«الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً، وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ».. هكذا تعهد الله من عليائه،لأهل الأرض، بأنه سوف ينتصر لهم من بعد ظلم،وأنه وإن أمهل الظالمين قليلا، فإنه لا يهملهم كثيرا، «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون،إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه القلوب والأبصار». والخيانة والغدر من شيم المنافقين، «ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم، إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما، يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا». ويتوهم الإنسان أحيانا،أن قدرته أقوى من قدرة السماء،ومكره أشد من الله،»ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين». ولطالما تحدث القرآن الكريم عن هذا الصنف من البشر، فى غير موضع،وفى آيات كثيرة، فقال:«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ». والخونة..مرضى نفسيون، عانوا كثيرا فى نشأتهم، ويعانون فى حياتهم،يتوغل الحقد فى قلوبهم،ويسرى فى دمائهم، يرشقون غيرهم بحجارة من غل غليل،يدّعون الشرف والكرامة ونبل الأخلاق،وهم أبعد الناس عنها، لا يتقدمون خطوة واحدة إلى الأمام،إلا على جثث ضحايا، دفعتهم أقدارهم السيئة إلى طريقهم،»لا يرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة»، حتى تأتى كلمة الله فى الوقت المناسب. إن أنبياء الله،أنفسهم، تعرضوا للغدر،وكان الله قادرا، على أن يجنبهم ذلك فى حينه،غير أنه يمهل حبال الخيانة تمتد عن آخرها، حتى يقول كلمته لتكون هى العليا،وكلمة الخائنين هى السفلى،وها هو مؤمن بنى فرعون، يقول لفرعون وقومه:«فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد،ِفَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ»