هم مجموعة من المخلصين في وزارة الداخلية حملوا أرواحهم على أكفهم، وواجهوا المخاطر بقلوب لا تهاب الموت، إيمانا منهم برسالتهم في حفظ الأمن وحماية المواطنين. مؤخرا وقعت أحداث عديدة أبطالها أفراد من الشرطة، ضحوا بحياتهم في سبيل إنقاذ الآخرين.. منهم من استشهد وهو يحاول إنقاذ أطفال صغار من الموت حرقا، ومنهم من اغتالته رصاصات الغدر وهو يقاوم عصابة للسرقة بالإكراه.. ومنهم سقط ضحية لهجمات شنتها عناصر إرهابية متطرفة.. "فيتو" في السطور التالية ترصد بعض الحكايات من دفتر بطولات وتضحيات رجال الشرطة. السويس: الباز وأحمد في مهمة مستحيلة الحكاية الأولى دارت أحداثها المثيرة في أحد أحياء محافظة السويس.. أبطالها 3 من صغار رجال الشرطة هم: الأمين حامد الباز، والرقيب بهاء أحمد، والشرطى خالد عبد السميع.. الثلاثة كانوا متواجدين في مقر عملهم بإدارة الحماية المدنية بالسويس، وعلى استعداد تام للقيام بواجبهم في أية لحظة.. فجأة انطلق جرس الإنذار معلنا عن وقوع حريق هائل في أحد العقارات السكنية بدائرة قسم السويس.. وفى دقائق معدودة أنهى الشرطيون الثلاثة استعداداتهم وانطلقوا بسيارات الإطفاء مع باقى زملائهم إلى مكان الحريق.. كانت ألسنة اللهب تخرج على نحو مخيف من نوافذ الشقق السكنية الواقعة في الطابقين الخامس والسادس.. سمع الشرطيون الثلاثة أصوات استغاثات تصدر من شقة بالطابق الخامس، وأخبرهم الأهلي بأن النيران حاصرت أسرة مكونة من أب وأم و3 أطفال صغار.. دون تردد هرع "الباز وأحمد وعبد السميع"، إلى الشقة فوجدوها وقد تحولت إلى كتلة كبيرة من اللهب.. ولأنهم يؤمنون برسالتهم، فقد اقتحموا النيران واستطاعوا إنقاذ الأسرة كاملة. قبل أن يخرج الأبطال الثلاثة من المبنى المحترق، فوجئوا بأصوات استغاثات أخرى تصدر من شقة في الطابق السادس، الذي امتدت إليه النيران أيضا.. ودون تفكير صعدوا السلالم وعندما دخلوا الشقة، وجدوا ألسنة اللهب تتطاير في كل مكان، فيما حاصرت النيران أسرة كاملة من كل مكان. كان الموقف حرجا وعملية الإنقاذ شبه مستحيلة.. تبادل الثلاثة نظرة تعنى عزمهم على إنقاذ هذه الأسرة مهما كلفهم الأمر.. ألقوا بأجسادهم وسط النيران التي أمسكت في ملابسهم.. تحملوا الحروق وشدتها وانتشلوا أفراد الأسرة المذعورين من ألسنة اللهب المتطايرة، وأنقذوهم جميعا من الموت حرقا. عندما خرجوا بعيدا عن العقار المشتعل، كانت النيران قد أتت على أجسادهم، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقى العلاج، غير أن إصابات الأمين حامد الباز، والرقيب بهاء أحمد، كانت بالغة الخطورة، وتوفيا متأثرين بها، أما زميلهما خالد عبد السميع فقد نجا من الموت، إلا أن جسده يعانى من حروق شديدة. وفى موكب جنائزى مهيب ودع أهالي مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، البطلين الشهيدين إلى مثواهما الأخير.. وعن بطولاتهما قال بعض زملائهما: "الشهيدان كانا نموذجا يحتذى في الأخلاق الحميدة، والجرأة والإقدام على اقتحام الصعاب.. كان لديهما استعداد دائم للموت في سبيل إنقاذ أرواح الآخرين، وكثيرا ما كانا يتحدثان عن الشهادة، وقد نالاها بشرف". الشرقية: خفير نظامى في مواجهة قطاع الطرق ومن السويس إلى محافظة الشرقية، التي شهدت أحداث الحكاية الثانية.. أبطالها أيضا 3 شرطيين هم: الأمين عبد البارى