم الاتفاق على قانون بناء الكنائس الذي غير وضعًا صعبًا لبناء الكنائس منذ 160 عامًا، والآن يجب النظر إلى تنفيذ روح هذا القانون. كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية الواقعة بالقرب من ميدان التحرير كان لها دور أثناء الثورة المصرية. ما رأيك في أن البعض يرى تراجعًا من الطائفة الإنجيلية لمؤازرة الثورة؟ زكي: كنيسة قصر الدوبارة هي جزء منا وكنائس أخرى، وهم يقومون بدور هام ونحن مع دعم الدولة المصرية ونؤمن أن الكنيسة تهتم بالشأن العام ولا تعمل في السياسة، وهناك فارق بينهما. فاللحظات الثورية لها وضع خاص. يمكننا أن نتحدث عن حقوق الإنسان وعن العدل وعن أوضاع الفقراء، ولكن لا نعمل بالسياسة. إذا لم تكونوا تعملون في السياسة، لماذا طلبت - وأنت رجل دين تمثل الطائفة الإنجيلية - من المصريين في أمريكا استقبال الرئيس السيسي؟ زكي: لم نرسل لرجال دين ولم أذهب إلى هناك، ومن ذهبوا إلى هناك ذهبوا على نفقتهم الشخصية ولم يكن هناك حشد. ألم تطلب منهم ذلك؟ زكي: لقد شجعت المسيحيين على الخروج لاستقبال رئيسهم وأن يؤيدوا مصر في اللحظة الراهنة، لأن مصر تحاك ضدها المؤامرات. كوني أشجع استقبال الرئيس وكوني أشجع الدولة المصرية جزء من مسؤوليتي الإيمانية وليس عملًا سياسيًا. حييت الحكومة في أكثر من موقع. ففيم تنتقدها؟ زكي: انتقدها في الملف الاقتصادي الذي أرى أنه يحتاج إلى اهتمام خاص، حيث أن المهمشين يزدادون فقرًا. ثانيًا، أعتقد أن الوقت قد حان لدراسة عميقة لمفاهيم حقوق الإنسان في مصر، وإسراع الإجراءات القضائية، لأن قضية حقوق الإنسان يتم المتاجرة بها واستغلالها ضد مصر. أما في قضايا التوتر الديني والطائفي، أقول إنه يجب التعامل معها على أنها قضايا مجتمعية وعيش مشترك وليس من منظور أمني فقط، فهي تتجاوز ذلك بكثير. وأخيرًا أدعو ليس فقط لتجديد الخطاب الديني بل وإلى خطاب ديني وثقافي جديد تمامًا، يجب أن تكون الدولة، ممثلة في وسائل الإعلام ومنظومتي التعليم والثقافة، ممثلة فيه أيضًا. أجرت الحوار: وفاء البدري هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل