سعر الريال السعودي الآن في البنك الأهلي .. أسعار الصرف بيع وشراء وفقًا لآخر تحديث    «الفوقيه والتعالي» سبب فشل مفاوضات الأهلي مع مانشيني.. إبراهيم فايق يكشف (فيديو)    فئة لن يسمح باستمرارها في الدراسة للعام الجديد 2025-2026 بسبب المصروفات.. التعليم توضح    أسعار طبق البيض اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاربعاء 17-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    خبير أمن معلومات: تركيب الصور بالذكاء الاصطناعي يهدد ملايين المستخدمين    الخارجية الكندية: الهجوم البري الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة مروع    مباحثات سعودية إيرانية في الرياض حول المستجدات الإقليمية    فرنسا تدين توسيع العملية الإسرائيلية بغزة وتدعو إلى وضع حد للحملة التدميرية    ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 108 منذ فجر الثلاثاء    رئيس جامعة المنيا يشارك في اجتماع «الجامعات الأهلية» لبحث استعدادات الدراسة    أسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17-9-2025 في قنا    السيطرة على حريق هائل نشب بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة    د.حماد عبدالله يكتب: البيض الممشش يتلم على بعضه !!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 17-9-2025 في محافظة قنا    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    أمين عمر حكما لمواجهة الإسماعيلي والزمالك    الخارجية السورية تكشف تفاصيل الاجتماع الثلاثي واعتماد خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء    زيلينسكي: مستعد للقاء ترامب وبوتين بشكل ثلاثي أو ثنائي دون أي شروط    حرق من الدرجة الثانية.. إصابة شاب بصعق كهربائي في أبو صوير بالإسماعيلية    «دروس نبوية في عصر التحديات».. ندوة لمجلة الأزهر بدار الكتب    بالصور- مشاجرة وكلام جارح بين شباب وفتيات برنامج قسمة ونصيب    "يانجو بلاي" تكشف موعد عرض فيلم "السيستم".. صورة    سارة سلامة بفستان قصير وهيدي كرم جريئة .. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    مبابي: مباراة مارسيليا تعقدت بعد الطرد.. ولا أفكر في أن أكون قائدا لريال مدريد    حريق هائل بمطعم شهير بمدينة أبو حمص في البحيرة (صور)    زيارة صرف الأنظار، ترامب يصل إلى بريطانيا ومراسم استقبال ملكية في انتظاره    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    موعد إعلان نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025 رسميا بعد انتهاء التسجيل (رابط الاستعلام)    بعد تضخم ثروته بالبنوك، قرار جديد ضد "مستريح البيض والمزارع"    نائب رئيس جامعة الأزهر يعلن موعد نتيجة التنسيق (فيديو)    أبرزها الإسماعيلي والزمالك، حكام مباريات الخميس بالجولة السابعة من الدوري المصري    تدريبات فنية خاصة بمران الزمالك في إطار الاستعداد لمباراة الإسماعيلي    انخفاض بدرجات الحرارة، الأرصاد تعلن طقس اليوم    مروان خوري وآدم ومحمد فضل شاكر في حفل واحد بجدة، غدا    مصرع وإصابة 3 شبان بحادث تصادم في محافظة البحيرة    أعراض مسمار الكعب وأسباب الإصابة به    كاراباك يصعق بنفيكا بثلاثية تاريخية في عقر داره بدوري الأبطال    4 أيام عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    رئيس أركان جيش الاحتلال ل نتنياهو: القوات تعمّق الآن «إنجازًا» سيقرب نهاية الحرب    سعر السمك البلطي والسردين والجمبري في الأسواق اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025    ننشر خريطة موعد بدء الدراسة للتعليم الابتدائي بمدارس الفيوم تدريجيًا.. صور    على باب الوزير    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شاب طافية بنهر النيل في الوراق    ضبط ومصادرة 2 طن طحينة بمصنع بدون ترخيص بالمنيرة    مي عز الدين تهنئ محمد إمام بعيد ميلاده: «خفة دم الكون»    قبول الآخر.. معركة الإنسان التي لم ينتصر فيها بعد!    داليا عبد الرحيم تكتب: ثلاث ساعات في حضرة رئيس الوزراء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    يوفنتوس ينتزع تعادلًا دراماتيكيًا من دورتموند في ليلة الأهداف الثمانية بدوري الأبطال    قافلة طبية مجانية بقرية الروضة بالفيوم تكشف على 300 طفل وتُجري37 عملية    حتى لا تعتمد على الأدوية.. أطعمة فعالة لعلاج التهاب المرارة    يؤثر على النمو والسر في النظام الغذائي.. أسباب ارتفاع ضغط الدم عن الأطفال    ليست كلها سيئة.. تفاعلات تحدث للجسم عند شرب الشاي بعد تناول الطعام    أمين الفتوى يوضح حكم استخدام الروبوت في غسل الموتى وشروط من يقوم بالتغسيل    فيديو - أمين الفتوى يوضح حالات سجود السهو ومتى تجب إعادة الصلاة    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمن القومي العربي والأسلحة المستوردة!!!
