الحوار مع الناشط السياسى والمرشح السابق لوزارة الاتصالات فى حكومة عصام شرف، الدكتور حازم عبد العظيم، له طقوسه الخاصة، فالرجل رغم طبيعة دراسته الصارمة، هندسة النظم، إلا أنه يتمتع بخفة ظل، وقدرة عالية على التحليل وقراءة المشهد السياسى بصورة مغايرة لكثير من المعنيين بالأمر، ويظهر ذلك فى تغريداته وتعليقاته على مواقع التواصل الاجتماعى وكذا لقاءاته التليفزيونية، لهذا كان حوارنا مختلفاً وثرياً، فقد تحدث عن الرئيس والإخوان والعسكر والدستور، ومحاور أخرى تفاصيلها هنا.... سألته عن تقيمه لقرارات الرئيس مرسى, منذ توليه الحكم حتى اليوم, فلاحظت "شبهة" ضيق على وجهه, قبل أن يقول إن "قرارات مرسى من البداية تصب فى مصلحة الإخوان المسلمين فهو أحد قياداتها وينظر فقط إلى مصلحة الجماعة وليس مصر لأن الوطن من منظورهم زائل والجماعة باقية. وما هى القرارات التى اتخذها الرئيس تؤكد ما تقوله.. هكذا استفسرت, فكان الرد مباشراً من المرشح السابق لوزارة الاتصالات بأن اختيار الوزراء والمحافظين اعتمد على اختيار شخصيات يمكن وصفها بأنهم "المؤلفة قلوبهم إخوانيا", مبرراً: بأن مرسى قام باختيار من يتناسب مع الإخوان أيديولوجيا بغض النظر أن يكونوا منتمين تنظيمياً للجماعة، وخصوصا هشام قنديل رئيس الحكومة, وهكذا كان الحال فى صدمة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان. التبسم الذى صاحب اسم قنديل حين ذكره مضيفى, دفعنى لسؤاله عن سبب اعتراضه على تولى الرجل رئاسة الوزراء, فواصل عبد العظيم كلامه ممزوجا بدفقة من السخرية, ليؤكد أن «قنديل ليس الرجل المناسب فى المكان المناسب»، موضحاً أن رئيس الحكومة لابد وأن تتوافر فيه ثلاث خصائص, فتكون له رؤية سياسية كى يستطيع التعامل مع المشاكل اليومية وله القدرة على المواجهة والحل, ثم أن يكون له القدرة على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة, وأخيراً, والأهم, أن تكون له رؤية اقتصادية واضحة, معقبا، «لذلك فقنديل وزير تكنوقراط لا يصلح ولكن «دقنه» قامت بتزكيته»! استرجعت حديث الدكتور عبد العظيم عن مجلس حقوق الإنسان, للتعرف على أسباب تحفظه على التشكيل الجديد, فأوضح أن الرئيس يختار أهل الثقة لا الكفاءة, ضارباً مثالاً بالدكتور صفوت حجازى –عضو المجلس- متسائلا، «فما علاقة حجازى بحقوق الإنسان؟». اختيار المستشار هشام جنينة رئيساً للجهاز المركزى للمحاسبات, كان أحد المحاور التى أردت معرفة رأى مضيفى فيها, فرد بأن «جنينة شخصية وطنية له مواقف ثورية ثابتة لم تتغير, لكننى أخشى من أخونته، وإذا حدث ذلك فهى كارثة بكل المقاييس حيث إن الجهاز المركزى للمحاسبات هو الجهة الوحيدة المنوط بها رقابة جماعة الإخوان المسلمين مالياً وهذا ما تخشاه الجماعة لذلك أعتقد أن الاختيار لم يأتى اعتباطيا». أعلم أن للدكتور حازم اعتراضا على اختيارات المحافظين الجدد, لهذا سألته عن سبب قوله إن سعد الحسينى -محافظ كفر الشيخ- لا يصلح للمنصب, فكشف لى عن أن أول لقاء عقده الحسينى كان مع الداعية أبو إسحاق الحوينى لطلب نشر الدعوة فى المحافظة, ثم قال ساخراً، «الإخوان أرسلوا الحسينى داعية إسلاميا وليس محافظاً، وأنا أقول له, شغل الدعوة مش شغلك يا مولانا». كم المرارة في كلمات عبد العظيم, رغم سخريتها, دفعنى لتوجيه سؤال مباشر للرجل: كيف ترى العلاقة بين مكتب الإرشاد ومؤسسة الرئاسة؟.. فاعتدل فى جلسته، وقال إن مرسى يريد أن يصدر فكرة أن مؤسسة الرئاسة مستقلة، ولا يوجد تدخلات من مكتب الإرشاد وهذا غير منطقى -هكذا يرى عبد العظيم- وخير دليل على ذلك اختيار عصام العريان وعصام