[email protected] هذا الأسبوع تأتى الذكرى الثالثة لرحيل أمى الغالية.. وهى فرصة طيبة كى استريح من الكتابة فى هموم السياسة وتكئة العمل الإعلامى الشاق، الذى يحول المرء إلى آلة للعمل دون أن يتحسس أن له قلبا ومشاعر يجب أن يشبعهما.. ورغم أن الجميع وهم يعزوننى فى وفاتها راهنوا على أن الزمن، والأولاد، وهموم العمل كفيلة بتخفيف الحزن ولا أقول النسيان إلا أن السنوات الثلاث مرت دون أن يتغير شيء، فالحزن مازال معتكفا بداخلى، والحياة رغم ما فيها من مباهج، ورغم بعض النجاحات إلا أنها جميعا كالماء يرويك من الظمأ، كى تستمر الحياة لكن لا تستمتع به أبدا... فقدت الحب الأهم فى حياتى، وكما أردد دائما، فالأم هى الحب الوحيد المجانى فى حياتك والآخرون حبهم مدفوع الثمن.. فالزوجة إن لم تكن ودودا وكريما ورومانسيا؛ لن تنعم بعشر ما كانت تمنحه لك أمك من حب، حتى أولادك إن لم تكن أبا حنونا، وملبيا لمطالبهم لن يمنحوك حبهم.. أما الأم ففى كل الأحوال، ومهما كان عطاؤك لها أو منعك عنها فإنها لاتملك سوى أن تغطى سماءك كلها بسحابات من الحب تمطر صيفا وشتاءً على أرضك، لتنبت بذور العطف والحنان.. هذا الحنان الذى لايتوقف أبدا لظروف مرض أو تعب أو غربة عنها أو حتى فى موتها فلن أنسى أبدا وصيتها لى دائما وهى تقول: «إذا بلغوك بخبر وفاتى، فلا تستعجل فى الحضور، واحترس من الطريق أنت أهم منى».. كيف يجد المرء هذا الحب فى الوجود مرة أخرى، لا يهمها موتها وإنما الأهم سلامة ابنها.. رحمك الله يا أمى.. فقد كانت تقول- وهى صادقة– حينما اشتكى بأى مرض يا رب تخف إنت وامرض أنا وكانت- رحمها الله- تقوم ليلا وهى تعدت السبعين، لترى هل تكشف الغطاء عنى أم لا.. أمى الغالية لقد توقفت الحياة بعدك فلم أعد أشعر أن لى قلباً يرجف بين ضلوعى، فقد ماتت كل أحاسيسى بموتك، ولم تعد الحياة سوى استكمال أيام فيها لا أعلم طويلة هى أم قصيرة، ولكنها أيام تشبه بعضها بعضا.. فى انتظار أن ألقاك فى الآخرة.. رحمك الله يا أمى فأنت كما تقول الحكمة «لئن تكون حاضرا فى قلوب الناس وأنت غائب عنهم خيراً لك من أن تكون حاضرا ولا يشعر بك أحد فما زلت تحيين فى كل كيانى، بينما لا ترى عينى عشرات البشر ممن يجالسونى كل يوم»