يبدو أن الإدارة الأمريكية فى طريقها للبحث عن ورقة جديدة أكثر قوة فى مصر، خاصة بعد الانتقادات اللاذعة التى وجهتها إلى الإخوان عقب قيام الدكتور عصام العريان القيادى البارز بها، وعصام الحداد مستشار الرئيس برحلات حج فى ظل أحداث مذبحة قصر الاتحادية، فضلا عن نتيجة الانتهاكات التى حدثت خلال المرحلة الأولى من الاستفتاء. وتأتى تلك الانتقادات لتؤكد بأن شهر العسل بين الولاياتالمتحدة وجماعة الإخوان فى مصر قد أوشك على الانتهاء بالفعل، خاصة بعدما أكد "بارك أوباما" مؤخرا أن الإدارة الأمريكية لن تدعم أى ديكتاتور فى البلاد العربية، وهو تصريح أشبه بالمفتاح السحرى لعبور القوى المدنية من الباب الضيق وفتح قنوات اتصال مع واشنطن. وبدا الموقف الأمريكى تجاه الرئيس محمد مرسى والجماعة ملبدا بالغيوم فى الفترة الأخيرة، فى ظل تناثر العديد من التصريحات حول رغبتهم فى البحث عن حليف جديد للبلاد، وذلك بعدما بدا واضحا لها عدم خبرتهم الكافية فى إدارة البلاد، والذى أدى بدوره إلى سقوط العديد من الأرواح عقب الإعلان الدستورى. وفى هذا السياق أكد الدكتور عماد جاد الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، ورئيس لجنة الشئون الخارجية بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أن الإدارة الأمريكية أصبحت تحسب للإخوان المسلمين والرئيس مرسى أخطاءهم بعد الإعلان الدستورى الأخير والذى أحرق البلاد بنيران الفتنة. وأضاف "جاد": إن تصريحات "باراك أوباما" بعدم تدعيم أى ديكتاتور فى البلاد العربية كان بمثابة رسالة واضحة المعنى للرئيس "محمد مرسى"، والدليل على ذلك دعواته المستمرة للقوى المدنية للجلوس معه على مائدة الحوار، من أجل الخروج من المأزق الراهن، مشددا على أن الرئيس يخشى فقدان الدعم الأمريكى ليذهب إلى القوى الوطنية الأخرى. واتفق معه فى الرأى الدكتور نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع، والذى أكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تنوى رفع يدها عن دعم الرئيس، خاصة بعد قراراته الأخيرة بإصدار الإعلان الدستورى ثم تراجعه عنه، وإشعال نيران الفتنة فى البلاد بين المؤيدين والمعارضين، بالإضافة إلى وصول الحوار بين الرئيس والقوى المدنية لنفق مظلم، وهو ما لا يرضى الإدارة الأمريكية التى رفضت حتى الآن إعطاء مصر مساعدات مالية. وأضاف "زكى": إن "مرسى" أرسل الدكتور عصام العريان، أمين عام حزب الحرية والعدالة، لأمريكا منذ أسبوعين للحصول على موافقة بتمرير الدستور، لكن لم تأتِ الزيارة بأهدافها بدليل تصريحات الإدارة الأمريكية عن رغبتها فى فتح قنوات اتصال مع القوى المدنية بأسرها، مضيفا أن الأمريكان رأوا الإخوان على حقيقتهم، وعرفوا أنهم مجرد قمة جليد قد تنصهر بنيران الثورة. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية أذكى من أن تدعم الرئيس مرسى ونظام الإخوان وتفقد التفاهم مع باقى القوى الوطنية والمدنية، وبالتالى تراجعت عن مفاهيمها الخاطئة بضعف التيار المدنى وعدم قدرته على التأثير فى الشارع، حيث رأت ذلك بعينها بعد مليونية الإنقاذ الوطنى وقدرتهم على الحشد ب"لا" فى المرحلة الأولى من الاستفتاء، وهو ما أربك حسابات الأمريكان، وجعلهم يدركون مدى قوة التيار المدنى، ولهذا تحاول أمريكا نزع ورقة دعم نظام "مرسى"، لكن على مراحل تبدأ بالتصريحات العائمة، ثم توجيه الاتهامات المباشرة، وبعدها التضامن مع القوى الوطنية تجاه أى موقف تتخذه ضد الرئيس مرسى.