لقد وصلنا لمرحلة الجميع علم فيها أن ثمة فوارق جوهرية تفصل بين المصرى وأخيه الذي يشاركه نفس الأرض ونفس الشكل الهيكلى للدولة ولكن ليس بالطبع نفس الحقوق والواجبات، لذا فكلمة (مواطن) ليست صحيحة في الاستخدام وليست بالدقة الكافية لكى تصف مصريا وآخر يفصل بينهما حوائط عازلة من التمييز على أسس ليست دينية أو إثنية فالأصل العنصرى المصرى أغلبه واحد بل إن التمييز صار على أسس اجتماعية تتعلق بالنفوذ وبالمنصب وبالثروة.. والجديد هو بالإقليم والمكان والمكانة الاجتماعية أيضا.. كيف ذلك ؟ ! لقد قرأنا جميعا تصريحات عنصرية لمسئول في المجلس الأعلى للتعليم الجامعى تهون وتهين وتتدنى بقيمة المصرى القادم من الأقاليم وخاصة المصريين الصعايدة لأنهم في نظره يرتكبون جريمة كبرى بمزاحمة أهل كايرو في المواصلات والبقاء بين جدران تلوث المحروسة وعدم الرجوع لنجوعهم وقراهم بعد الدراسة في كليات من نوعية الاقتصاد والعلوم السياسية مثلا.. نشرت ذلك الزميلة (الشروق) ولم يعقب أحد من المسئولين الكبار عندنا ولم يقل الرجل بل ولم يُحاكم حتى الآن بتهمة العنصرية وازدراء المصريين! وإحقاقا للحق.. أو بالأحرى إقرارا للظلم، فهذا القرار مطبق بالفعل من العام الدراسى الماضى ولم أصدق وقتها أن هذا أمر واقع وحادث بالفعل وذلك من فرط سذاجتى ولمخالفته الصريحة لبنود الدستور المصرى الذي صار حبرا على ورق في نظر كل مسئول يمتلك القوة وينفذ ما يراه يتوافق مع دستور سيادته فقط وكفى به دستورا ! بالطبع هذا يعيدنا لحديث مشهور جدا للسيد إبراهيم محلب رئيس الوزراء عن أنه (مفيش دولة) تذكرة المترو فيها بجنيه واحد فقط.. نعم يا سيدى والله عندك كل الحق، مفيش دولة من أساسه، مفيش دولة تقوم على التمييز، مفيش دوله تختلق عنصرية في التعليم والوظائف وفي الشواطئ وربما قريبا يتحفنا بالطرق ويتم فصل شوارع لمن تراهم دولته يليقون بشوارعهم وشوارع تليق ببقية الرعاع من عمال وفلاحين وغلابة أمثالنا! أيضا مفيش دولة تخترع قانونا للعمل ينطبق على من تراهم ضعفاء فقط وتستثنى كل الأقوياء والمحظوظين والأقارب والأحباب من هذا القانون، فلو كان قانون الخدمة المدنية قانونا دستوريا لنطبق على جميع من يعملون في هذه الدولة ويقبضون رواتبهم الفلكية منها بجانب من يقبضون ملاليم لا تكفيهم لستر أنفسهم، نعم هذا دستور سيادته وليس دستور مصر ولتبحث عن هذا السيد لتراه كل وزير أو مسئول أو باشا كبير يقر ويسن ما يراه مناسبا لإفقار من دونه وإثراء شريكه في مصر الخاصة به والتي يعرفها والتي كان يسميها نبلاء يناير التكية! وربما كانت التكية أفضل حالا مما نحن فيه، فلو كان هذا القانون هدية الوزير أشرف العربى لإصلاح الجهاز الإدارى لمصر التي يعرفها، ألا يعتبر نفسه من هذا الجهاز هو والسيد محلب وبقية السادة المحظوظين فيطبقه فورا على وزرائه ومجلس الوزراء ولا يستثنيهم أم أنه يرضى بالترهل والفساد أن يبقى ويستمر وينمو بلا نهاية بعيدا عن قانونه العبقرى الإصلاحى الفذ ! أم أن هذا القانون يحجم من رواتب ومزايا من ينطبق عليه، لذا فهم يميزون ويحمون أنفسهم بعيدا عن مواده التي لا يرضونها على أنفسهم؟، هذا هو حديث الشارع ولا يحتاج لصياغة أدبية من كاتب أو صحفى لتوضيحه وتلك هي الأسئلة التي يعرف الجميع إجابتها طالما كان القانون ليس قانون الجميع بل قانون سيادته والدستور ليس دستور مصر بل دستور معاليه ! [email protected]