نشر في المصريون يوم 04 - 07 - 2011

في الأول من أيلول (سبتمبر) 1983 وفي ذروة الحرب الباردة، تناقلت وكالات الأنباء العالمية أن القوات الجوية الروسية قامت بإسقاط طائرة ركاب كورية مدنية من طراز بوينج 747 KAL007 فوق الطرف الجنوبي لجزيرة سخالين الروسية ومقتل جميع ركابها 269 راكبا. وأقامت الماكينة الإعلامية الغربية الدنيا على الوحشية الروسية، وكيف أن الطائرات المقاتلة الروسية أسقطتها عمدا مع أن الطائرة مدنية وشكلها مميز تماما، في حين قالت روسيا أن الطائرة كانت في مهمة تجسسية فوق الاتحاد السوفيتي، ولم تنصاع إلى النداءات المتكررة بالهبوط، وادعت أمريكا البراءة التامة من مهمة التجسس وأنه لم يكن في استطاعتها عمل أي شيء لإنقاذ الركاب والطائرة، ولكن من خلال ما أذاعه الروس من محادثات بين الطيار الكوري والمقاتلات الروسية كان الطيار يؤكد أنه يطير فوق الأجواء الدولية وأنه لا يحق لهم دعوته للهبوط، ومن خلال ما نشر تبينت الحقيقة في كتاب ميشل بيرن Michel Burn حادثة فوق سخالين Incedent at Sakhalin، وفيما نشرته النيوزويك Newsweek الأمريكية، تبين كذب الادعاء الأمريكي ذلك بأنه لم يكن في استطاعتها الاتصال بالطائرة وتحذيرها، بل ثبت أخطر من ذلك بأنه قد تم إعادة برمجة جهاز الملاحة الخاصة بالطائرة INS بعد هبوطها في مدينة أنكوراج في آلاسكا، لتطير فوق القاعدة العسكرية الروسية للغواصات النووية والصواريخ فوق كامشتكا، حيث كان الروس يجربون صواريخ جديدة متطورة، لتطير بعد ذلك فوق سخالين لإظهار مدى جهوزية الدفاع الجوي الروسي وسرعته في اكتشاف الطائرة الدخيلة، وهذا ما يفسر أقوال قائدة الطائرة بأنه يطير فوق المياه الدولية.
