داخل بيت لم يكن بعيدًا عن الساحة السياسية، عاش مصطفى أمين لأب هو المحامي الشهير «أمين أبو يوسف» وأمه «خالها الزعيم سعد زغلول»، ليسجل يوم 21 فبراير 1914 مولد أحد العباقرة الذين استولت الصحافة على عقولهم وحياتهم. «الصحافة هي ما يريده الشعب لا ما يريده الحاكم».. قاعدة صحفية وضعها «مصطفى»، الذي اشترك مع توءمه «على» في إنشاء عدة صحف صغيرة منها جريدة البالوظة التي عطلتها الحكومة، ثم اشترك في تحرير مجلة الرغائب عام 1929 وتوقف فكان انتقاله إلى مجلة روز اليوسف ليصبح أصغر نائب رئيس تحرير لمجلة قوية، إذ أصبح في هذا المنصب وهو في المرحلة الثانوية، وبعد عام واحد فقط من عمله عام 1931 سطع نجمه بسرعة كبيرة وسط الوسط الصحفي. «السجن ليس بعيدًا عن الكاتب الصحفي».. هكذا تعلم «أمين» ليدفع ثمن مواقفه فكانت البداية مبكرًا عندما حُكم عليه بالسجن مع الشغل لمدة 6 أشهر وهو ابن ال24 عامًا، وتم إيقاف تنفيذ الحكم ووقف مجلة آخر ساعة لمدة 3 شهور، وكانت التهمة هي العيب في الذات الإلهية. «كنا دائمًا نفكر في الغد لم نعش في الأمس أبدًا.. كنا نكتب أحلامنا على الورق ونحاول تحقيقها.. كنا نكتبها في مفكرة ونسجل في صفحة أول يناير ما نتمنى أن نصنعه في آخر يوم في ديسمبر.. والغريب أن أحلامنا جميعها تتحقق كما تنميناها».. كلمات أخرى للكاتب الراحل لخصت قصة «مصطفى أمين» مع أخيه اللذين قررا عام 1941 تأسيس جريدة «أخبار اليوم»، ثم شراء مجلة آخر ساعة، وفي 1952 ثم إنشاء الأخبار اليومية التي صارت أقوى المؤسسات الصحفية في مصر. علاقة مصطفى أمين بالزعيم جمال عبد الناصر أخذت خطًا بيانيًا شديدًا الاختلاف، فخلال أزمة 1956، وعندما قام أمين بدور كبير في التقاط صور للعدوان الثلاثي على مصر وبشاعته وتوزيعها على صحف العالم أجمع في خطوة كان لها أكبر الأثر في إظهار ما يحدث بمصر تحسنت علاقته بالنظام، ثم تمر السنوات ويجد الصحفي الكبير نفسه محكوم عليه عام 1965 بالسجن بتهمة «الجاسوسية». اتهامه بالجاسوسية كانت القشة التي قصمت ظهر «مصطفى أمين»، وكان لصلاح نصر رئيس المخابرات الحربية آنذاك دورًا كبيرًا في هذه الخطوة، متهمًا إياه بالعمل لصالح المخابرات الأمريكية، وعلى إثرها دخل السجن، فيما يؤكد الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل أنه طالب الرئيس جمال عبدالناصر بإطلاق سراحه إلا أنه رفض، فيما كانت رواية «أمين» أن ناصر نفسه كلفه بالتواصل مع الأمريكيين ليكون همزة الوصل بينهما. «لا أتصور أني أعيش يومًا بغير قلم» فلقد كان هذا القلم دائمًا صديقي وحبيبي أعطيته وأعطانى، عشقته وأخلص لي، وعندما أموت أرجو أن يضعوه بجواري في قبري فلقد أحتاج إليه إذا كتبت تحقيقا صحفيا عن يوم القيامة، هكذا كانت علاقة أمين بالصحافة قبل أن يودعها في عام 1997 عن عمر يناهز 83 عامًا، وتم تأسيس جائزة باسمه لتكريم الصحفيين بشكل سنوي.