الحداد مستشارين له وهذا الاختيار له مغزى كبير «وخصوصا الحداد». مواصلاً: الحداد هو «الحمام الزاجل» بين مكتب الإرشاد ومؤسسة الرئاسة لأن مرسى لا يستطيع دخول مكتب الإرشاد لمناقشة القرارات ومن هنا تم اختيار الحداد ليكون همزة الوصل ولا يستطيع أحد الحديث لأنه مستشار الرئيس و «محدش يقدر يتكلم» فهو عضو مكتب الإرشاد وإذا ذهب للرئيس فهو مستشاره. قلت: تقصد أن قرارات مرسى تملى عليه من مكتب الإرشاد؟.. فرد: جميع الشواهد تؤكد ذلك ومرسى لم ولن ينفصل عن الإخوان لأنها السبب فى وصوله للحكم «صرفوا عليه دم قلبهم» وإذا أراد مرسى أن يثبت أنه رئيس كل المصريين عليه إصدار قرار بحل هذه الجماعة غير الشرعية أو على الأقل تقنين أوضاعها وهذا لن يحدث. مع ارتفاع درجة حرارة الحوار, كان لفنجان قهوة آخر أهمية كبيرة, فراح عبد العظيم يرتشف منه وواصل حديثه: تقنين وضع الجماعة لن يحدث على «جثتهم» لأن ذلك معناه الإعلان عن مصادر التمويل وهى غير شرعية بالإضافة إلى كشف عدد أعضائها وهذا ليس فى مصلحتهم لذلك لجأوا لقنبلة وضع أموال الكنيسة تحت رقابة الكنيسة! كلام من أحاور حمل اتهاما ضمنيا للإخوان بابتزاز الكنيسة سياسياً, وهو الأمر الذى لم ينفه عبد العظيم, بل حينما سألته إن كان ذلك يتماشى وأخلاق الإخوان فقال إن الجماعة بلا أخلاق ولا دين وهى تشبه المافيا مستطردا، «وخلافى معهم أخلاقى وليس سياسيا لأنهم منافقون وكذابون بدليل ان قرض صندوق النقد الدولى أصبح الآن حلالاً ومصاريف إدارية على الرغم أنه كان ربا وحراما أيام مبارك. وهل ترى القرض ضاراً بالاقتصاد المصرى؟.. سألت فكان رد مضيفى: صندوق النقد الدولى «مبيحدفش كتاكيت» وكان من الأولى تقوية الدعائم الاقتصادية أولا ثم التفكير فى الاقتراض والأهم أموال الصناديق الخاصة أين ذهبت وعلى مرسى أن يعلن لنا عن مرتبات وزير الدفاع وأعضاء المجلس العسكرى ووزير الداخلية ورئيس مجلس الشعب ودخله هو شخصيا قبل الاقتراض بإعلان إقرار ذمته المالية. موضحا: الإخوان جماعة سياسية لا تسعى للتغيير ولكنها تريد السيطرة على الدولة للبقاء فى السلطة أطول فترة وهم الآن فى حاجة للقرض لأنه بمثابة «حقنة» للحكومة كى تنعش الاقتصاد لتقليل الضغط السياسى والشعبى عليهم لضمان تحقيق أغلبية فى الانتخابات البرلمانية القادمة والتستر على فضيحة مشروع النهضة. قلت: ولماذا تصف مشروع النهضة بالفضيحة, فقال، «إذا اعتبرنا أنه مشروع، فهو مشروع تجارى يساعد عمالة ولكنه لا يبنى اقتصاد دولة، ولا يليق بمصر ويكفينا أن خيرت الشاطر -نائب المرشد- صرح بعدم وجود ملامح واضحة للمشروع, وأعتقد أن تصريحات الشاطر تمثل «ضربة» فى مرسى لخلاف بينهما على شىء ماء لا نعلمه والأيام القادمة ستكشف وجود خلافات لأن هذه الجماعة تشبه تنظيم المافيا بها الكثير من الاسرار ولها تنظيمات دولية. هنا اضطر الدكتور عبد العظيم للاستئذان كى ينصرف لأنه مرتبط بالظهور مع الإعلامى عمرو الليثى فى برنامج 90 دقيقة الذى يبث عبر فضائية المحور, فأستئذنته أنا أن نكمل الحوار فى سيارته وهو فى طريقه لمدينة الإنتاج الإعلامى ب6 أكتوبر فوافق. فى السيارة سألته: ما تفسيرك لحضور وفود من حماس والعراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية إلى مكتب الإرشاد؟.. فأجاب: لأنها جماعة فوق القانون والدولة, ولا يوجد من يحاسبها فهى تنظيم سياسى مرتبط برئيس الجمهورية ولا تخضع لقانون الدولة وهذه كارثة وهم يسعون لإحياء التنظيم الدولى. لم أكن أتوقع أن ينفجر الدكتور عبد العظيم بهذا الكم من الضحك حين سألته عن برنامج المائة يوم ومدى إنجاز الرئيس للوعود