الحقيقة الأخرى الثابتة هو أن طائرة تجسس أمريكية من طراز RC135 كانت تحلق على بعد مئتي ميل من الطائرة الكورية وتسجل كل الإشارات الروسية، كما أن القمر الصناعي التجسسي الأمريكي من طراز Ferrt.D كان متمركزا فوق المنطقة ويتابع خط سير الطائرة الكورية، بل إن الرادارات الأمريكية العسكرية والعاكسة مداها عشرات الآلاف من الكيلومترات وترى بعد خط الأفق بواسطة عكس إشاراتها على طبقة الأوزون لتنعكس في الناحية الأخرى من الأفق، وعليه فإن الطائرة الكورية كانت في جميع الأوقات منذ مغادرتها لأنكوراج في آلاسكا تحت المراقبة التامة لأجهزة الرادار والأقمار الصناعية وطائرةالتجسس RC135 وكان في مقدور، بل من واجب الولايات المتحدة جسب القانون الدولي، أن تنبه الطيار إلى خطأه وتطلب منه تصحيح مساره لتجنب الكارثة، ولكن تمت التضحية بها وركابها لأهداف أخرى، وهذا يذكرنا بإسقاط الطائرة الإيطالية في البحر المتوسط بواسطة صاروخ والتضحية بركابها الثمانين للتخلص من إنريكو ماتي رئيس شركة بترول إيطالية لأنه تجرأ على محاولة شراء البترول رأسا من ليبيا والعراق، وتم اتهام ليبيا بإسقاط الطائرة – ألفراد جاسنر – جيوش الناتو السرية – Zurich – Alfred Gasner – NATO Secret Armies.
ومن الحقائق المعروفة أن أمريكا طورت في نهاية القرن الماضي نظاما يسمى بجلوبال هوك Global Hawk، وهو نظام يتيح لهم برمجة وإعادة برمجة أجهزة الملاحة الجوية للطائرة بعلم أو بدون علم الطيار لتطير في المسار الذي تريده هي، ولقد استطاعت بهذا البرنامج إرسال طائرة ضخمة بوينج 747 لتطير من بوستن في فلوريدا إلى سيدني في أستراليا، لتحط في المطار، ثم لتطير عائدة إلى بوستن دون طيار، وهو ما مكنها من تطوير طائرات دون طيار للتجسس، ولتتبع المطلوبين وقتلهم، وللغارات على المواقع وضربها بالصواريخ، وهو ما تستخدمه اليوم في أفغانستان، باكستان، اليمن، وفلسطين لتتبع المجاهدين وقتلهم، ولقد طورت بعد ذلك صواريخ يتم برمجتها من خلال الأقمار الصناعية لتضرب أهدافها بدقة Toma Hawk، كما طورت القنابل الذكية التي يتم إسقاطها من الطائرات على بعد مئة كيلومتر لتتولى بنفسها البحث عن الهدف وتتبعه وتدميره.
وقد تم لاحقا استخدام هذه التكنولوجيا في الصناعات العسكرية والمدنية، فالآن يتم التحكم في أي شيء يتحرك، سيارة (وجميع السيارات المدنية الحديثة مثل مرسيدس - ب.م.دبليو – روزرويس ... مجهزة بطريقة تمكن الشركة المصنعة بتحديد مكانها وإيقافها عن الحركة تماما، وقد حصل هذا لصديق لي)، دبابة، طائرة، سفينة، غواصة ... بحيث يتم وقت الضرورة التحكم في حركتها وسيرها، إيقافها أو تدميرها، هذا ينطبق على الصناعات العسكرية الأمريكية ومبيعاتها للدول "الصديقة" فجميع الأجهزة الإلكترونية الموجودة بها سواء كانت للملاحة الجوية، أو لتصويب المدافع فوق الدبابات، أو الصواريخ في الطائرة، أو حركة المصفحات وناقلات الجنود، تعمل بواسطة أجهزة كمبيوتر موجودة في الطائرة، أو الدبابة ... وضع المهندس الأمريكي برامجها ويستطيع التحكم فيها، إما بواسطة فيروس مزروع في أنظمة البرمجة يمكن إطلاقه وقت الضرورة، ليحول هذه الآلة إلى مصيدة موت لأصحابها أو تغيير مسار الطائرة، أو تعطيل أجهزة التوجيه فوق الدبابات أو في الصواريخ، ويتم هذا عن طريق الأقمار الصناعية وأجهزة GPS فالمُصدر الأمريكي هو واضع برامج التشغيل وشفرتها، يتحكم فيها، ولا يبوح بأسرارها للمستخدم، أو المشتري، ولقد اضطرت ألمانيا إلى تغيير برامج الكمبيوتر ولا تستخدم البرامج الأمريكية مثل ويندوز، أو ميكروسوفت، وهي حليف لأمريكا وفي حلف الأطلسي.
