كعادتها ولَّادة محافظة المنوفية، لكن هذه المرة تقدم نموذجًا صغيرًا لطفل موهوب نجح في ابتكار جهاز «كاشف ألغام» من أبرز المخترعات التي قدمها الطلاب بمحافظة المنوفية، فكريم أحمد بيبرس تمكن من اختراع روبوت يمكنه الكشف عن الألغام وحماية الأراضى المختلفة. هدف بيبرس ليس الشهرة أو جمع المال، بل إنقاذ ملايين الأشخاص حول العالم، بتكلفة بسيطة تفتح في الوقت نفسه باب الثروات أمام المصريين وشركات الاستثمار بالصحراء الغربية. كريم أحمد بيبرس، طالب بالمدرسة الرسمية المتميزة للغات بالمنوفية، قال ل«فيتو» إن فكرة «كاشف الألغام» وردت إليه من أفلام البطولات في حرب أكتوبر، ومشاهدته لأخبار ضحايا الألغام داخل وخارج مصر، مضيفًا: «فكرت في كيفية التعامل مع هذه الألغام دون أي خسائر وباستخدام أجهزة آلية يمكنها الكشف عن الألغام وإبطال مفعولها». وعن طبيعة المشروع، ذكر «بيبرس» أنه يحدد مجالا مغناطيسيا أثناء حركته وارتداده على الأرض، وبمجرد الاصطدام أو الشعور بأى لغم يرسل إشارة إلى دائرة تصدر صوتا يدل على وجود لغم؛ ليتم إبطال مفعوله بعد الكشف عنه، ويتم التحكم به عن بعد (100 متر) على عكس عشرات الروبوتات الموجودة حاليا، التي تحتاج مسافة قريبة منها بما يشكل خطورة على مستخدميه، وبالفعل جربناه بشكل كامل وأصبح قادرًا على كشف الألغام بشكل كامل. «كريم» أهدى ابتكاره ل26 ألف قتيل وجريح من ضحايا الألغام، محاولا التخفيف من آلام آخرين يعانون من 21 مليون لغم بالصحراء الغربية، متمسكا بأن بداية مشواره كانت في العام 2012، عندما شارك في مسابقة لكاشفات الألغام، انتزع خلالها المركز الثانى على مستوى الجمهورية، ثم شارك للمرة الثانية في المسابقة «أغسطس 2014» وحصل على المركز الثالث، وكان مفترضًا أن يمثل مصر في البرتغال إلا أن عدم اهتمام المسئولين أضاع فرصته. واصل طالب المدرسة الرسمية المتميزة للغات بالمنوفية حديثه ل«فيتو» مشددًا على أنه عندما شارك في أكثر من مسابقة بعد تصنيع جهاز كاشف الألغام نمت الفكرة معه، لكن اختراعه الجديد كانت تكلفته عالية، ثم عدله إلى جهاز تكلفته أقل من 1270 جنيهًا، مقترحًا إنشاء خط إنتاج في مصر ويكون متاحا للجميع، على أن يكون حلا مؤقتا لحين إزالة الألغام، خصوصًا أنها مع مرور الوقت تحركت من أماكنها ولم يعد لها خرائط محددة، بالإضافة إلى أن عوامل الجو أثرت بشكل كبير عليها، وأصبح من السهل الآن تفجيرها. وشدد على أنه لم يتقدم حتى الآن بتسجيل براءة لاختراعه، قائلا: «لا أسعى إلى تسجيل البراءة ثم يتم طيها في الأدراج، لكن أريد أن يتم تفعيل فكرتي، وأن يتم تنفيذ المشروع من أجل خدمة الوطن، خصوصًا أن سعر كاشف الألغام حاليا يصل سعره من ألفين إلى 5 آلاف دولار». وعن الصعوبات التي واجهته في اختراعه، قال: «البداية كانت صعبة، خاصة أنى أنافس شركات متخصصة في هذا المجال، وتنتج الملايين من الأجهزة سنويا لكن اعتناء أسرتى بى وتوفيرها الإمكانيات، ومساعدتى جعلنى أفكر في الأمر بشكل جدي، وأن أحقق الحلم في توفير جهاز قليل التكاليف يمكن توفيره». وأضاف: «بدأت بصناعة الروبوت الأول والذي تكلف مبلغًا كبيرًا، ثم عدلت من الإمكانيات والخامات إلى أن تمكنت من الوصول إلى روبوت تكلفته 1270 جنيها فقط، وإذا تم عمل خط إنتاج سيكون هناك توفير أكثر في السعر.. ومن أكثر