قبل اسابيع انفردت «صوت الأمة» بخبر اكبر صفقة أسلحة فى تاريخ مصر قادمة من روسيا والصين والهند، التى تقدر ب 6 مليارات دولار. وقتها ايضا كتب الأستاذ عبدالحليم قنديل، ان تنويع مصادر السلاح ضروري، لكن الأهم والاكثر ضرورة، هو أن يكون سلاحنا انتاج مصانعنا، وان هذا فقط سيمنحنا الاستقلال الوطني، ويجعل قرارنا مصريا خالصا. وأن شعار «خلى السلاح مصري»، لا يقل لأهمية عن شعار «خلى السلاح صاحي». قبل أشهر قليلة من ثورة يناير 2011 ظهر تسجيل صوتى يتهكم من الصناعات العسكرية المصرية مفاده أن الصناعات العسكرية المصرية أنتجت سلاحاً خطيراً للردع عبارة عن طقم لأوانى الطهى مع قلاية بطاطس. وانتشر هذا التسجيل الصوتى الذى أطلق فيه المؤدى جملاً تهكمية على الصناعات الحربية على خلفية أغنية «خلى السلاح صاحى». ولم يكن هذا التسجيل يشير سوى لجهل مطبق بصناعة مصرية عريقة لها تاريخ طويل يبلغ قرابة قرنين من الزمان حيث بدأت تلك الصناعات فى عهد محمد على باشا وتميزت حينها بالجودة والشمولية وشملت الصناعات الحربية المصرية حينها المدفعية والبنادق والسفن الحربية والذخيرة والقنابل، وكانت الموارد المتاحة لتلك الصناعة محلية ولكن تحت الضغط الأوروبى على مصر خلال تلك الفترة تم تفكيك تلك المصانع فى العقد الرابع من القرن التاسع عشر. أما الصناعات الحربية العصرية فبدأت فى مصر فى أعقاب الحرب العالمية الثانية بمساعدت ألمانية وسويدية وفرنسية. ففى منتصف الخمسينيات قامت الحكومة المصرية ببناء مصانع للذخيرة والأسلحة الصغيرة، وتم إنشاء مصنع للطائرات فى حلوان فى الخمسينيات لإنتاج طائرات التدريب الأولى والنماذج التجريبية للطائرات المقاتلة. وفى عام 1953 أنشئ مصنع صقر للصناعات المتطورة لإنتاج الذخيرة وبدأ المصنع فى تطوير الصواريخ خلال عقد الستينيات، وفى عام 1960 تم إنشاء شركة حلوان للمحركات لإنتاج محركات الطائرات. وكانت تلك المصانع تعتمد على تقنيات مستوردة من خارج مصر فى أغلب الأحيان. وفى الستينيات تمكنت المصانع الحربية من تصنيع عدة مئات من الطائرات تم تصدير بعضها للخارج، ولكن عمل الاتحاد السوفييتى حينها على إثناء مصر عن صناعة السلاح محلياً وتعرضت بعدها مصانع السلاح لمصاعب اقتصادية وأغلق الكثير منها فى نهاية الستينيات، وبخلاف صناعات الأسلحة الخفيفة، قامت الصناعات الحربية المصرية حينها على إصلاح وصيانة المعدات العسكرية السمتوردة. وفى السبعينيات، سعت مصر لإحياء الصناعات العسكرية من خلال إنشاء الهيئة العربية للتصنيع التى اعتمدت فكرتها على اسهام السعودية برأس المال وتقديم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا للتكنولوجيا والمعدات بينما ستسهم مصر بأربعة مصانع حربية لديها وهى مصنعياً الطائرات والمحركات بحلوان علاوة على مصنع صقر بهليوبوليس ومصنع قادر للطائرات والذخائر فضلاً عن 15 ألف عامل مدرب، وبالفعل أنشئت الهيئة العربية للتصنيع فى عام 1975 وتم تجميع بعض المعدات بها بين عامى 1977 و1978، ولكن انسحبت منها السعودية وبعض دول الخليج الأخرى فى أعقاب توقيع معاهدة كامب دافيد، وصارت بعدها الهيئة العربية للتصنيع ملكية خالصة لمصر مع معاونة فنية من الولاياتالمتحدةوفرنسا وتمكنت الهيئة من توفير بعض المال من صادرات السلاح. وتشير بعض التقارير منذ عام 1984 إلى أن السعودية جددت تمويلها للهيئة، بلغت قيمة الإنتاج السنوى للهيئة فى أوائل الثمانينيات نحو 100 مليون دولار وكانت غالبية الإنتاج مخصصة للجيش المصرى مع بعض الصادرات للعراق ودول إفريقية