تعودنا أنا وزملائى على المغامرات الصحفية.. وحقق "درب الفشارين" من خلال حواراتنا السابقة العديد من المكاسب التي يأتى من أهمها الشهرة التي حققناها وتفوقنا بها على أصحاب مهنة الصحافة أنفسهم. لكن هذه المغامرة الأخيرة كانت مختلفة بعض الشيء.. فقد فوجئنا بزميلنا "أبو طقة" كبير فشاري مصر يدخل علينا في درب الفشارين، ويقول أخيرا وافق "أبو بكر البغدادى" على إجراء حوار معنا سيكون هو الأول من نوعه في عالم الصحافة المصرية بل والعالمية.. وطلب منا "كبير فشاري مصر" أن نقرر فيما بيننا من سيذهب لإجراء الحوار... أخذ كل منا ينظر في وجه الآخر وفى مخيلته مشاهد الدم المرتبطة بداعش، وتلك المعلومات الإعلامية عن دولة الخلافة وأميرها الذين يأكلون لحوم البشر. فراح زميلى سحلول القاضى يذكرنا بواقعة لقائى بأبو بكر البغدادى منذ سنوات عديدة أثناء إحدى زياراتى لأمريكا. بالفعل، لقد التقيت هذا الرجل من قبل لكنه لم يكن على هذا الحال.. كان شابا وديعا ذا لحية خفيفة.. يتلقى علومه هناك وكنت أنا أقوم بتغطية اجتماع الكونجرس الأمريكى الذي سيتخذ فيه قرار الموافقة على طلب الرئيس "دبليو بوش" بغزو العراق وكان هذا في أوائل التسعينيات. ساعتها تعرفت عليه أثناء ركوبى مترو الأنفاق، حيث أخذ ينظر لى وكأنه يتفحصنى ثم اقترب ناحيتى وقال لى "أنتى تشبهين نساء العرب في ملامحهن ومكوناتهن.. هل أنت عربية أم أنا على خطأ ؟! قلت: لا يا سيدى عربية وكمان مصرية.. كيف عرفت ذلك ؟! قال: الملامح يا فندم وكمان........... ! قلت: ها أكمل.. قصدك على تقسيمة جسمى.. عجبتك.. صح ؟! ثم ضحكنا وعرف ساعتها سبب زيارتى لأمريكا ووجدته يسأل أسئلة كثيرة وكأنه أصابه نهم المعرفة وكان السؤال الأهم بالنسبة له "هل سيأذن الكونجرس لبوش بغزو العراق أم لا".. حتى قلت له إن غزو العراق أمر لا بد منه فقال لى ساعتها عبارة لم أستطع نسيانها حتى الآن وكلما شاهدته على شاشات التلفاز أسمع دويها في أذنى.. لقد قال لى "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين حتى يأتى يوم ونطهر فيه أرض العراق والشام من أيدى الكافرين المارقين سواء كانوا عربا أو أمريكيين". ساعتها قلت له: أتريد أن يضرب بوش العراق ؟! قال: يضربها ثم تضربه بأبنائها الأبرار حاملى السيوف ! قلت: وهل تقتل السيوف المدافع ؟! قال: بل يقتل حاملو السيوف بمدافعهم أصحاب المدافع ! وهنا توقف المترو واستأذنت في النزول رغم أننى لم أكن قد استوعبت عبارة الشاب الوسيم بعد. حضرت اجتماع الكونجرس وخرجت مسرعة لأرسل خبر قراره بالموافقة على طلب بوش بغزو العراق، وبعدها أخذت أفكر في عبارات الشاب العربى الذي لم يعطنى رقم هاتفه أو حتى عنوانه ولم أعرف من أي البلاد هو حتى رأيته بشحمه ولحمه حاملا لواء الجهاد وأميرا على دولة الخلافة الإسلامية "داعش" حسب التوصيف الإعلامي. قلت لأبو طقة سوف أذهب أنا لإجراء الحوار مع