حيرتمونا والله يا أهل الليبرالية المصرية! ساعة تنادون بحق الشعوب فى اختيار مصيرها وتلومون على الغرب أنه لا يقف إلى جوار الشعوب، وساعة أخرى تنقلبون على نفس الشعوب وتعتبرونا ليست مؤهلة لتقرير مصيرها! وكأنى بكم تنادون بعودة الديكتاتورية فى ثوب آخر وغلاف آخر، غلاف ظاهرة الرحمة وباطنه العذاب والعياذ بالله! فحين يقول ليبرالى كبير فى اجتماع عام أن الشعب ليس هو من يصوغ الدستور، وأن الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية يجب تجاوزه؟ أليس هذا تحقيرا لصوت الشعب وتقزيما لإرادته! وحين يعتبر أكاديمى من اليسار القديم (لا أعرف كيف أصبح ليبراليا) أن الانتخابات التشريعية لن تجرى قبل صياغة دستور جديد للبلاد! أليس هذا هو عين الاستبداد بالرأى. وحين يسخر البعض من قوة الإخوان المسلمين ويعتبرها فزاعة ليخيف بها الشعب تماما كما كان مبارك يخيف بها أمريكا، أليس هذا "ضحك على الذقون استخدام نفس الأسطوانة المشروخة". أليس ما يجرى انقلاب، وإن كان ظاهره سلميا إلا أنه فى جوهره عنيفا ودمويا، لأنه ببساطة يريد القفز على إرادة الشعب. بأى حق يقرر نائب رئيس الوزراء د. يحيى الجمل تشكيل لجنة لصياغة الدستور على عكس ما أراده الناس وما صوتت لصالحه الأغلبية؟ هل تعلمتم فى مدرسة الليبرالية أن الشعب تختار ما يردى ونحن نفعل ما نريد؟ أهذه هى الديمقراطية يا سيادة المفكر والفقيه الدستورى ! من الذى منحك هذا الحق وبأى صفة تتحدث باسم شعب مصر وأنت تعلم قبل غيرك أنك لو دخلت أى انتخابات فى أى عصر فلن تحصل على شىء، لأن ظاهرك الديمقراطى يخفى تحت عباءته ديكتاتورية إيديولوجية لا نظير لها! كنت أظنك وأنت تدافع عن القانون والدستور فى عصر الرئيس المخلوع أنك تدافع عن مبدأ، ولكن تبين للجميع أنك تدافع عن عقيدتك التى تؤمن بها وهى عقيدة إقصائية ترى فى المنافسين خصوما وقد ترى فيهم خطرا عظيما؟ لا فرق إذن بين مفيد شهاب وفتحى سرور ويحيى الجمل.. الكل فى الاستبداد شرق! ظل الليبراليون لسنوات يتحدثون عن الخوف من انقلاب الإخوان على الديمقراطية بمجرد وصولهم إلى السلطة، ولكن ما نراه الآن ويشهده العالم أن أول من انقلب على الديمقراطية والشعب هو من يمسك بزمام السلطة وعلى رأسهم يحيى الجمل وبعض ممن يخوفوننا بالإخوان وينسون أنهم أنفسهم فعلوا مما حذرونا منه ولم نره من الإخوان! ليذهب الجمل بما حمل وليهدأ الليبراليون قليلا وليفكروا طويلا فى مستقبل هذا الوطن فلا هم أوصياء ولا غيرهم على هذا الشعب، ولسنا سذجا لهذه الدرجة وما نراه ليس إلا دليلا على أن الديمقراطية على الطريقة الليبرالية هى ديمقراطية إقصائية قبل وقوعها. الليبرالية المصرية ليست من يعطى أو يمنع شهادة صلاحية وطنية لأحد، وليست هى من يقرر لنا أو عنا من نختار ولمن نصوت. لقد ولدنا أحرارا، قلنا ذلك مرارا فى عصر الديكتاتور السابق أو تظنون أن ألسنتنا ستكون عاجزة عن النطق بها بعد زواله. أيها السادة... ليس من حق أحد الانقلاب على الدستور ولا على رأى الشعب وليس من حق مخلوق كان من يكون أن يملى علينا شروطه أو يتخذ قرارات تحت مظلة التخويف من الإخوان ولا غيرهم.. ثم إذا كان الإخوان بهذه القوة وقد كانوا تحت ضغط النظام وجبروته، فلماذا أنتم بهذا الضعف والخوف؟ فكروا ملياً قبل الإجابة لأننى على يقين أنكم سوف تدينون أنفسكم! اتركوا الشعب ليحكم نفسه فإن ظننتم أنه عاجز عن فعل ذلك فإنكم مخطئون ولن يترككم هذا الشعب لحظة... آخر السطر لما الليبرالية تلبس ثوب الاستبداد يا خوفى بكرة يبقى معنى الحرية استعباد وعجبى!