أخرى، ويبلغ عدد مصانع الهيئة اليوم 13 مصنعاً كان آخرها مصنع للطاقة المتجددة. وعلاوة على الهيئة العربية للتصنيع تمتلك وزارة الإنتاج الحربى وهى جهة مستقلة عن الهيئة 15 مصنعاً تقوم بإنتاج الأسلحة الصغيرة والذخائر بقية 240 مليون دولار سنوياً للإنتاج المحلى، وتشرف كلا الجهتين على 24 مصنعاً حربياً فى مصر يعمل بها ما بين 70 إلى 100 ألف عامل. أما شركة بنها للصناعات الإلكترونية فقامت بالتعاون مع شركة وستنجهاوس بتصنيع أنظمة الرادار. وكان لدى تلك الشركة عمالة يبلغ قوامها 3000 عامل وبإجمالى عائدات تبلغ 70 مليون جنيه مصرى. وفيما يتعلق بالمدرعات قامت مصر بتصميم وتطوير مركبة مدرعة باسم الوليد فى الستينيات وتم تطوير تلك المركبة فى الثمانينيات وهى المركبة فهد التى بدأ إنتاجها عام 1984 وقامت عدة دول عربية بشرائها. وفى عام 1984 فازت شركة جنرال دايناميكس الأمريكية بعقد إنشاء مصنع للدبابات M1A1، كما تنافست شركات أمريكية وبريطانية على إمداد المصانع الحربية بمعدات تستخدم فى تطوير المدفعية السوفييتية. وفى عام 1982 قامت مصر ببيع معدات عسكرية سوفييتية محدثة للعراق بقيمة مليار دولار أمريكى وظلت مبيعات السلاح المصرى للعراق بعدها فى حالة ازدهار لعدة سنوات. وفى أوائل التسعينيات قامت مصر بتجميع نظام سوينج فاير للصواريخ المضادة للطائرات علاوة على نسخ من صواريخ أرض جو سام 7 وسام 2 السوفيتية مع أنواع متعددة من صواريخ جو جو وجو أرض، وكانت غالبية تلك الصواريخ يتم تجميعها فى مصنع صقر، كما قامت المصانع الحربية بإنتاج كميات كبيرة من الذخائر مختلفة الأنواع وتم تصدير بعضها، وخلال التسعينيات أيضاً قامت المصانع الحربية بتصنيع بعض المعدات الإلكترونية العسكرية مثل اللاسلكى ووسائل الاتصالات. وخلال الثمانينيات والتسعينيات كانت فرنسا هى أكبر شريك أجنبى لمصر فى مجال تطوير منشآت إنتاج وتجميع أكثر تطوراً، وتجدر الإِشارة إلى أنه حتى فترة ما قبل احتلال العراق للكويت، كانت العراق تحصل على ثلثى صادرات مصر من السلاح. كما شملت الدول التى صدرت إليها مصر السلاح فى أواخر الثمانينيات اليمن والصومال وعمان والسودان. حتى أواخر الثمانينيات بلغ عدد المصانع الحربية التى تنتج الذخائر فى مصر حوالى 30 مصنعاً وبلغت قيمة استثمارات المصانع الحربية حوالى مليار ونصف المليار دولار بينما بلغت قيمة منتجاتها الحربية سنوياً ما يعادل 400 مليون دولار و400 مليون دولار أخرى قيمة المنتجات المدنية التى تنتجها تلك المصانع. صناعة الدبابات يعد مشروع التصنيع المشترك للدبابات مع الولاياتالمتحدة هو الأبرز فى مجال الأسلحة التقليدية بمصر وكانت قيمته الأولية حوالى 2.4 مليار دولار. أثناء بداية المشروع كانت غالبية العمل تتم من خلال شركات أمريكية فمثلاً فازت مؤسسة جنرال ديناميكس الأمريكية بعقد بلغت قيمته 150 مليون دولار أمريكى لتصميم وتجهيز معدات مصنع الدبابات بحلوان. وفى عام 1989 تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين المصرى والأمريكى لتصنيع 540 دبابة من طراز M1A1 ، وبدأ الإنتاج الفعلى فى عام 1991 وفى عام 1993 دخلت أول 31 دبابة من إنتاج مصنع حلوان الخدمة فى الجيش المصرى. أعتمد المشروع على أجزاء مصنعة فى الولاياتالمتحدة على أن يتم التجميع والفحص وتشكيل الدروع والأعمال الميكانيكية، كان من المقرر أن ينتهى العقد فى عام 1997. وفى أواخر عام 1995 لم تسفر المباحثات بين الجانبين المصرى والأمريكى عن نتيجة حيث أفادت تسريبات حينها إن الجانب الأمريكى أراد إقناع