على شاشة قناة «السويس» التليفزيونية، ظهر فجأة.. وعلى حين غرة تسجيل لرجل غامض، له لحية كثة غير مهذبة، يضع قناعاً أسود على وجهه، وتظهر خلفه لوحة زيتية كُتب عليها بخط واضح «الزيتونة ،الزيريون،الزبداني ، قلعة برج أب خ خ» م ثم تنحنح الرجل المقنع، وكانت نحنحته من باب الأدب، لأنه سيظهر على أقوام يشاهدونه من خلال التليفزيون، وقد لا يكون أحدهم مستعداً أو جالساً جلسة محتشمة ، وبصوت جهورى أجش قال المقنع: نحن جماعة سرية اسمها «الإخوان» وقد استطعنا اختراع سلاح جبار سيبيد أربعة دول من الوجود، وقد زرعنا هذا السلاح فى أماكن سرية، فى هذه البلاد الأربعة، ولن يستطيع أحد الوصول إلى الأماكن التى زرعنا فيها هذا السلاح المدمر، إلا بعد أن يتمكن من حل الرموز المكتوبة فى اللوحة الزيتية، التى تظهر من خلفى، وذلك فى خلال أسبوع من الآن، ثم نظر المقنع إلى جهاز كمبيوتر بجانبه وربت على ظهر الجهاز كما يربت على ظهر فرسه، وابتسم ابتسامة عريضة، ثم تلاشت الصورة من على شاشة القناة. وسرعان ما تناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر الرهيب، وظهر الفزع فى جميع بلاد العالم وبدأ المفكرون الإستراتيجيون فى تحليل هذا الخبر عبر شاشات التليفزيون، فقال الأستاذ «فايز السمان» المحامى المتخصص فى الجماعات الإرهابية: إن هذا المقنع لا ينتمى إلى جماعة الإخوان لأنها جماعة طيبة وستقوم بترشيحي في الانتخابات رغم أنها لم تقم بتعييني في مجلس الشورى، ولكن هذا المقنع ينتمي إلى جماعة «كوكو واوا» الإرهابية، وهى الجماعة التى نشرت إنفلونزا الطيور فى العالم، وقال الأستاذ «بهاء رشوان» المحلل الاستراتيجى فى جريدة أبو الهول: إنها جماعة «الإخوان» التي حاولت خطف ابني وهى اكبر جماعة مارست إرهاباً عن طريق إغراق الدول في خلافات وتناحرات . وبينما العالم منشغل بتحليل الخبر بدأت الأجهزة الأمنية فى التحرك السريع لمواجهة هذا الخطر العالمى، فقام الإنتربول باستدعاء مستر «أبو يكح الجوسقي» وهو بروفيسور شهير حاصل على أعلى الشهادات العلمية فى مجال دراسة الرموز وتحليلها، حيث حصل على «شهادة» حسن سير وسلوك من اثنين موظفين و«شهادة» استثمار البنك الأهلى فئة المائة جنيه، وشهادة المعاملة العسكرية، كما سبق له أن ساهم بشكل فعال فى حل فوازير رمضان منذ عشرة أعوام ، وما أن جلس مستر الجوسقي فى مكتب مدير الإنتربول ليشاهد تسجيلاً لشريط التهديد سالف الذكر حتى صدرت منه ابتسامة عريضة وقال: من خلال دراستى لعلم الألغاز أؤكد لكم يا سيادة مدير الأنتربول أن الدولة المستهدفة الأولى هى دولة تونس، وهنا فغر فاه مدير الإنتربول وقال له : كيف عرفت بحق الجحيم هذه المعلومة الخطيرة، وهنا أومأ مستر الجوسقي برأسه قائلاً : الزيتونة هذا يا سيدى هو جامع في تونس، فهيا بنا إلى هناك حتى لا نضيع وقتا. وخلال ساعات كانت الطائرة تهبط فى مطار «تونس» حيث أسرع مستر الجوسقي ومعه مدير الإنتربول فى ركوب سيارة تاكسى، وبعد نصف ساعة توقفت السيارة عند جامع الزيتونة، حيث أسرع مستر الجوسقي باحثا حول الجامع فوجد كارتاً ممغنطاً وبجواره جهاز