يبدو أن المملكة العربية السعودية كانت تعلم ما يحيط بحدودها وبالمنطقة العربية من مخاطر، لذا سخرت جميع إمكانياتها من أجل تقوية جيشها، ونمت قوتها العسكرية بشكل ملحوظ منذ نهاية حرب الخليج عام 1991، وتضاعف عدد الجنود، علاوة على ارتفاع عدد الدبابات ومركبات المشاة المدرعة والصواريخ الأرض - جو. وهذا ما أكده التقرير الصادر عن «معهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمي» في منتصف شهر مارس الماضي، والذي أوضح أن الإنفاق العسكري السعودى أصبح الرابع على مستوى العالم، ويرى المحللون العسكريون أن قوة الردع السعودية شهدت نموًا قلّ أن يشهد العالم مثيلًا له على مر التاريخ في غضون فترة وجيزة. يبلغ عدد جنود جيش المملكة 233 ألفا و500 مقاتل من بين 20 مليون وسبعمائة ألف نسمة، يعيشون على2 مليون و149 ألفا و690 كيلو مترا مربعا، وذلك حسب تقرير نشره موقع الخليج أون لاين، والذي أشار إلى أن عدد الجنود الاحتياطيين يبلغ 25 ألف جندي. وبحسب التقرير فإن سلاح الجو السعودى يضم 675 طائرة، بينما يضم سلاح القوات البحرية 55 قطعة بحرية، وتمتلك القوات البرية 7960 دبابة. وتشير التقارير إلى أن المملكة استطاعت تحقيق تعزيز هائل بما يمثل نقلات كبيرة في تطوير ترسانتها العسكرية من خلال عقدها صفقات تسليح كبيرة من أبرز الدول المصنعة عالميا. ولعل من أبرز وأهم تلك الصفقات في السنوات الأخيرة صفقة مدرعات كندية بقيمة 13 مليار دولار وشراء وتطوير أنظمة الإنذار المبكر «أواكس» بمليارى دولار، وصواريخ ب13 مليون دولار، و150 دبابة باكستانية من طراز «الخالد» ب600 مليون دولار، و72 طائرة «يوروفايتر» من بريطانيا. ومن أبرز الصفقات أيضًا كانت صواريخ «تاو» المضادة للدروع والموجهة لاسلكيا بقيمة 1.7 مليار دولار، كما حصلت المملكة على 69 دبابة m1a2 ب 132.7 مليون دولار. وفى 2014 ووفقًا لموقع «روسيا اليوم» كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن صفقة أسلحة جديدة للسعودية بلغت 1.75 مليار دولار لبيع نظام «باتريوت» للدفاع الجوى وصواريخ «باك 3» للسعودية. وفيما تفوق الميزانية العسكرية السعودية وفق أرقام تقريبية أكثر من 57 مليارًا، تشير الأرقام إلى 300 ألف جندى نظامى كحد أدنى موزعين على مختلف القطاعات. وتشير تقارير أخرى إلى أن إجمالى عدد الطائرات التي تخدم في القوات الجوية السعودية 946 طائرة تتنوع ما بين طائرات مقاتلة بلغ عددها 155 طائرة، و236 طائرة هجومية، والبقية ما بين المخصص للنقل والتدريب والاستطلاع ونحوه. هذه الأسلحة تأتى في طليعتها الأشهر والأقوى عالميًا، ومن أعرق شركات التصنيع الحربى العالمية مثل ال»F- 15 الأمريكية، والتايفون والتورنادو الإنجليزيتين»، و»إيرباص إيه 330 إم. آر. تي. تى الفرنسية، وبوينج كيه. سي- 135، ولوكهيد مارتن الأمريكيتين»، والأخيرة كطائرات مُخصصة للتزود بالوقود جوًا. وتشمل أيضًا طائرات التدريب والمروحيات وغيرها، وطائرات الإنذار المبكر والحرب الإلكترونية والتجسس، وسلسلة طائرات من دون طيار والهليكوبتر (أباتشى - كيوا - سيكورسكي) الأمريكية. وتضمّ مقدرات القوات الجوية السعودية أيضًا طائرات فرنسية للقوات البحرية (يوروكوبتر)، مع مقاتلات للاستطلاع وتنصت (نورثروب إف- 5 الأمريكية). بالإضافة إلى 214 مطارًا أو مدرجًا عسكريًّا للإقلاع والهبوط، كما لا يمكن إلا الإشارة لأحدث الطائرات خاصة الطائرات من طراز F15 إيجل، وأسطول من طائرات F15 «سترايك إيجل» الهجومية المتقدمة؛ حيث إنها ثالث دولة في العالم (بعد الولاياتالمتحدة واليابان)، التي تمتلك هذه الطائرات. أيضًا يشار إلى أنه في أبريل 2014 اشترت المملكة أسطول طائرات بدون طيار صينى تُمَاثل قاذفات بريديتر الأمريكية، ويمكنها التحليق لمدة 20 ساعة متواصلة، ولمسافة تزيد على 4 آلاف كيلو متر، وارتفاع يصل إلى 5 كيلو مترات. ووفقًا لتقرير المعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية فإن المملكة لديها القوة العسكرية الأكثر تجهيزًا وفعالية في منطقة الخليج، بل إن معداتها العسكرية أكثر تطورًا وأفضل صيانة عن أسلحة دول الجوار في المنطقة، مؤكدًا أن مخزون السعودية من الصواريخ يصل إلى 4000 صاروخ مضاد للدبابات، مع العلم أن