ويزيد الأمر خطورة إذا علمنا أن مكينة – من الماكينات – الاستخدام الآلي وبرمجة كثير من الأجهزة الحساسة مثل الاتصالات، البريد، المصانع الحديثة ... بل وأجهزة الشفرة للجيش والبوليس والبنوك، يتحكم بها المصنع، ولقد اكتشفت إيران أن أجهزة الشفرة التي تشتريها من دولة أوروبية مصممة بحيث تمكن الدولة المصدرة أو من تتعاون معه بفك شفرتها للتو واللحظة مما حداها بالقبض على مدير الشركة في طهران، والآن تعلمت الدرس وتقوم بصنع الأجهزة بنفسها.
ولقد كشفت التحقيقات التي أجرتها الحكومة اللبنانية، كيف أن إسرائيل كانت تسيطر على شبكات الهاتف الأرضي والمحمول، بل واستخدام شبكتها وقتما تريد بواسطة عملائها وكانت تعلم كل ما يدور في جلسات الوزراء وقطاع الأمن، والشرطة، والجيش.
ولقد جاء في كتاب صائد الجواسيس والذي منعت تاتشر رئيسة وزراء إنجلترا نشره، ونشر في الخارج، أن بريطانيا في عدوانها الثلاثي على مصر عام 1956م، طلبت نسخة من أجهزة الشفرة المصرية التي كانت تشتريها من إحدى الدول الأوروبية، واستطاعت بواسطتها التعرف على كل تحركات الجيش وقرارات الحكومة المصرية، مما أدى إلى هزيمة مصر.
والأمر الأخطر للغاية، هو أن أمريكا طلبت من مصر استبدال توربينات السد العالي الروسية بأخرى أمريكية، وتم بيع التوربينات الروسية وهي من سبائك سرية التكوين عالية الثمن للشركة الأمريكية على أنها خردة بمبالغ زهيدة، وتم تركيب التوربينات الأمريكية وهي تعمل ببرامج كمبيوتر أمريكية، تستطيع الولايات المتحدة تشغيلها أو إيقافها حسب الضرورة، وهو ما حدا برئيس المخابرات الإسرائيلية ليقول إن الموساد يتحكم في مفاصل الدولة المصرية ... فالتحكم الإلكتروني أصبح وسيلة من وسائل الحرب السرية الجديدة، ولقد تمكنت أمريكا من تعطيل البرنامج النووي الإيراني لمدة شهور كثيرة مما أدى إلى تعطيل تشغيل مفاعل بوشهر، بواسطة فيروس Stuxnet ستكس نت ثم زرعه في أجهزة الكمبيوتر الإيرانية، ويعتبر الإنترنت، ومحركات البحث جوجل، ياهو وغيرها وكذلك صفحات التواصل الاجتماعي Facebook فيس بوك و Twitter تويتر ... وغيرها من أهم مصادر المعلومات لأجهزة الاستخبارات الغربية.
الأمر الذي ربما لا يعرفه الجميع أن كثير من المطارات العربية مزودة بكاميرات مراقبة متصلة بمركز الاستخبارات الأمريكية، ولقد تم القبض على كثير من المطلوبين، بعد تعرف الطرف الأمريكي عليهم، ومنهم زياد الجراح، وهو شاب لبناني غير ملتزم زار باكستان وأفغانستان والتقطته المخابرات الأمريكية بعد تعرفها على صورته من إحدى المطارات العربية، حيث تم احتجازه واستجوابه وقد تعرف من الأمريكان على نوايا بعض العرب في تأجير طائرات في أمريكا وإلقاء بعض القنابل منها على بعض الأهداف، وهو مما أعطاهم فكرة أحداث سبتمبر الشهيرة، بضربها الطائرات المبرمجة في برجي التجارة العالمية واتهام القاعدة بها.