الجانب المصرى بتحويل المصنع لإنتاج مركبات قتال مدرعة أخرى مثل مركبات برادلى أو واريور أو تحويل المصنع لإنتاج شاحنات تجارية وعسكرية وقطع غيار لها ولكن رفض الجانب المصرى وواصل المصنع عمله بعد عام 1997 حتى بلغ حجم ما أنتجه من دبابات من هذا النوع فى عام 2007 حوالى 800 دبابة ووصل حجم الإنتاج حتى أواخر العام الماضى إلى 1130 دبابة، وتجدر الإِشارة إلى أن نسبة المكون المصنع محلياً بالكامل فى تلك الدبابة يبلغ 40% تقريباً. وشملت مشروعات تصنيع الدبابة تطويرها على مدار السنوات الماضية مع تصنيع مشترك لبعض قطع غيارها ونظم التسليح والذخائر المستخدمة فيها مع تدريب الوحدات المصرية عليها، وتعد مصر ثانى أكبر دولة فى العالم تملك أسطولاً من دبابات القتال الرئيسية M1A1 أما الدولى الأولى فهى الولاياتالمتحدة التى يمتلك جيشها حوالى 4000 دبابة من هذا النوع. صناعة الصواريخ لمصر قصة طويلة مع صناعة الصواريخ بدأت فى عهد عبد الناصر بتطوير صواريخ الظافر بمدى يتراوح بين 350 و430 كيلومتراً والقاهر بمدى 600 كيلومتر وتوقفت تلك الصواريخ منذ فترة طويلة، علاوة على صاروخ الرائد بمدى يتراوح بين 580 و1000 كيلومتر ولم يتم إنتاج هذا الصاروخ مطلقاً، وقامت مصر أيضاً بمشروع مشترك مع الأرجنتينوالعراق لتطوير الصاروخ كوندور 2 بمدى يصل إلى 1000 كيلومتر وانسحبت مصر من هذا المشروع فى عام 1989. وقامت مصر بعدها إلى تطوير الصاروخ فيكتور 2 بمدى يزيد عن ألف كيلومتر باستخدام تكنولوجيا الصاروخ كوندور واليوم تمتلك مصر القدرة الفنية على تصنيع صواريخ سكود B التى يتراوح مداها بين 275 إلى 500 كيلومتر ولكنها تعتمد على مساعدة دول أخرى فى الحصول على مكونات متقدمة لتلك الصناعة، كما تعاونت مصر مع كوريا الشمالية فى فترة حكم مبارك فى منتصف التسعينيات لإتمام المشروع T وهو مشروع لتطوير صاروخ سكود B بمدى يبلغ 450 كيلومتراً، وذكر تقرير غربى فى يونيه عام 1996 أن مصر تسلمت من كوريا الشمالية المعدات اللازمة لإنتاج هذا الصاروخ فى صورة 7 شحنات ضخمة قبل أشهر من ذلك التاريخ. وتسبب ذلك حينها فى أزمة دبلوماسية مع الولاياتالمتحدة. وعلاوة على ذلك تنتج مصر صاروخ المدفعية صقر 80 وهو نسخة مطورة محلياً من الصاروخ الروسى لونا M. وتتردد تكهنات بأن مصر تمتلك القدرة أيضاً على إنتاج صواريخ سكود C وأن كوريا الشمالية قد أمدتها بمعدات ومساعدات فنية لإنشاء خط إنتاج لهذا الصاروخ. وخلال العقد الماضى ترددت تقارير أمريكية تشير إلى أن مصر حصلت على تكنولوجيا إنتاج صواريخ نودونج الكورية الشمالية والتى يصل مداها إلى 1300 كيلومتر. وفى نفس الإطار يقوم مصنع أراب بريتش دايناميكس وهو مشروع مشترك للهيئة مع شركة بريطانية بصناعة قذائف وحاملات وانظمة توجية الصواريخ المضادة للدبابات وتصميم وتصنيع الكبائن العسكرية وكبائن القيادة والسيطرة الارضية وتصنيع كابلات نظم التسليح المختلفة. كما يقوم المصنع بصناعة وتركيب حوامل ومنصات اطلاق الصواريخ المضادة للدبابات من نوع تاو على العربة جيب CJ7 ويقوم بصناعة منصات اطلاق وتوجيه الصواريخ المضادة للدبابات من نوع مالوتكا على العربة جيب CJ8كما يقوم المصنع أيضا بتحميل الصواريخ المضادة للدبابات من نوع ميلان على العربة جيب CJ8 صناعة الطائرات ويمثل مصنع الطائرات الركيزة الاساسية لصناعة الطيران فى مصر منذ انشائه عام 1950. قام المصنع بإسهامات عديدة فى مجال تصنيع وتجميع الطائرات بداية من طائرة التدريب النفاثة القاهرة 200، الطائرة المقاتلة الاسرع من الصوت القاهرة 