تقرير حقوقي يتهم أداء ضباط القسم ب«الانتقامى والثأرى» يرى حقوقيون أن قسم شرطة المطرية، يعد واحدا من أخطر أماكن الاحتجاز في مصر، مستندين في حكمهم إلى أن مقر الاحتجاز به شهد وحده 14 حالة وفاة خلال العامين الماضيين، وكان النائب العام تلقى في أكتوبر الماضى بلاغا حمل رقم 1398 لسنة 2015 عرائض النائب العام، من أسرة عادل عبد السميع، الذي لقي مصرعه في الشهر ذاته داخل الحجز، للتحقيق في ملابسات وفاته بعد تواتر شهادات عن تعذيبه، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وأفادت أسرة الضحية بأن جسده كان متخما بإصابات وكدمات وسحجات وجروح وحروق في مناطق مختلقة ومتعددة بجسده. هذه الواقعة وغيرها من وقائع أخرى دفعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلى إصدار تقرير عن مقر حجز قسم شرطة المطرية، ووصفته بأنه أصبح من أخطر الأقسام على حياة وحقوق المحتجزين، لا سيما أنه شهد 14 حالة قتل خلال العامين الماضيين. وبحسب التقرير، فإن "قسم المطرية يعتبر مثالا لما يحدث عند إطلاق يد الشرطة مع اطمئنانهم على الإفلات من العقاب، فنرى أداءهم الانتقامى والثأرى مع المحتجزين سواء كانوا سياسيين أو جنائيين"، مرجعا تلك الحالة إلى واقعة استشهاد رئيس مباحث القسم وائل طاحون على أيدى متطرفين في أبريل الماضي. المبادرة حمّلت ضباط قسم المطرية مسئولة مقتل المواطن عادل عبد السميع الذي توفى 22 أكتوبر الماضى، وهو رهن الاحتجاز، نافية ما وصفته ب ادعاء الداخلية وفاة المحتجز نتيجة لمرض جلدي، وهو الأمر الذي لا يتفق مع وجود إصابات واضحة بكافة أنحاء جسده مثل إطفاء السجائر والجروح القطعية الظاهرة للعين المجردة"، بحسب نص التقرير. كما دعمت المبادرة تقريرها بتفاصيل الأزمة التي نشبت بين نقابة الأطباء ووزارة الداخلية، على خلفية اعتداء أمناء شرطة بالقسم على أطباء بمستشفى المطرية العام، عندما رفضوا تحرير شهادة طبية غير صحيحة. على مدى العامين الماضيين تصدر قسم المطرية قائمة أماكن الاحتجاز في مجال الوفيات نتيجة للتعذيب بإجمالى 14 حالة قتل داخل أماكن الاحتجاز بسبب التعذيب - بواقع 6 حالات خلال عام 2014 و8 حالات خلال عام 2015، وفى شهر فبراير 2015 قام ضابطا الأمن الوطنى بتعذيب المحامى كريم حمدى حتى الموت وفى ديسمبر 2015 حكمت عليهما محكمة جنايات شمال القاهرة بالسجن 5 سنوات، بحسب ما ورد في التقرير الحقوقى. كانت قوة من قسم المطرية ألقت القبض على عادل عبد السميع في المطرية للاشتباه في سرقته هاتف محمول في 4 أكتوبر الماضى، وفى مساء ذات اليوم أتت قوة لتفتيش المنزل وكانت آثار الضرب واضحة على وجه الضحية وآثار الدماء على ملابسه من آثار التعذيب، وبعد التفتيش وعدم العثور على شيء تم اقتياده إلى قسم المطرية. وقررت النيابة العامة حبسه 4 أيام على ذمة التحقيق بتهمة سرقة تليفون محمول، ثم أتبعتها بحبسه 15 يومًا على ذمه التحقيق، قضاها كلها في قسم المطرية، حتى لقي حتفه. وبحسب التقرير يعد السبب الرئيسى وراء تكرار حالات التعذيب في مصر هو عدم وجود رقابة على أماكن الاحتجاز بالمعنى الحقيقى فلا تفتيش يتم على الأقسام ولا يوجد مساحة للسجناء للشكوى ولا يسمح بالزيارات المفاجئة لجهات مستقلة، كما يشعر رجل الشرطة بأنه معصوم وأنه سوف يفلت من أي محاولات لمحاكمته!. ونوه التقرير إلى أن الإفلات من العقاب في جرائم التعذيب يعنى عدم التمكن قانونيًّا أو فعليًّا من إلقاء المسئولية على مرتكبى هذه الانتهاكات في الدعاوى (سواء أكانت المسئولية جنائية أو مدنية أو إدارية أو تأديبية الطابع) ويعود ذلك إلى قصور النصوص المجرِّمة للتعذيب والإيذاءات البدنية، إفلات الأشخاص في كل تحقيق يسمح بتوجيه التهمة إليهم وبتوقيفهم ومحاكمتهم لتمتعهم غالبًا بصفة الموظف العام مما ينعكس على التحقيقات فتتسم بعدم الجدية والتباطؤ، طمس أدلة الجريمة التي تقوم بجمعها الشرطة، عندما يتم توجيه الاتهام إلى رجالها، وعدم وجود ضمانات كافية لحماية الشهود، وفى حالة ثبوت الاتهامات تصدر الأحكام بعقوبات غير مناسبة لجرم الفعل وليس للضرر الواقع على الضحية. المنظمة الحقوقية شددت في تقريرها على أن الدستور المصرى والمواثيق الدولية يؤكدان مسئولية الدولة في حماية وصيانة أراوح المحتجزين لديها، فالمادة 52 من الدستور تؤكد أن "التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم"، وبالمادة 55 من الدستور والتي تنص على "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون."، كما أفردت المواثيق الدولية الكثير من النصوص لمعالجة الانتهاكات داخل أماكن الاحتجاز، حيث نصت المادة 7 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، الذي أقرته مصر وفقًا للقرار الجمهورى 537 لعام 1981 "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"، كما أوضحت اللجنة في تفسيرها العام رقم 2 بأن على الدول مسئولية توفير الحماية للأفراد المحتجزين من التعذيب ومن المعاملة القاسية. وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية جهات التحقيق باتخاذ إجراءات جدية للكشف عن الجناة الحقيقيين في قضايا التعذيب بمقار الاحتجاز وعدم التباطؤ الذي قد ينتج عنه الإفلات من العقاب مشيرة إلى أن جهات التحقيق يجب عليها مراجعة الأدلة المقدمة من الشرطة بما أنها الخصم في مثل تلك القضايا وتطالب الدولة بمراجعة تشريعاتها الداخلية والتصديق على البروتوكول الإضافي لمناهضة التعذيب وذلك حتى تتمكن من الالتزام بتعهداتها الدولية.