على، والأمين محمد شريف، والخفير النظامى عبده حامد.. والثلاثة يقيمون في مناطق متجاورة بدائرة مركز منيا القمح بالشرقية.. في طريقهم إلى العمل، التقوا بالصدفة بالقرب من إحدى القرى.. تبادلوا أطراف الحديث في أمور شتى.. وفجأة وقعت أعينهم على عصابة من عدة أشخاص، وقد أوقفت مواطنا بسيطا، وأشهرت في وجهه السلاح، وراح أفراد العصابة يهددون ويضربون ضحيتهم، لإجباره على إخراج ما بحوزته من أموال وتسليمهم متعلقاته الشخصية. على الفور هرع الشرطيون الثلاثة لنجدة المواطن وإنقاذه من بين أيدى أفراد العصابة، غير أنهم فوجئوا بالعناصر الإجرامية تطلق النار عشوائيا عليهم.. لم ترهبهم الرصاصات وأصروا على تنفيذ المهمة، وبدءوا يتبادلون إطلاق النار مع المجرمين. أصابت رصاصات الغدر الخفير النظامى فسقط شهيدا في الحال، فيما أصيب أمينا الشرطة بإصابات بالغة، ورغم ذلك واصلا مطاردة اللصوص، وأنقذا المواطن من السرقة بالإكراه. وعن الخفير الشهيد قال زملاؤه في العمل وجيرانه: "عبده كان متفانيا في عمله محبا للجميع، يقدر المسئولية ويدرك أهمية عمله رغم أنه من صغار رجال الشرطة وبسطائه.. كان متعاونا إلى أقصى درجة، ولا يهاب مواجهة المخاطر". شمال سيناء: الرائد "دبور" صائد العناصر الإرهابية ومن الشرقية إلى محافظة شمال سيناء، والتي كانت أرضها شاهدة على عشرات البطولات لرجال الشرطة، سواء من الضباط أو الأفراد أو المجندين.. ومن بين هؤلاء الأبطال يبرز اسم الرائد خالد دبور الضابط بقوات أمن شمال سيناء الملقب ب "صائد المتطرفين والمجرمين".. كانت سعادته بالغة عندما التحق بالعمل في الشيخ زويد رغم المخاطر الشديدة التي قد يتعرض لها. ومنذ اليوم الأول له في تلك المنطقة الملتهبة، عقد العزم على مطاردة العناصر الإرهابية والمتطرفة والإجرامية.. اعتاد الخروج في دوريات مكثفة ليلا ونهارا، وفى كل مرة كان يرجع وفى يده عدد من المطلوبين أمنيا. مع الوقت وتزايد نشاطه أصبح مطلوبا وبشدة لدى قوى الشر، ونصبوا له وللقوة التي يقودها أكثر من فخ، وكان ينجو في كل مرة.. محاولات استهداف الرائد "دبور" ضاعفت حماسه ونشاطه.. يقول بعض زملائه: "كان يعشق عمله ولا يفكر في أي شيء سوى في تطهير أرض سيناء من وباء الإرهاب. في كل مأمورية يخرج فيها كنا نشعر بأنه ذاهب إلى نزهة، وبعد كل محاولة استهداف له كان يسخر من المتطرفين، ويزداد إصرارا على إنجاز مهامه.. كان حريصا على زملائه من الضباط والأفراد والمجندين، وفى المهام الخطرة كان هو في الصدارة دائما". كانت منطقة "الخروبة" جنوب الشيخ زويد ذات الطبيعة الوعرة، ملاذا للعديد من أعضاء التنظيمات الإرهابية، ومنها يخرجون لتنفيذ عملياتهم التخريبية ضد قوات الأمن واستهداف المنشآت العامة، لذلك حرص الرائد خالد دبور والقوة المرافقة له على تنظيم دوريات بها بشكل مكثف، تسببت هذه الدوريات في تقييد حركة المتطرفين، وعجزوا عن تنفيذ عمليتهم الإرهابية، فقرروا التخلص من تلك الدورية المزعجة مهما كلفهم الأمر. أعدوا عبوات ناسفة شديدة الانفجار، وزرعوها على الطريق الذي تسلكه الدورية.. وعندما جاءت القوت لممارسة عملها المعتاد انفجرت العبوة الناسفة فيها، وأسفر الانفجار عن سقوط "الرائد دبور" شهيدا، فيما أصيب 3 مجندين مرافقين له بإصابات مختلفة وهم: أيمن السيد، وعلى محمد، وأحمد عبد السلام".