المعوقات التي واجهتنى حتى الآن أننى أحلم بتطبيقه على أرض الواقع». وأعرب المبتكر الصغير عن حزنه لعدم اهتمام أي من المسئولين بمشروعه، قائلا: «لم أجد من يساعدنى من المسئولين على النهوض باختراعى والمشاركة به في أكثر من مسابقة، كان آخرها فرصة عرض الاختراع بالجزائر لتمثيل مصر، ولم أجد أي دعم أو اهتمام من المحافظة، وجاء الرد بأنه سيتم البحث عن رجل أعمال يقوم بالمساهمة في الاهتمام بالمشروع، وهو ما رفضته جملا وتفصيلا». ونوه إلى أنه لن يقبل ببيع اختراعه ولو عرض عليه ملايين الجنيهات، مستطردًا: «اخترعت هذا الجهاز من أجل مصر والمصريين ولم اخترعه لأى هدف آخر، حتى إن لم يتم تنفيذ المشروع فمن الأولى له أن يموت قبل أن يستفيد به غير المصريين»، على حد قوله. وشدد على أن شرطة الوحيد للسفر خارج مصر وعرض الجهاز أن يكون ممثلا لمصر، مضيفًا: «لكن قبل أي شيء لا بد أولا أن يتم تطبيقه في مصر من أجل خدمة بلدي، وأتمسك بكلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي: (لا أريد أن نصدر خامات وإنما منتجات)». واعتبر أن الدكتور أحمد زويل هو مثله الأعلى، متمنيًا أن يصبح عالمًا مثله يسعى إلى خدمة بلده ورفع رأسها كما فعل العالم المصرى الكبير، مضيفا: «والدى حببنى كثيرًا في الاختراع والمخترعين، ومساعدة أسرتى بجانب كورسات حصلت عليها في الهندسة ساعدتنى كثيرًا، ورغم عمل والدى كطبيب واختصاصى علاج طبيعى إلا أنه -بهوايته للاختراع- جعلنى أفكر في الاختراعات». ولفت إلى أنه يعيش وسط أسرته المكونة من أربعة أفراد (والد يعمل طبيبا، وأم اختصاصية تطوير تكنولوجى بمدرسة تجريبية، ومشرفة على اختراعه، وشقيقته الصغرى (لينا)». من جانبها، أكدت إيمان شديد، اختصاصية التطوير التكنولوجي، أنها عرضت الموضوع على الإدارة العامة للتعليم بالمنوفية، ثم عرضته على الدكتور عبد الله عمارة، وكيل وزارة التعليم، ورحب بشدة بالموضوع، لما له من أهمية للنهوض بالمواهب التي تتواجد بالعديد من المدارس والاستفادة منها. وأضافت أن المشروع شارك في المسابقة التي تنظمها جامعة النيل بمدينة الشيخ زايد بأكتوبر نهاية أبريل، بالإضافة إلى عدد كبير من المشروعات التي تمثل بها محافظة المنوفية ضمن 108 مشروعات مقدمة إلى المسابقة، مشيرة إلى تخصيص مركز ديسكفرى المشرف على عددٍ من المشروعات البحثية للطلاب العديد من الخدمات التي تساعد على الفوز بالمسابقة. ورغم كل ما سبق، اكتفت محافظة المنوفية بتحويل مقر الحزب الوطنى المنحل بمدينة شبين الكوم إلى مركز للإبداع يقوم بعمل العديد من النداوت المختلفة والنشاطات، وسط مطالبات من المشاركين فيها بضرورة أن يكون هناك تدعيم كامل لكل المخترعين بالمحافظة، ولا يقتصر الأمر على المشاركة بندوات أو مسابقات دون تنفيذ للمخترعات التي اخترعها أبناء المحافظة. فيما أكد اللواء أسامة فرج، سكرتير عام محافظة المنوفية، أن المحافظة لا تدخر جهدا في سبيل الاهتمام بالطلاب والموهوبين، موضحًا أن الميزانية المخصصة لرعاية الموهوبين تتم وفق بروتوكولات سنوية مع الجامعات والمدارس، والدكتور هشام عبد الباسط محافظ المنوفية يضع الموهوبين والمخترعين أمام عينه، خلال الفترة القادمة، وهناك دعم كبير لهم من خلال التواصل مع الشركات المختلفة من أجل الوصول إلى أكبر قدر ممكن لتنفيذ المشروعات.