بعد حرب 1973، والتوقيع على اتفاقية كامب دايفد المشؤومة، تم الاتفاق مع مصر على تكهين والإخراج من الخدمة الأسلحة الروسية، عماد التسليح المصري في ذلك الوقت، كما تم الاتفاق على إغلاق أكثر المصانع العسكرية المصرية وتحويلها إلى صناعات مدنية لعمل الغسالات والأدوات المنزلية، وتم إيقاف برنامج الصواريخ العربي وهو اتفاق بين مصر – العراق – سوريا والأرجنتين، بتمويل خليجي عربي لتصنع صاروخ كوندور، وتم بيع كنوز التكنولوجيا الروسية، من سبائك سرية، وأنظمة رادار، وأجهزة أخرى، لشركات أمريكية بأسعار زهيدة، وتعهد أمريكا بتقديم مساعدة عسكرية لمصر قيمتها مليار وثلاثمائة مليون دولار سنويا، مع التأكيد في نفس الوقت بالتزام أمريكا المطلق بأمن إسرائيل وتفوقها التام على جميع الدول العربية مجتمعة، وأن أمن العالم يتوقف على أمن إسرائيل (كونداليسا رايس)، ومن المنطقي ألا تستخدم المعونة العسكرية الأمريكية – أو الأسلحة المباعة – ضد أمريكا أو حليفتها الأولى وقاعدتها العسكرية في الشرق الأوسط إسرائيل، وأن هذا الأمر لا يُترك لتفاهمات شفهية، أو اتفاقيات سرية، أو نوايا حسنة من عملاء موثيقين، فهذا كله يمكن أن يتغير بثورة شعبية أو انقلاب عسكري، ولهذا احتاطت أمريكا ... ووصلت المساعدات العسكرية لمصر، دبابات، طائرات ... الخ، مع كمية محدودة جدا من قطع الغيار، وكمية صغيرة من الذخيرة تكفي لمناورات عدة، ولم يُسمح لمصر بتصنيع قطع الغيار أو شرائها من مصادر أخرى. كما أن عمليات تجميع بعض الأسلحة في مصر تحت إشراف أمريكي، لا تسمح للمصريين بالاطلاع على أسرار تلك المكونات وفحصها، وإنما يتم تركيبها كما هي. ولقد أخبرني المرحوم نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا السابق، أن الأسلحة الأمريكية كان بها مكونات إسرائيلية كثيرة وعليها الحروف العبرية واضحة تماما، وأن الأمريكيين كبلوا تركيا بمعاهدات عسكرية كثيرة مع إسرائيل، لصيانة وتحديث الأسلحة الأمريكية المستوردة .. وحسب هذه الاتفاقيات فإنه لا يحق للأتراك بتصنيع قطع الغيار أو استيرادها إلا من أمريكا وإسرائيل وأنه لم يكن مسموحا للمهندسين الأتراك أن يطلعوا على مكونات الأسلحة أو أسرارها أو برامج تشغيلها، ولما حاول تغيير هذه الاتفاقيات أثاروا عليه بعض جنرالات الجيش وأخيرا تم إقالته ومحاكمته وسجنه.
فالأسلحة التي يتم بيعها للدول العربية والإسلامية، هي فقط للاستعراضات العسكرية، أو لتستخدم في حروب تسمح بها أمريكا، ضد دول عدوة لأمريكا وإسرائيل، وكلنا نعلم كيف اشترطت إسرائيل على أمريكا عدم تمركز طائرات F15, F16 التي اشترتها السعودية من الولايات المتحدة في مطار تبوك شمال المملكة لأن هذا يهدد أمن إسرائيل، وكلنا نتذكر أزمة الصواريخ الصينية سيلك ورم Silk Worm التي اشترتها المملكة سرا من الصين في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، والتي يبلغ مداها ألفي كيلومتر، وكيف أصرت إسرائيل على حليفتها أمريكا بإبعاد هذه الصواريخ رغم أنها كانت متمركزة في جنوب المملكة، وقد تم ذلك سرا في نهاية الأمر .. كما أن طائرات الأواكس الأربع التي اشترتها المملكة أثناء الحرب العراقية الإيرانية لا يُسمح لها بالطيران شمال المملكة حتى لا تستطيع الاطلاع على الأجواء الإسرائيلية وما يدور فيها.
