و«أمريكا أمنا». مع احترامى الكامل للعبارات التى تتردد فى شعار جماعة الإخوان «الله غايتنا، والرسول زعيمنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا» الذى وضعه الشيخ حسن البنا -رحمه الله- فى عصر غير العصر ولإخوان غير «الإخوان»، أجد أن هذا الشعار يحتاج إضافة عبارة و«أمريكا أمنا». ف«إخوان» العصر يرون أن أمريكا هى الأمل والمنى، والدنيا والأحلام. فليس يهم أن يتحول «الرئيس الإخوانجى» إلى ديكتاتور، أو تستولى «الدقون» على الدستور، أو يستحوذ فريق من المصريين على المشهد، أو تخرج الميليشيات المسلحة لتهدر حقوق الإنسان المصرى، أو يتم تهميش المرأة والأقباط، كل ذلك لا يهم.. المهم أن «تباركك» الأم «أمريكا»، ولا يهمك بعد ذلك أن «يلعنك شعبك»، وإرضاء أمريكا سهل جدا، وحل مشكلتك معها أقرب إليك من حبل الوريد، إنه هناك فى إسرائيل. يكفيك أن تضمن أمن المواطن الإسرائيلى، ولو سحقت المصرى وقتلته ومثّلت بجثته فى الشوارع، هنالك لن تحرك معك أمريكا ساكناً، لكن الويل كل الويل لك إذا راهنت على أمن إسرائيل ولم تلتزم بأن تهيئ لشعبها الأجواء المناسبة لحياة مطمئنة! هل فعل «المخلوع» أكثر من ذلك، وهل يفعل «المتوج» غير ذلك. لقد طار الدكتور عصام العريان إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية فى «عز» أزمة الإعلان الدستورى، والاستفتاء على الدستور الجديد، ووقوع المصريين فى شرك الفتنة الأهلية، حتى يحصل على الرضاء الأمريكى، ويؤكد لهم أن الإخوان على استعداد لحماية أمن «السيد الإسرائيلى»، ورفع صواريخ المقاومة الفلسطينية عنه، بشرط وحيد هو أن تدعم أمريكا ديكتاتورية الرئيس، وقمع الجماعة للمعارضين. من الممكن أن تتهم الإخوان ب«الكذب» فى أحيان، لكن لا بد أن تصدقهم فى المطلق، حين يتصل الأمر بأمريكا. فالجماعة يمكن أن تقع فى الكذب مع أى طرف، إلا الولاياتالمتحدةالأمريكية. فالمصريون «غلابة» لا يفتشون عن النوايا، وينسون الكذب، كما ينسون أحلامهم فى الحياة، أما الإدارة الأمريكية، فتعرف ما سوف تقوله قبل أن تقوله. «الإخوان» تعلمت من «المخلوع» النصف الأول من الدرس الأمريكى، لكن الطمع يعميها عن استيعاب النصف الثانى. فقد دعمت الإدارة الأمريكية نظام مبارك سنين طويلة، وحاولت أن تحميه من غضبة شعبه فى الأيام الأولى للثورة، لكنها بدأت تعيد حساباتها بعد اتساع دائرة الغضب، وخروج ملايين المصريين منادين بسقوطه، هنا دوّى صوت «أوباما» موجهاً رسالة مختصرة إلى «مبارك» يقول له فيها: «عليك أن ترحل ناو». فالإدارة الأمريكية تعبر عن حالة برجماتية واضحة، تترك الديكتاتور يهلك شعبه ظلماً، طالما كان قادراً على ذلك، لكن موقفها ينقلب حين ينقلب عليه شعبه، لتثبت للعالم كله حقيقة أن «المتغطى بأمريكا عريان»!