300، طائرة التدريب الراقى الألفاجيت، طائرة التدريب التوكانو ووصولا الى طائرة التدريب المتقدم والمعاونه الارضية K-8E، والتى وصل عمق التصنيع المحلى بها الى 94 % من اعمال الهيكل والكهرباء. كما يقوم المصنع بتصنيع قائمة من اجزاء الطائرات الفرنسية لصالح شركة داسو وشركة ساجيم وتقوم هذه الشركات بعمل مراجعات على اسلوب التصنيع ونظام الجودة المتبع بالمصنع للتأكد من سلامة وجودة الاجزاء المصنعة. تجدر الإشارة إلى أن مشروعات الهيئة العربية للتصنيع أسهمت بشكل فعال فى صناعة الطائرات المصرية حيث تمكنت بين عامى 1982 و1985 من تجميع 37 طائرة ألفا جيت الفرنسية النفاثة باستخدام نسبة 50% تقريباً من المكونات المحلية. وقامت الشركة بتجميع مقاتلات F-7 وهى النسخة الصينية من طائرات MIG 21 الروسية كما قامت بتجميع طائرات ميراج 2000 الفرنسية المقاتلة، أما مصنع قادر فقام بتجميع طائرات توكانو البرازيلية وهى طائرات تدريب وتم تصدير 80 منها إلى العراق. أما الشركة العربية البريطانية للهليكوبتر فقامت بتجميع عدد كبير من طائرات الجازيل وهى طائرات هليكوبتر خفيفة وصل معدل تجميعها إلى ما بين طائرتين إلى ثلاث طائرات شهرياً. كما وافقت شركة أيروسباتيال على تقديم التكنولوجيا اللازمة لتجميع طائرات هليكوبتر من طراز سوبر بوما، وتتولى ثلاثة مصانع فى حلوان تجميع وإصلاح وتجديد محركات الطائرات. أما أحدث إنتاج للشركة فهو عبارة عن طائرات موجهة بدون طيار أيتم تصنيعها بالتعاون مع شركة كاتيك الصينية. كما قامت الهيئة بتطوير الطائرة ألفا جيت MS1 وMS2 وتقوم بإنتاج طائرة تدريب الدفاع الجوى والقوات الجوية قادر -1 وهى عبارة عن هدف موجه خفيف حيث تستخدم الطائرة كهدف طائر لتدريب أطقم المدفعية المضادة للطائرات عيار 12.7 مم وعيار 23 مم . كما يمكن تزويد تلك الطائرة بمشاعل حرارية لامكانية استخدامها فى تدريب أطقم الصواريخ المضادة للطائرات مثل سام - 7 و عين صقر. صناعة المدرعات والمركبات تنتج الهيئة العربية للتصنيع العربة المدرعة فهد متعددة الأغراض التى تتميز بالقدرة العالية على المناورة وعبور جميع أنواع الأراضى الصعبة وتخدم هذه العربات حاليا فى قطاعات القوات المسلحة والشرطة. وقد تم تصديرها للعديد من الدول منها الكويت وعمان والجزائر وزائير، كما تم استخدامها من جانب قوات حفظ السلام المصرية فى كل من البوسنة والصومال وجنوب إفريقيا. وخلال الأشهر الأخيرة بدأت الهيئة فى تصنيع الهيكل المصفح لهذه السيارات لاستخدامها فى أعمال مقاومة الإرهاب. وعلاوة على ذلك تتعاون الهيئة مع مجموعة كرايسلر الأمريكية فى كيان يعرف باسم الشركة العربية الأمريكية للسيارات لإنتاج سيارات جيب العسكرية والتى تستخدم لأغراض متعددة علاوة على إنتاج الشركة من سيارات جيب للأغراض المدنية. ويعود تاريخ المصنع إلى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى وقد تمكن خلال تلك الفترة من إنتاج عشرات الآلاف من مركبات جيب العسكرية التى تعد المركبة الخفيفة الرئيسية فى الجيش المصرى. صناعة الإلكترونيات العسكرية تتم صناعة الإلكترونيات العسكرية فى مصنع قادر للصناعات المتطورة التابع للهيئة العربية للتصنيع وهو مصنع متخصص فى صناعة الاجهزة الالكترونية الخاصة بالطائرات وانظمة التوجية الخاصة بالصواريخ الموجهة وصناعة معدات والكترونيات خاصة تستخدم فى الرادارات مصرية الصنع ويقوم ايضا بصناعة اجهزة الحواسب العسكرية التى تستخدم فى مراكز القيادة العسكرية وفى ساحة الميدان نشر بالعدد 677 بتاريخ 2/12/2013