أثارت وثيقة المرأة، التى يستعد مركز المرأة التابع للأمم المتحدة لطرحها خلال الشهر الجارى، موجة من الغضب لدى رجال الدين وعلماء الأزهر الذين يرفضون هذه الوثيقة، ويرون أنها تحريض موجه ضد الشريعة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامى، من خلال إقرارها لحق الفتاة فى الحرية الجنسية، مع توفير وسائل منع الحمل للمراهقات وتدريبهن على استخدامها، وإباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغرب فيه، فضلا عن المساواة بين أبناء الزنا والأبناء الشرعيين فى كامل الحقوق، وهو ما يرفضه رجال الأزهر الشريف. أكد الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن وثيقة الأممالمتحدة للمرأة "معيبة"، وتعد محاولة لمصادرة حق الأمة الإسلامية فى اختيار هويتها التى ينتمى إليها من خلال فرضها أمور معينة على الدول لتلتزم بها بالنسبة للمرأة. واعتبر منح الحرية الجنسية للمرأة والحرية فى اختيار شريك حياتها -سواء كان رجل أو امرأة- دعوة للشذوذ تخالف مفاهيم الشريعة الإسلامية. وأضاف أن هذه الوثيقة تفرض التزامات على الدول تتنافى مع هويتها وعقيدتها الإسلامية ونظامها الدينى، كما أنها تفرض وصايا معينة للمرأة من حيث تحديدها لأمور معينة عليها الالتزام بها، فضلا عن أنها تعد دعوة للمرأة للتمرد على الشريعة الإسلامية وأحكامها القطعية المقررة بالقرآن والسنة. وأشار إلى أن هذه الوثيقة تعد اعتداء على الموسسات الإسلامية، وخاصة الأزهر الشريف الذى سيصدر وثيقة فى القريب العاجل للتصدى لمحاولة هدم الأسرة المسلمة من خلال وثيقة الأممالمتحدة. ووصف الوثيقة بالخبيثة التى تحرض المرأة المسلمة على التحلل من قيمها بدعوى أنها مهمشة ومواطنة من الدرجة الثانية، وبالتالى تصب فى صالح نظام العولمة الذى تريد القوى الغربية فرضه على الدول الإسلامية بدون مَشُورة الأزهر الشريف. فيما أكدت السفيرة مرفت التلاوى، الرئيس السابق للمجلس القومى للمرأة، أن وثيقة المرأة التى يستعد مركز المرأة التابع للأمم المتحدة لمناقشتها وعرضها تحوى العديد من النقاط الإيجابية التى تعالج الإهدار الواضح لحقوق المرأة، خاصة فى دول العالم الثالث. وقالت: إن هذه الوثيقة وضعت حدا للتجاوزات التى تحدث ضد المرأة، سواء التحرش أو العنف، بالإضافة إلى التدقيق فى الإجراءات القانونية ومنع العادات السيئة التى تمارس ضد المرأة. وأضافت التلاوى: أن الاتهامات الموجهة للوثيقة بأنها تشجع المرأة على الحرية الجنسية والإجهاض والتخلص من الحمل غير المرغوب فيه، والمساواة بين الأبناء الشرعيين وأبناء الزنى، كل هذا الكلام فارغ، ويحوى العديد من الأكاذيب المخالفة للحقيقة، ويكشف أن هناك إهدارا متعمدا لحقوق المرأة، خاصة فى دول العالم الثالث التى تهدر فيه الحقوق الشرعية لها. وأشارت إلى أن رفض الأزهر الشريف لهذه الوثيقة طبيعى، وهذا حقه، ولايمكن الاعتراض أو الانتقاد لموقف الأزهر، لأننا ندرك حجم الضغوط الحالية التى تمارس ضده. من جانبه أكد الدكتور أحمد محمود كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو جبهة العلماء، أن وثيقة الأممالمتحدة المعروفة للمرأة هى محاولة للالتفاف على الشريعة الإسلامية عن طريق إباحة أشياء تتنافى مع شريعتنا الإسلامية مثل الحرية الجنسية وحق الإجهاض والمساواة بين الرجل والمرأة تحت زعم حقوق المرأة. وأضاف أن الإسلام منح المرأة حقوقها كاملة، مشيرا إلى أن الإسلام هو أول من كرم المرأة. وأوضح أن موقف الأزهر الشريف ثابت فى رفض هذه الوثيقة، لافتا إلى أن الأزهر طوال تاريخه هو الخط الأول للدفاع عن الشريعة الإسلامية ومعتقدات المسلمين، بدليل موقفه من مؤتمر السكان عام 94، ودور الراحل الشيخ جاد الحق والتصدى لمحاولة خروج العراة فى شوارع القاهرة. وقال "كريمة": إن الإسلام أعطى المرأة حقوقها دون وثيقة، ومنحها كل الإيجابيات بل وكرمها، وبالتالى عندما ندافع ضد محاولات النيل من تعاليم الإسلام والشريعة الإسلامية والتقاليد الإسلامية التى تعد جزءا من مصادر التشريع، نرفض كل ما يحاولون به إخراج المرأة عن عفتها واحتشامها وحيائها. وقالت عزة سليمان، مدير مركز حقوق المرأة: إن المنظمات الأهلية ترى أن وثيقة المرأة توفى بما التزمت به الدول ومنها مصر، فيما يتعلق بحقوق المرأة التى جاءت فى مقررات بكين ومؤتمر السكان، وإلا ستكون ردة، خاصة أن الحجة كانت الثقافة والدين، ولكنهم تناسوا أنه لا يوجد دين يقر العنف ضد المرأة ولا ثقافة تقر ذلك. وأضافت أن حديث الدكتورة باكينام الشرقاوى فى الأممالمتحدة كان قمة الإساءة للإسلام؛ لأنها تكرث العنف ضد المرأة، من خلال إنكار ما تتعرض له المرأة المصرية بصفة خاصة، والمرأة فى دول العالم الثالث بصفة عامة، ومن هنا فنحن نريد من الحكومة أن تقول ماذا ستفعل أمام العنف المتزايد ضد النساء والإرهاب الجنسى فى ظل تواطؤ الحكومة، وبالتالى لا يمكن أن تكون عدم الإباحة هى التمييز ضد النساء، فضلا عن أن بيان الإخوان ساوى بين أبناء الزنا والشرعيين؛ لأنه من غير المعقول أن نعاقب أولاد الزنى على جريمة لم يرتكبوها. وأضافت "سليمان" أن المعارضين للوثيقة يتحدثون عن حق يراد به باطل؛ لوجود اجتهادات تغيرت، خاصة فيما يتعلق بالأطفال غير الشرعيين، وهل من الإسلام أن يعاقب طفل على جريمة لم يرتكبها، ونحن لدينا آخر الإحصائيات تقول: إن الأطفال بلا نسب وصل عددهم إلى 10 آلاف طفل.