التى قطعها على نفسه, فبادرنى ساخرا «هما امتى هيبتدوا ال100 يوم أصلا؟», ثم واصل، «هذه مجرد فرقعة إعلامية والإصلاح الحقيقى يعنى تغييرا كاملا وكما قلت إنها ليست جماعة تغيير والإخوان إذا ضمنوا أن الدولة العميقة بكل فسادها تعمل لمصلحتهم سيتركونها وسامى مهران خير دليل فعندما أصبح الكتاتنى رئيسا لمجلس الشعب تركه فى مكانه بالرغم من اتهامه بالفساد. وحين سألته عن سر هجوم عصام العريان على اليسار وحزب الدستور الذى ينتمى له الدكتور عبد العظيم لم يفاجأنى بقوله إن الجماعة تعلم أن اليسار هو أكبر القوى السياسية أمامه وكذا حزب الدستور الذى يحظى بزخم كبير على مستوى الشخصيات لدى الشارع العادى. «العريان» يقوم الآن بالدفاع عن المجلس العسكرى وبرفض محاكمتهم, ذلك الأمر فسره محدثنا بوجود صفقة, موضحاً: خروج المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان جاء وفق صفقة تسليم الحكم للإخوان مقابل منحهما قلادات وضمان عدم محاكمتهما وما يفعله العريان يمكن تسميته بالدفاع الاستباقى للتشويش على المطالبة بمحاكمة المجلس العسكرى لأن ذلك لو حدث المشير والفريق «هيتكلموا». مستمراً: ساعتها سيتحدث المشير والفريق عن أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وعن فتح السجون واشياء كثيرة لا نعلمها وهذا ما يخيف الإخوان لذلك لن يتم تقديم طنطاوى والمشير للمحاكة بقتل الثوار، ولكن من الممكن أن يحدث اتفاق على تقديمهما للمحاكمة بمخالفة مالية «أى حاجة هبلة» يتم تسويتها, وبالمناسبة ما حدث فى المؤسسة العسكرية كان كالآتى, سامى عنان قرأ «فاتحة» السمع والطاعة لمرسى قبل توليه المنصب رسمياً ثم قام عبد الفتاح السيىسى – وزير الدفاع الحالى - برسم الخطة لضرب المجلس العسكرى بأكمله واتفق مع مرسى على الإطاحة بمراد موافى رئيس المخابرات ثم الإطاحة بأنياب طنطاوى مثل حمدى بدين ورئيس الحرس الجمهورى لكى يكون مطمئناً فى القصر ثم تغيير بعض الأعضاء غير الموافقين على فكر الإخوان وإسناد مناصب فى الدولة لهم ويبقى ممدوح شاهين الذى تجمعه علاقة نسب بالكتاتنى واللواء العصار الشخص القوى فى المجلس وتحت يده المعونة الأمريكية بالإضافة إلى اللواء محمود نصر المتحكم فى اقتصاد الجيش والآن العلاقة بين الجيش والرئاسة علاقة «أخ وأخوه». وعن القوى التى يرى عبد العظيم أنها ساعدت الإخوان فى الوصول للحكم, صدمنى بقوله: أولا أمريكا ثانيا الفريق أحمد شفيق, فالمجلس العسكرى تواطأ فى تصعيد شفيق ضد مرسى كى لا يجد الناخب بداً من اختيار مرسى. ما هى مصلحة أمريكا فى وصول الإخوان للحكم, هكذا سألت ثم كانت الإجابة: «أفضل نظام تستطيع أن تتعامل معه أمريكا هو الفاشى والدينى والديكتاتورى والنظام الدينى أكثر لانه قادر على كسب شعبية بقرارات غير مقنعة فإذا قرر مرسى ضرب ليبيا سنجد مليونية تأييد له لأن الحكم الإسلامى يلغى «الدماغ»، بالإضافة إلى أنه قابل للصفقات لأنه نظام فاسد فكرياً والأهم من ذلك تكوين المحور السنى لمواجهة إيران الشيعية, وهذا ما ظهر فى خطاب مرسى فى قمة عدم الانحياز, فقد تحدث الرئيس وكأنه شيخ لا سياسى يحكم دولة, وقد استفزنى بحديثه عن دعم الثورة السورية بينما هو لم يقتص لشهداء ثورة يناير للآن. فى حديثنا تطرقنا لتصريحات سعد الكتاتنى بعودة البرلمان –المنحل- بالقانون, فقال الدكتور عبد العظيم إنها تصريحات ناتجة عن خوف من التيار الليبرالى, مؤكداً أن نتائج إعادة البرلمان -إذا حدث- ستكون كارثية, ولن يكون أمام الرافضين للأمر سوى اللجوء للشارع, مضيفاً: وأعتقد أن من شأن ذلك أن يوحد التيارات الليبرالية ضد الإخوان.