«بى إم» دينا دهست حسام ابوالفتوح « تطوير الصواريخ» أطاح بأبو غزالة وأصابع المخابرات الأمريكية ليست بعيدة تنظيم الشواذ للتغطية على بيع القطاع العام فشل النظام البائد فى تخطى الأزمات الكثيرة التى صنعها بعجزه تارة وتخاذله وخيانته للأمانة تارة أخرى، لذلك كان يلجأ إلى سلاح الفضائح للتقليل من شأن معارضيه أو التخلص منهم أو للتغطية على أزماته حتى ينشغل الرأى العام بالقيل والقال، ويخوض فى الأعراض متناسياً الهموم التى يعيشها والأزمات الحقيقية التى وضعه فيها نظام الرئيس المخلوع. كانت أبرز عناوين الفضائح التى صنعها إعلام المخلوع وحواريه تلك المتعلقة بالمنافس القوى لمبارك المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وقد أتت هذه المسرحية بثمارها ونجح المخلوع فى الإطاحة بالمشير وتشويه صورته ويبدو أن النظام أدمن تلك المسرحيات الفضائحية فكلف حراسه بتأليف العديد منها واخراجها للنور كلما تعثر وعجز عن القيام بمسئولياته. لكن هل كان المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة برىء الذمة فى فضيحة لوسى آرتين؟! أم أنه كان بالفعل على علاقة بها كما انتشر وقتها؟! الوحيد القادر على الإجابة عن هذه الأسئلة هو «اللهو الخفي» الذى نسج خيوط الفضيحة وكشفها فى النهاية لينهى بها أسطورة المشير أبو غزالة الرجل الثانى فى الدولة فى تلك الأثناء فالمشير كان رجلا مقبولاً فى الشارع كما أنه قائد استطاع أن يحوز على قلوب ضباطه فى الجيش، وقد ذكر الكاتب البريطانى «روبرت سيرنجبورج» فى كتابه «مصر مبارك تفكيك النظام السياسي» أن موقف مبارك ازداد حرجا أمام أبو غزالة عندما اندلعت المظاهرات التى قامت بها قوات الأمن المركزى فى 52 و62 فبراير 6891 مما زاد من شعبية أبو غزالة لدى الشعب وأضطر بعدها لإقالة وزير الداخلية اللواء أحمد رشدي، وكانت الولاياتالمتحدة تعتبره رجلها فى مصر، حتى ثبت لها العكس بسبب قضية الكربون، حيث استطاع ضابط من الجيش المصرى اسمه عبد القادر حلمى أن يصل إلى معادلات الكربون التى تصنع الصواريخ لكن المخابرات الأمريكية وقفت فى طريقه وأكتشفوا أن «أبو غزالة هو من يدعمه فأيقنوا أنه بات خطرا عليهم ففى عام 9891 أثناء زيارة مبارك للولايات المتحدة وهى تحت إدارة بوش الأب، أشار الرئيس الأمريكى إلى ضرورة أن يترك أبو غزالة منصبه فى أسرع وقت. بالإضافة إلي ذلك فإن شركة الأجنحة البيضاء المسئولة عن صفقات التسليح المصرى فى تلك الأثناء، وعمولات صفقات الأسلحة التى كان يتشارك فيها مبارك وأبو غزالة وحسين سالم ومنير ثابت كانت من الأسباب التى دفعت مبارك للإطاحة بالمشير «أبو غزالة» وبالفعل فى 61 أبريل 9891 طلب مبارك من «أبو غزالة» زيارته فى القصر الجمهورى بزيه المدنى فاعتقد أبو غزالة أنه سيحلف يمين نائب الرئيس لكنه حلف يمين مساعد الرئيس وهى وظيفة بروتوكولية لا قيمة لها اخترعها مبارك للإطاحة بالمشير وحتى يسكت الرئيس ورجاله الجبهة الشعبية للمشير كانت لوسى آرتين وفضيحتها التى ظهرت فى الصحافة والبرلمان فى مارس 3991 وعرفت إعلاميا «بقبلة بير السلم» وهو التعليق الذى أطلقه الدكتور عاطف صدقى رئيس الحكومة وقتها على تلك الفضيحة وفضيحة لوسى آرتين لم تحرق المشير وحده بل أطاحت باللواء فادى الحبشى مدير المباحث الجنائية سابقاً، واللواء حلمى الفقى مدير الأمن العام وقتها وكذلك أطاحت بأحد قضاة السويس كما أطاحت بالدكتور مصطفى الفقى سكرتير الرئيس للمعلومات آنذاك. فى عقد التسعينيات شهدت الجبهة الداخلية للبلاد اضطرابات كثيرة بسبب