كمبيوتر حديث فوضع مستر الجوسقي هذا الكارت فى جهاز الكمبيوتر فظهر على الشاشة عبارة «تم إبطال مفعول السلاح المدمر فى تونس» وهنا عقد مستر الجوسقي مؤتمراً دولياً لإعلان هذا النصر المدوى، وتجمع شعب تونس وطلبوا من مستر الجوسقي أن يُدخل فى جهاز الكمبيوتر مشاكل تونس التي زرعتها جماعة الإخوان لتحديد المدة الزمنية اللازمة لحلها، فخرجت إجابة الكمبيوتر بأن هذه المشاكل لن يتم حلها إلا بعد خمسين عاماً، وهنا أصيب الشعب التونسي بإلاحباط وانفجر فى البكاء. وعقب ذلك صرح مستر الجوسقي للصحافة بأن الدولة الثانية المستهدفة من الإرهاب الإخواني هي دولة « ليبيا» ثم أكد أن سبب معرفته باسم الدولة هو كلمة «الزيريون» التى كانت مكتوبة فى اللوحة الزيتية التى ظهرت خلف الإرهابى المقنع صاحب اللحية، إذ أن «الزيريون» هو اسم أسرة من الأسر التي حكمت ليبيا في عصور قديمة. استقل مستر الجوسقي ومدير الإنتربول طائرة خاصة هبطت بهما فى مطار «طرابلس» وبسرعة البرق قفز مستر الجوسقي فى أتوبيس متهالك مكتوب عليه «طرابلس – الزيريون» حيث نهب الأتوبيس الأرض نهباً إلى حيث آخر مقبرة ضمت رفاة آخر ملك من الملوك الزيريون، وهناك وأمام المقبرة أخذ «حلال الألغاز» يمعن النظر ويمد البصر ثم إذا به يقفز قفزة عالية وكأنه «دروجبا» لاعب الكرة الشهير فى فريق كوت ديفوار ثم يقول فى صيحة مدوية: ياإلهى إن الحل هو فى الشجرة التى فى نهاية هذا الشارع لأنها شجرة قديمة موجودة منذ عصر الزيريون ثم استمرت يانعة على مدار العصور، وتحت الشجرة المعنية وجد مستر «الجوسقي» كارتاً ممغنطاً وبجواره جهاز كمبيوتر وما إن وضع الكارت فى الجهاز حتى ظهر على الشاشة عبارة «تم إبطال مفعول السلاح المدمر فى ليبيا». وفى المؤتمر الصحفى طلب الشعب الليبي من مستر الجوسقي مخاطبة الكمبيوتر لمعرفة كم من الوقت سيمر إلى أن يتم حل مشاكل ليبيا التي نشرها الإخوان في كل ربوع البلاد، وعندما أخبرهم الكمبيوتر أن ذلك يتطلب مائة عام ... انفجر الشعب الليبي فى البكاء. وعقب ذلك قال مستر الجوسقي إن الدولة الثالثة المقصودة من جماعة الإخوان الإرهابية هي دولة سوريا وقال إنه عرف ذلك من خلال كلمة الزبداني وهي اسم جبل مشهور في ريف دمشق، وعلى الفور استقل الجوسقي ومعه مدير الإنتربول طائرة مصفحة حيث هبطا في مطار حربي نظرا للحرب الدائرة هناك وبأسرع من البرق ذهب الاثنان إلى جبل الزبداني وكالعادة وببراعة فائقة توصل مستر الجوسقي إلى السلاح المدمر حيث تم إدخال الكارت الممغنط فيه فتم إبطال السلاح، وتجمع الشعب السوري كعادة الشعوب التي تم إنقاذها وسألوا مستر الجوسقي عن المدة التي ستتخلص فيها سوريا من مشاكل الإخوان، فأخبرهم الكمبيوتر بأنها ستستغرق مائة وخمسين عاما فبكى الشعب السوري كعادة الشعوب الحرة. ثم أخبر مستر الجوسقي الصحافة أن الدولة الرابعة هى مصر، وأنه عرف ذلك من عبارة «القلعة والبرج» المكتوبة فى اللوحة الزيتية التى ظهرت خلف الإرهابى, وفى مصر تلك الدولة العامرة أم الدنيا هبطت الطائرة فى مطار القاهرة، وبعد أن تكسرت عظام مستر الجوسقي ومدير الإنتربول