كاد عامل الرخام الشاب أن يطير من الفرحة عندما أخبرته زوجته بنبأ حملها.. راح يعد الأيام والشهور انتظارا لمولوده الجديد.. يوم الولادة خرج لاسترداد مبلغ من المال كان قد أقرضه لأحد أصدقائه.. انتظرت الزوجة عودته حتى يكون بجوارها فى هذه المناسبة المهمة ولكنه لم يعد.. وضعت مولودها وانتظرت زوجها ولكنه أيضا لم يعد.. بعد ساعات طويلة جاءها خبر العثور على جثته.. ترى ما هى أسباب الجريمة ومن ارتكبها وكيف نفذها؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها محقق «فيتو» فى السطور التالية: بدأ المحقق بحثه من قسم شرطة العجوزة.. حيث التقى المقدم أحمد الوتيدى رئيس المباحث وسأله عن ملابسات الحادث.. فقال: «البداية كانت بلاغ تلقيناه من صاحب ورشة رخام أكد فيه عثوره على جثة عامل مذبوحا داخل الورشة، وعندما انتقلنا وجدنا جثة العامل احمد عبدالعظيم -20 سنة- وبها جرح ذبحى بالرقبة وبعض السحجات والكدمات فى مناطق متفرقة من الجسم.. وتوصلنا من خلال التحريات الى ان القاتلين هما صديق المجنى عليه «أسامة جابر» -22 سنة-، وزميله « محمود احمد» -35 سنة-، وتمكنا من القاء القبض عليهما واعترفا بتفاصيل الجريمة». داخل القسم ايضا التقى المحقق بالمتهمين وسألهما عن سبب ارتكابهما للجريمة فقال اسامة: « القتيل كان من أعز أصدقائى، وعندما مررت بضائقة مالية لجأت إليه ولم يتأخر عنى، أخذت الأموال واشتريت بها كمية من المواد المخدرة للاتجار فيها، غير أننى فوجئت بكمين فى الطريق واضطررت للتخلص من المخدرات، ولذلك عجزت عن رد الأموال لصاحبها».. صمت المتهم قليلا وأضاف: «بدأ أحمد يلح فى طلب نقوده مما دفعنى للتفكير فى التخلص منه.. عرضت الفكرة على صديقى محمود، واتفقنا على استدراجه الى الورشة بحجة الاتفاق على صفقة رخام، وعندما حضر شل صديقى حركته وقمت انا بذبحه وسرقنا ما معه من أموال».. قاطعه المحقق: «وما شعورك الآن بعد هذه الجريمة البشعة؟».. اجاب: « نادم جدا على ما حدث ولكنه الشيطان الذى دفعنى لقتل صديقى».. أما المتهم الثانى فقد أكد ما جاء فى كلام الأول وأضاف للمحقق: «لم أكن أعرف القتيل وقد شاركت فى الجريمة من باب المجاملة والجدعنة». قرر محقق «فيتو» استكمال بحثه عن تفاصيل اكثر حول الحادث وانتقل الى منطقة ميت عقبة وهناك التقى بوالدة المجنى عليه «سعدية محمد عبدالله».. وبعد ان قدم واجب العزاء سألها عن تفاصيل حياة ابنها قبل مقتله.. كفكفت الأم الثكلى دموعها وقالت بصوت يخنقه البكاء: « منذ أن جاء الى الدنيا واحمد يعيش فى تعاسة وعناء.. طلقنى والده وهو رضيع وطردنى به الى الشارع ليتزوج من أخرى.. اضطررت للعمل خادمة فى البيوت حتى أوفر له الحياة الكريمة، وعندما وصل الى الصف الخامس الابتدائى قرر ترك دراسته والالتحاق بالعمل فى ورشة رخام حتى يريحنى من أعباء العمل.. مرت الأيام والسنين وكبر احمد وأصبح رجلا بمعنى الكلمة وازداد دخله من عمله فى صناعة الرخام.. ولأنه ابنى الوحيد وعانى كثيرا من اجلى، فقد قررت أن أزوجه مبكرا، وبالفعل تزوج ابنة خالته.. وبعد شهور قليلة حملت فى ابنه يوسف».. لم تتمالك الأم أعصابها وانخرطت فى بكاء شديد قبل ان تستطرد: «كاد احمد ان يطير من الفرحة عندما علم بنبأ حمل زوجته وراح يعد الأيام والشهور حتى يرى ابنه.. ادخر مبلغا من المال لمصاريف الولادة، وقبل الموعد بنحو اسبوع حضر إليه صديق وطلب منه 1500 جنيه سلفة على ان يعيدها قبل الولادة مباشرة، فاعطاه احمد المبلغ.. عندما اقترب موعد الولادة طالب احمد بأمواله ولكن صديقه ماطله، ولم يكتف بذلك بل اتفق مع شريكه واستدرجا ابنى الى ورشة الرخام وقتلاه يوم مولد ابنه. انتقل المحقق إلى زوجة المجنى عليه وتدعى «هويدا فتحى» -19 سنة- وسألها عما حدث يوم الجريمة فأجابت: «يوم الحادث شعرت بآلام الوضع ولم يكن معنا اموال كافية للولادة، فخرج أحمد مسرعا لإحضار بعض الاموال من صديق له ولكنه تأخر كثيرا فتوجهنا للمستشفى ووضعت طفلى «يوسف».. وما ان عدنا الى المنزل حتى فوجئنا بصاحب الورشة التى يعمل فيها احمد يحضر إلينا ويخبرنا بأنه عثر على جثته داخل الورشة.. كادت الصدمة ان تذهب بعقلى واحتضنت رضيعى، فقد كتب عليه اليتم منذ اليوم الأول لولادته».