يهل رمضان علينا فتنتشر معه أجواء البهجة، وتظهر خلال أيامه التي تمر سريعا كنسيم عابر، بعض المظاهر الاحتفالية في كافة أرجاء مصر المحروسة والتي تتنوع ما بين الفوانيس الملونة والزينة المبهجة التي تتزين بها المباني في كل مكان احتفاءً بالشهر الكريم، بالإضافة إلى أنغام الأغنيات الرمضانية التي يردد المصريون كلماتها ويحفظونها عن ظهر قلب ويرحبون بشهر الصوم ولياليه بغنائها. واحتفاء المصريون بشهر رمضان يمتد أيضا إلى موائدهم، من خلال الأطعمة والمشروبات التي يتم إعدادها والتي ترتبط بشكل خاص بالشهر الفضيل، فقمر الدين والتمر الهندي والسوبيا والخروب مشروبات لا غنى عنها عند الإفطار، أما القطائف والكنافة فهما من معالم شهر الصيام في مصر. ولا يمكن لأحد أن يأتي ذكر رمضان أمامه دون أن تمر في ذهنه صورة "الكنفاني" الذي يرسم ب"كوز" العجين خيوط الكنافة البلدي في حنكة ومهارة على هيئة دوائر متوازية أشبه برسم لوحة فنية تتطلب قدرات ومهارات خاصة، فشكل الكنافة الدائري على الصينية النحاس أمام الكنفاني يعكس دقة متناهية ويوحي بعلم بأصول المهنة، فكم العجين "مظبوط" والنتيجة "لا يعلى عليها" وتوقيت "لم" الكنافة مظبوط تماما، مما يظهر خبرة اكتسبها الكنفاني عبر سنوات كثيرة. ومع تطور المعدات، ظهرت الكنافة الآلي التي نافست البلدي وبقوة، ولكن الكثير من المصريين لا يزال ارتباطهم بالكنافة البلدي على حاله، فهي بالنسبة لهم تراث ورمز لذكريات ارتبطت بها أرواحهم في شهر الجود والكرم، هذا بخلاف طعمها الذي ينتظره محبو الكنافة البلدي من "السنة للسنة"، وكأن لسان حالهم يقول "البلدي يوكل".