البنتاجون سبق وأن أطلع الكونجرس بأنه تم في عام 2009 بيع صفقة أخرى للسعودية تصل إلى 5000 من هذه الصواريخ. ذلك الجهد الهائل لتواكب القدرات العسكرية السعودية أحدث الأسلحة العالمية كان يقابلها اهتمام كبير بالتدريب والتأهيل للجندى السعودي، وتطوير قدراته للتعامل معها، فالتمارين العسكرية والاستعراضات لا تكاد تتوقف سواء محليا أو بالمشاركة إقليميا ودوليا مع الدول الصديقة. تحدثت تقارير عسكرية متخصصة -حسبما ذكر موقع سبق- عن توجه السعودية لتطوير الصناعات العسكرية لديها بشكل لافت، مستشهدة بوجود صناعات ذات كفاءة عالية، الأمر الذي مكنها من دخول الأسواق الإقليمية والعالمية، واليوم تتميز المملكة بصناعاتها العسكرية في مجال المركبات والإلكترونيات الحديثة. وفى هذا الإطار، قامت المملكة بإنشاء مؤسسات صناعية عدة تأتى في مقدمتها الهيئة العامة للصناعات الحربية التي أنشئت سنة 1982 والتي من خلالها أنشأت المملكة مجمعًا ضخمًا لإنتاج الأسلحة والذخائر، ويضم هذا المجمع خمسة مصانع للأسلحة والمعدات الحربية. ومن أهم المؤسسات الصناعية العسكرية التابعة للمؤسسة العامة للصناعات العسكرية يمكن ذكر: مصنع المدرعات والمعدات الثقيلة، الذي تأسس ليضطلع بتصنيع العربات المدرعة بأنواعها، وشركة الإلكترونيات المتقدمة ACE من الشركات الرائدة في مجال إنتاج أنظمة محاكاة وأنظمة تدريب متكاملة، والمصنع السعودى لأنظمة الأهداف الإلكترونية SETS. هذا فيما تشير قراءات متخصصة إلى أن المملكة تعتمد في برامج التسليح أسسًا مهمة من أبرزها: التنويع في مصادر السلاح، نقل التكنولوجيا المتقدمة وكفاءات الصنع وتوطينها في المملكة، ومواءمة السلاح للحاجات الخاصة للمملكة. وهى من أهم البرامج التي تتيح القيادة والتحكم والاتصالات ونظام الإنذار المبكر، وتم إنجازها في عام 1996، وبكلفة 56 مليارات دولار، ويتضمن 164 موقعًا داخل المملكة، يغطى نظام درع السلام كامل المملكة، إضافة إلى مملكة البحرين، ومن المتوقع أن يشهد توسعة مستقبلية ليشمل جميع دول مجلس التعاون الخليجي. في تصريح ل»سى إن إن» والذي نقل عالميا بسرعة كبيرة أوضح سفير السعودية لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية عادل الجبير أن المملكة لا تستبعد بناء قنبلة نووية في الوقت القادم؛ للدفاع عن نفسها ضد إيران. وسبق أن وقعت المملكة وكوريا الجنوبية مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الطاقة النووية، تقول صحيفة «تشوسون إيلبو» الكورية الجنوبية بأن مذكرة التفاهم الموقعة تتضمن بناء مفاعلين نوويين على أراضى المملكة من طراز سمارت (SMART) بقيمة مليارى دولار. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة «الحياة» فإن الدراسات التي أجرتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة خلصت إلى إمكان إنشاء المفاعل النووى للأغراض السلمية شرق المملكة أو غربها. وفيما تم الإعلان عام 2011 عن خطط لإنشاء ستة عشر مفاعلًا للطاقة النووية على مدى العشرين عامًا المقبلة بتكلفة تبلغ أكثر من 80 مليار دولار، اعتبرت مصادر غربية أن العلاقات بين السعودية وحليفتها باكستان هي في نظر المتابعين أبرز ما يشير لإمكانية حصول المملكة على أسلحة نووية من باكستان، وفى كل الأحوال يراه المنصفون حقًا مشروعًا في ظلّ سعى إيران لتملك السلاح النووي. والحقيقة أن المملكة كانت وما زالت واضحة، حيث ينقل التقرير أن الملك عبدالله -رحمه الله- كان واضحا مع الأمريكيين بأنه «إذا ما حصلت إيران على قنبلة نووية فإن المملكة ستحذو حذوها، مهما كانت التزاماتها بموجب «معاهدة حظر الانتشار النووي». وكان الموقع الإخبارى الأمريكى جانيز (JANE›S) قد كشف عن شراء السعودية 100 صاروخ صينى حصرى للجيش الصينى من نوع df- 21 mode 3 والذي يبلغ وزن رأسه التفجيرى 2 طن، وهو أعلى بكثير من صواريخ بعض الدول القوية، هذا بالإضافة إلى 60 صاروخًا «رياح الشرق» بعيدة المدى. الأكيد أن المملكة العربية السعودية تدرك المخاطر التي تحيط بها، لذا لديها خططها الطموحة للمحافظة على تفوق عسكري، تفرضه المرحلة والتحولات في المنطقة، التي تؤكد يوما بعد يوم أن اللغة الوحيدة التي يفهمها الجميع في هذا العصر هي لغة القوة.