بسبب المطبات التى وقع فيها التاكسى الذى أقلهما من المطار أخذ مستر الجوسقي يبحث فى قلعة محمد على عن كارت ممغنط أو جهاز كمبيوتر وعندما لم يجد شيئاً ذهب إلى برج الجزيرة وفشل أيضاً فى مسعاه إلا أن الشحاذين أطبقوا عليه الخناق وكادوا أن يزهقوا أنفاسه، وبسبب العناية الإلهية خرج مستر الجوسقي سليماً إلا أنه فوجئ بمظاهرات صاخبة من الجماهير ضد جماعة الإخوان، ثم فجأة رأى آلافا من الإرهابيين يخرجون على المظاهرة وهم يرفعون شعارات إسلامية وهم يهتفون ( اسنقتل الكفرة وسنقول نعم للدستور ) ولأن الوقت كان يمر ولأن التهديد كان على وشك أن يحقق نتيجته حيث تزول دولة مصر إلى الأبد..أخذ مستر الجوسقي يفكر حيث هداه تفكيره إلى أن يفتح جهاز التليفزيون المصرى فوجد وزير الإعلام الإخواني يقول لإحدى المذيعات ( إنكِ حقا ساخنة) ثم وجد حاكم البلاد الإخواني ينظر لساقي وزيرة أوروبية ثم يجلس وهو ( يعدل المسائل) وعندما غير مستر الجوسقي القناة إلى قناة خاصة إذ به يشاهد واحدا من الإخوان يتحدث عن أن الإخوان يضطهدونه ولا يسمحون له بالظهور إعلاميا، فأخذ الجوسقي يقلب القنوات ولكنه في كل مرة يفاجئ بشخصية إخوانية تشتكي من اضطهاد الإعلام لها وحين فتح قناة إخوانية وجد المذيع يضع شريطا لاصقا على فم ضيف غير إخواني ليمنعه من الكلام . وهنا أغلق مستر الجوسقي جهاز التليفزيون وقرر أن يبحث عن حل اللغز فى جامعة القاهرة، وهناك عرف أن التعليم المصرى وصل إلى أسوأ مستوياته في عهد الإخوان ، وفى مصر كلها وجد مستر الجوسقي الفقر والقهر وقد أمسكا بتلابيب الناس حتى أصبحت وجوههم شديدة الشحوب ، ومن داخل الأحياء الفقيرة أدرك الرجل أن الناس لا يأكلون إلا وجبة واحدة فى اليوم وباقى الوجبات يتناولونها من صناديق القمامة . وإذا بهتاف يخرق أذن مستر الجوسقي وكان هذا الهتاف هو «إحنا الفراعنة»!!! وكما فعل «فيثاغورس» هتف الجوسقي:وجدتها.. وجدتها.. إذ أن كلمة الفراعنة أوحت له أن عبارة «أب خ خ م « الموجودة فى اللوحة الزيتية التى ظهرت خلف الإرهابى المقنع تعنى ... «أب» أى أبو الهول «خ» هرم خوفو «خ» هرم خفرع «م» هرم منقرع فأسرع الجوسقي ومعه مدير الإنتربول لينقذا مصر من خطر السلاح الإخواني الإرهابى، ولكن إشارات المرور ومظاهرات الشعب عطلتهما ورغم الاتصال بالنجدة إلا أن أحداً لم يلتفت لهما، وهنا نظر مستر الجوسقي فوجد حماراً يجر عربة كارو فأسرع ومعه مدير الإنتربول فى ركوب الحمار حيث أخذ حلال الألغاز يقول للحمار «شى حا» «شى حا» وهنا فغر فاه مدير الإنتربول وقال له: ماذا قلت له بحق الجحيم فنظر إليه مستر الجوسقي بابتسامة ساخرة ولم يعقب، وبأنفاس لاهثة وصل الجوسقي لقاعدة تمثال أبو الهول حيث وجد «شفرة حلاقة» وبجوارها جهاز كمبيوتر وارد الصين فوضع الجوسقي شفرة الحلاقة داخل الجهاز فظهر على الشاشة عبارة «إبقوا قابلونى لو تم إبطال السلاح المدمر» وهنا تجمع الشعب المصرى بأسى وحزن شديد، وطلبوا من الجوسقي سؤال الكمبيوتر عن الفترة الزمنية التى يستغرقها حل المشاكل التي نشرها الإخوان في البلاد فانفخر الكمبيوتر فى البكاء .