حول أسباب وأسرار انتشار بيع السلع المهربة فى الأسواق والشوارع المصرية, خاصة تلك السلع التركية والصينية, استطلعت «فيتو» أراء بعض من المتخصصين فى هذا الشأن حيث استضافتهم في ندوة بمقر الصحيفة , لتتكشف عدة مفاجآت وحقائق صادمة, منها أن 60% من حجم السلع المتداولة فى الأسواق دخلت للبلاد عبر طرق غير شرعية, ما يمثل خطرا على الاقتصاد يحرم الدولة من مليارات الجنيهات سنويا. ضربة البداية كانت لرئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية أحمد شيحة الذي بادر بالدفاع عن المستوردين قائلا: يجب الفصل بين المستورد والمهرب, فالأول يدخل السلع للبلاد عبر القنوات الشرعية ويسدد الرسوم والجمارك, بينما الثاني – وهو سبب المشكلة – يقوم بتهريب السلع عبر الحدود بعيدا عن الأجهزة الرقابية دون إعطاء الدولة حقوقها ليجنى أرباحا خيالية. شيحة أشار إلى أن الرقابة على الاستيراد تبدأ من القطاع المصرفي حيث يقوم المستورد بفتح اعتماد بنكي, ويقوم البنك بالتأكد من السلعة وبلد المنشأ فضلا عن الدور المنوط بمصلحة الجمارك وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات, متهما الحكومة بالتشجيع على التهريب وانتشار تلك السلع مجهولة المصدر بالأسواق المصرية, موضحا بأن قرارات بحظر استيراد سلع معينة والروتين القاتل والتضارب فى قرارات أخرى يعطل المستثمرين والمستوردين الذين يعملون فى النور ويصب الأمر فى صالح فئة المهربين وكبار رجال الأعمال! رئيس شعبة المستوردين ضرب مثلا بالقرارين 660 و 626 اللذين أصدرهما الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة بمنع استيراد أي منتج فى قطاع الملابس والمنسوجات إلا بمصاحبة شهادة جودة تحوى شروطا تعجيزية لم يخدم سوى حيتان تلك الصناعة – بحسب شيحة – مشيرا إلى أن الحكومة – مثلا – تمنع استيراد ملابس أو أقمشة يقل ثمن الكيلوجرام منها عن 24 دولارا! ومفجرا مفاجأة قال شيحة إن 60% من البضائع المطروحة بالأسواق المصرية حاليا هي سلع مهربة, وطالب المستهلك بمكافحة تلك السلع المهربة برفض شرائها, ليكبد المستفيدين من هذه الأسواق خسائر تمنعهم من مواصلة الكسب غير المشروع. فى المقابل رفض مدير الشئون القانونية بجهاز حماية المستهلك مصطفى عبد الستار, القول بإن المستهلك هو الطرف الأضعف فى تلك المعادلة, مؤكدا أن الرقابة الذاتية هى أشد أنواع الرقابة على السلع المهربة, وهو بذلك يتفق مع الطرح الذي قدمه شيحة. عبد الستار ارجع الانتقادات التى وجهت للجهاز وصمه بالضعف إلى القوانين المنظمة لعمله والتى صدرت فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك لخدمة أصحاب المصالح من رجال الأعمال, مشيرا إلى أن الفترة القادمة ستشهد صدور حزمة من القوانين التى تفعل دور الجهاز بشكل أوسع, خاصة فيما يتعلق بالاحتكار وأبرزها منع اندماج أكثر من كيان اقتصادي يتجاوز حجم أرباح كل منها نصف المليار جنيه سنويا, فضلا عن تمتع الجهاز بالضبطية القضائية لمواجهة أى تلاعب بالمستهلك, إلى جانب تغليظ العقوبة والغرامة على المحتكر والمخالف, مع إعفاء المبلغ نهائيا من العقوبة. مدير الشئون القانونية بجهاز حماية المستهلك برر عجز الحكومة عن ضبط الأسواق ومنع عمليات التهريب إلى أن السوق أكثر اتساعا من قدرة أى نظام رقابي, مشددا على أن المستهلك يعول عليه كثيرا فى مكافحة السلع المهربة بالامتناع عن شرائها والإبلاغ عن مروجيها, مؤكدا أن جمعيات حماية المستهلك تلعب دورا حيويا لا يمكن إغفاله.