تزايد حوادث العنف والإرهاب بشكل كان يمثل خطورة على الأوضاع، وقد تزايدت تلك الحوادث بصورة كشفت ضعف جهاز الشرطة فى منع الإرهاب وزاد الأمر سوءاً بعد حادث فندق أوروبا بالهرم ثم حادث المتحف المصرى أيام اللواء حسن الألفى وزير الداخلية الأسبق، الذى رأى مستشاروه وقتها أن تأمين الجبهة الداخلية يبدأ بالجنس ووجدوا فى وفاء عامر وحنان ترك ضالتهم لصرف الرأى العام عن حوادث الإرهاب إلى النميمة والخوض فى أعراض الفنانات فكانت قضية الآداب الشهيرة للفنانتين فى ذلك الوقت وقد ظهرت براءتهما فيما بعد واعترف الدكتور كمال الجنزورى أثناء رئاسته للحكومة بتلفيق الداخلية لهذه القضية. كذلك يربط الصحفى حمادة إمام فى كتابه «سقوط رجال الرئيس» بين قرارات حكومة الدكتور عاطف عبيد عام 3002 لتحرير سعر صرف العملة وتعويم الجنيه والقضية التى شغلت الرأى العام وهى فضيحة رجل الأعمال حسام أبو الفتوح والراقصة دينا، خاصة أن شريط الفيديو الخاص بهما تم تحريزه فى قضية ليس لها علاقة بالأخلاق وإنما قضية متعلقة بالاستيلاء على أموال البنوك والحصول على قروض بضمانات وهمية ويذهب صاحب كتاب «سقوط رجال الرئيس» إلى أن تأثير «فضيحة حسام أبو الفتوح ودينا» ظهر بوضوح من خلال رد فعل الشارع المصرى على القرار الذى تردد كل رؤوساء وزارات مصر قبل د. عبيد فى اتخاذه فعندما بدأت الحكومة فى تطبيق القرارات الجديدة لم تجد أى معارضة وتم كل شىء بمرونة وسهولة أصابت الخبراء الاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع بالحيرة، وكان اختيار حسام لتصفيته بالفضيحة الجنسية مقصوداً فالرجل وقتها تجاوز الخطوط الحمراء وتصادم مع الكبار وهددهم بكشف المستور وتوقف عن توريد العمولات. ذات مرة رأت حكومة عاطف عبيد أن فضائح النساء باتت مستهلكة فتفتق ذهن القائمون عليها عن نسخة جديدة من الفضائح جديدة على المجتمع المصرى وهى قضية «جماعة لوط» وذلك لصرف نظر الشعب عن أخبار بيع الوطن، ونهب ثروات البلاد إلى أخبار الفضائح الجنسية وعالم الشواذ للشباب، حيث انتشرت الأخبار فى الصحف عن تنظيمات الشباب الشاذ، والعلاقات الجنسية المثلية التى ادعت وزارة الدخلية أنها ألقت القبض على تنظيمات تروج للفجور فترك الناس الوطن لناهبية وذهبوا خلف النميمة. من جانبه يرى جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة أن اللهو الخفى ما هو إلا صراع داخل هيكل النظام السياسى بفعل بعض الأفراد الذين عليهم وظيفة تمرير السياسة من خلال إلهاء المجتمع عن بعض الأمور السياسية والتى تقتضى تمريرها دون توجيه النظر إليها ويكون نوع الصراع فيه قائم بين الأنظمة الحاكمة والمجتمع. ويؤكد عودة أن صناعة الأزمة جزء من صناعة القرار لتوجيه السياسة والرأى العام لشئ آخر من خلال صناعة أزمة تستحوذ على فكر المجتمع وتقوم بإلهائه عن التفكير فى أمور بعينها، وهناك أنظمة قائمة على صناعة الأزمات وتكون هذه الأزمات مفاجأة وتأخذ مدى زمنى قصير حتى لا يتطرق المجتمع لتحليلها ويصل إلى أنها وهم. ويوضح الدكتور محمد حسين أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة أن النظام يلجأ إلى خلق فضائح أو شائعات أو صناعة أزمات وإلحاق التهم بالآخرين كوسيلة لإلهاء المجتمع عن حقائق، وما يحدث من تلك الأفعال لا تعدو مجرد شطحات حتى تصبح حقائق رغم كونها وهمية لصرف أنظار الرأى العام والمجتمع عن واقعة معينة والنظام السياسى فى أى دولة يكون مثلا الساحر الذى يجعل فى جعبته الكثير من الحيل والخدع وألوان السحر يخرجها فى أوقات معينة.