البغدادى، فأنا التقيته بالفعل قبل ذلك وسأذكره بنفسى قبل أن أذهب من خلال التليفون. بالفعل اتصلنا بالوسيط الإعلامي لحركة داعش، والذي أعطى تليفونه لأبو طقة حصريا وطلبنا منه إجراء مكالمة مع الأمير فطلب منا مهلة، وقال سوف أطلبكم أنا عندما يكون الأمير متفرغا للمكالمة. مرت ساعة ونصف وبعدها رن جرس الهاتف المحمول الخاص بأبو طقة الذي قال للأمير إن سطوطة الفنجرى هي التي ستجرى الحوار يامولانا وهى الآن تريد الحديث معك ! أخذت الهاتف وسلمت على الأمير الذي بادرنى بقوله إن الأمر سيكون شاقا علىّ باعتبارى سيدة، ثم أكد لى أنه يعرفنى تماما وقرأ لى العديد من الحوارات وأنه يعرف أبو طقة كبير الفشارين، وكذلك سحلول القاضى ولولا ذلك ما كان ليوافق على إجراء حوار.. ثم قال لى كنت أعلم أنكم ستصلون إليّ بأى شكل ! قلت: وهل تعرفنى شخصيا.. يعنى هل تعرف ملامحى يا أمير ؟! قال: لا.. لا أعرف ملامحك أعرف كتاباتك ولقاءاتك المنشورة مع الحكام بمختلف الدول ! قلت: لكنى أعرفك شخصيا ورأيتك وجها لوجه وتحدثت معك ! قال: ومتى حدث هذا ؟! قلت: في أمريكا.. هل تتذكر تلك الفتاة التي التقيتها بمترو الأنفاق في أوائل التسعينيات وكانت ذاهبة لتغطية اجتماع الكونجرس.. وهل تتذكر عندما تقدمت ناحيتها وقلت لها إنك عربية وعرفتها من ملامحها و............ ! قال: انتظرى لقد تذكرت.. هل أصبحت فيما بعد سطوطة الفنجرى صاحبة الصيت والشهرة.. ياااااه نعم أتذكر.. أنا سأكون سعيدا بلقياك هنا في مصراتة يا فاتنة ! قلت: بإذن الله ! قال: طريقة السفر واللقاء كلها مع عمنا أبو طقة، في انتظارك على أحر من الجمر! انتهت المكالمة التي بدا لى من خلالها أن الرجل صاحب ذوق رفيع وأدب جم وبدأ الاستعداد للسفر وفى صباح يوم الأحد، أخذتنى سيارة رباعية الدفع وبرفقتى المصور حتى بلغنا الحدود الليبية وبتصريح الخروج من مصر ودخول ليبيا سمحت لنا السلطات بالعبور وهناك التقينا ثلاثة أشخاص نزلوا من سيارة فارهة وسلموا علينا وطلبوا منى أنا والمصور ركوب سيارتهم واصطحبنا أحدهم وترك زميليه يركبان سيارتنا مع سائقنا وانطلقنا جميعا إلى حيث منطقة "مصراتة" الليبية وبمجرد بلوغ المنطقة الجبلية طلبا منا وضع غمامات سوداء على أعيننا، ففعلنا دون تردد ولم نشعر سوى بالسيارة تسير في ملفات على أراض تبدو أنها وعرة من كثرة المطبات. هدأت سرعة السيارة لمدة دقائق ثم توقفت وطلبوا منا نزع الغمامة ففعلنا لنجد أنفسنا في معسكر مدجج بالأسلحة، ورجال ملتحون يحيطون بنا من كل جانب على أكتافهم أسلحة الآلى وعلى أحزمتهم الذخيرة وبأجنابهم تتدلى السيوف فتذكرت عبارة البغدادى التي قالها لى في أمريكا "بل يقتل أصحاب السيوف بمدافعهم أصحاب المدافع". بدأت قدماى تصطدمان ببعضهما من جراء حالة الرعب التي انتابتنى خاصة عندما أشار لى أحدهم بالنزول وأدخلنى خيمة بها ثلاث نساء رحبن بى في البداية ثم أخذن يتحسسن جسدى ويفتشن