ولم يكن الاتحاد السوفيتي وروسيا حاليا، في تعاملها مع الدول العربية أكثر سخاءً أو استثناءً، فلقد كانت الأسلحة الروسية دفاعية فقط، ويستلزم توريدها إنشاء قواعد عسكرية، وحضورا مكثفا من الخبراء والمدربين والجواسيس، كما تخضع هذه العقود إلى التزامات سياسية كثيرة، وكثيرا ما نقضت روسيا عهودها نتيجة ضغوط أمريكية صهيونية، أو مساومات غربية، كما حصل في صفقة الصواريخ لسوريا، والامتناع عن توريد صواريخ S300 و S400 لإيران.
لقد بلغت قيمة العقود للمشتريات العسكرية للدول العربية التي وقعتها منذ عام مع أمريكا مبلغ 120 مليار دولار، ومجموع مشتريات المنطقة في العقدين الماضيين بلغ حسب التقديرات المتحفظة نصف تريليون دولار، هذا عدا المشتريات من بلاد حليفة لأمريكا – إنجلترافرنساألمانيا، مما يعني أننا نمول نفس آلة العدوان الأمريكي الإسرائيلي على المنطقة، وحرمان بلادنا من برامج التنمية الصناعية، والاستيلاء على إيرادات البترول بطريقة غير مباشرة.
ولقد فطنت بعض الدول الإسلامية لهذا الخلل، وأولها كانت باكستان التي بدأت تصنيع القنبلة النووية في سرية تامة، كما طورت برامج الصواريخ مع الصين وكوريا الشمالية، بل إنها بالتعاون مع الصين طورت طائرة مقاتلة تفوق قدراتها الF16 وكانت من ضمن الأسباب التي أدت للتخلص من ضياء الحق، ولقد أنتجت الصين هذه الطائرة حاليا ومعها ميزة تكنولوجية جديدة أنه لا يكتشفها الرادار.
الآن وبعد ربيع الثورات العربية، والتخلص التدريجي من التبعية والسيطرة الأمريكية والغربية على الجيوش العربية بواسطة أنظمة التسليح التي تتحكم في في صنعها، وتوريدها وتشغيلها، مع الاحتفاظ بأسرارها، وقدرتها على تعطيلها بل وتدميرها، لابد للدول العربية والإسلامية أن تبدأ برنامج للتسليح يضمن لها استقرارها واستقلالها وقدرتها على اتخاذ القرارات المصيرية بإرادة حرة.
وأعتقد أن دولا مثل مصر، تركيا، باكستان، إيران، إندونيسيا، تستطيع أن تتعاون على إنتاج: الطائرات – الغواصات – الدبابات – الصواريخ، وأجهزة الاتصالات والشفرة، وكسر الاحتكار الإسرائيلي النووي، إما بنقل أسلحة نووية من باكستان، أو بعقد اتفاقيات عسكرية معها توفر مظلة نووية للدول الأخرى.
إن هناك إمكانية هائلة للتصنيع العسكري وتكنولوجيا المعلومات والصواريخ الذكية لهذه الدول مجتمعة فهي تملك جميع المواد الخام (التي لا تملكها اليابان، أو سويسرا، أو تايوان .. التي تستورد كل شيء)، أكثر من ذلك، مئات الآلاف من العلماء المغتربين الذين يعملون في الصناعات المختلفة في أوروبا وأمريكا، كما تملك اليد العاملة الرخيصة، والأجواء المعتدلة، ويمكنها في ظرف عقدين من الزمان أن تكون قوة عسكرية واقتصادية كبرى خاصة إذا تم التعاون الاقتصادي فيما بينها باستخدام عملة حسابية جديدة – كالدينار الإسلامي – يغنيها عن شراء الدولار والأويرو.
سويسرا
يونيه – حزيران 2011م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.