في مجلة «المصور» عام 1955 كتب صالح جودت مقالا يقول فيه: ألغت الثورة المحاكم الشرعية لا لتلغى الشريعة الغراء، بل لتحتفظ بها وتحفظ عليها ما هي أهل له من التوقير والتبجيل والاحترام. ونريد من الثورة بعد هذه الخطوة الجليلة أن تحتفظ بالعمامة على غرار ما احتفظت بالشريعة، نريد من الثورة أن تحفظ على هذه العمامة - وهى رمز الشريعة في عيون الناس عزتها وكرامتها عند الله والناس. الشيخ الجليل مفتى الديار يشكو لكل الصحف ما لقى من سوء أدب بعض الناس منذ أسابيع حين كان مارا بطريق الكورنيش فتناثر الغمز واللمز حول عمامته الجليلة، وأنا واثق أن هذا البعض من الناس لو عرف أن المار هو الشيخ الجليل مفتى الديار المصرية لما كانت نصيبه منهم إلا كل إجلال، لكن الحقيقة التي لا أظن أنها فاتت الشيخ الجليل ولا فاتت رجال الثورة ولا فاتت المواطنين، هي أن العمامة قد هانت في نظر البعض لأنها وضعت على رءوس لا تستحق هذا الشرف. العمامة الآن مباحة على كل رأس مهما قل نصيبها من العلم أو الفضل أو الخلق، العمامة التي تضع على رءوس أفاضل العلماء من رجال الأزهر وأئمة الشرع والورع والتقوى هي نفس العمامة التي تضع على رءوس المتسولين من محترفى القراءة على أضرحة الموتى. لبس العمامة حلال للعامل والتاجر والفلاح ورجل الشارع دون أن تكون لأحد منهم صلة بالدين، لبس العمامة حلال للمجاذيب والأفاقين والدجالين الذين يجترحون كرامة الدين وراء أضرحة السيدة زينب والإمام الشافعى والحسين وبقية أولياء الله الصالحين. وفى البارات والحانات والكباريهات تجد أناسا يضعون العمامة على رءوسهم والكئوس في أيديهم والغانيات حول مجالسهم. إننا نطالب الثورة وهى بسبيل تطهير المجتمع والحفاظ على كرامة الدين أن تحظر وضع العمامة إلا على رأس الجدير بها فلا يلبسها إلا رجل الدين الذي يحمل إجازة علمية من الأزهر.