حقيبتى ثم اعتذرن لى وقلن إنها إجراءات أمنية لا بد منها ! خرجت من الخيمة فأشار لى أحدهم أن أتبعه وكذلك المصور الذي تم تفتيشه ذاتيا مثلى تماما حتى وصلنا إلى خيمة أكثر فخامة من سابقتها، كان بداخلها أبو بكر البغدادى يجلس ومعه رجلان أشار إليهما بالخروج ثم سلم على المصور وأومأ لى برأسه مرحبا وقال: أهلا بكم شرفتم دولتكم الجديدة ! قلت: وأين هي دولتنا هذه ؟! قال: كل بلاد الشام والعراق دولتكم إن شاء الله، وبعدها ستكون حدودنا من النيل للفرات ! وهنا أخرجت التسجيل وقلت اسمح لى أن أسجل كل شيء فقال لا مانع ! قلت: لكن إسرائيل هي التي تزعم أن دولتها القادمة ستكون من النيل للفرات ! قال: هم بالفعل يتحكمون في العالم العربى الآن من النيل للفرات بمساعدة أمريكا ونحن جئنا لنحرر العرب من قبضتهم ! قلت: كيف هذا والعرب يحكمهم أبناؤهم حاليا وليس إسرائيل ! قال: كل الحكام عبيد عند الموساد والبيت الأبيض يحركونهم كالدمى ويملون عليهم كيف يحكمون شعوبهم.. فالعرب محتلون ياعزيزتى لكنهم لا يعلمون ! قلت: ولماذا لا تقاتل إسرائيل نفسها ؟! قال: نحن نقاتل الكفار العرب أولا لأنهم أذرع إسرائيل ثم بعد ذلك سنقاتل إسرائيل نفسها ! قلت: ولماذا قال أوباما إن الحرب على داعش ستستمر ثلاثين عاما رغم أن الحرب العالمية لم تستغرق سوى خمس سنوات ؟! قال: أوباما "هارش" الحكاية ويعلم أن داعش لن تنتهى فنحن صناعة أمريكية مثله تماما ! قلت: يعنى إيه هارش يامولانا ؟! قال: يعنى الأمريكان حضرونا وماعرفوش يصرفونا ! قلت: فهمت ما تريد التلميح إليه لكنى لا أعرف كيف ستحكمون العالم العربى ! قال: بشرع الله ! قلت: لكن الشرع حلل أربع دول فقط بينما أنتم تريدون حكم العالم! قال: أربع دول وما ملكت أيماننا ياست سطوطة وبلاش الألش دا معايا علشان أنا صايع أصلا ! قلت: لكن قل لى يا أمير.. ماذا عن جهاد النكاح ؟! قال: هو فرض عين على كل نساء المسلمين ! قلت: طب إيه بقى.. شايفاك مش معبر أمى يعنى ! قال: أنا الآن أفكر في كأس العالم للشباب، وكيف ستشارك فيه داعش ! قلت: وهل ستلعب كأس العالم بجماجم قتلاكم التي قطعتموها أم برؤوس الخيل؟! قال: والله إنها فكرة رائعة يا سطوطة هانم.. ندعو لكأس عالم بكرة الجماجم لإدخال الرهبة في قلوب المنافسين من دول الكفار ! قلت: وبالنسبة للدرع الذي سيحصل عليه المنتخب الفائز ماذا سيكون ؟! قال: أي عضو من أعضاء الجسد، أكثرها قيمة نجعل منه درعا ! قلت: وماذا بالنسبة للفرق الخاسرة ؟! قال: سيتم قتلهم واستبدالهم بأحياء حتى تتجدد الدماء ! قلت: وأين زوجتك يا أمير ؟! قال: كل نساء العرب زوجاتى ! قلت: حتى أنا ؟! قال: حتى أنت ! قلت: طب إيه يعنى.. مش شايفة أي غدر منك ! قال: هاتى أم التسجيل ده.. ثم أشار لأحد رجاله بإخراج المصور ! في الحلقة القادمة سأكمل لكم باقى الحوار، وكل ما دار بينى وبين الأمير حتى عودتى للقاهرة وكتابة هذه السطور !