رصيده الفكرى وانتاجه ضخم للغاية، فضلاً عن اشرافه على 002 رسالة ماجستير و051 دكتوراه ، له آراؤه فى الفلسفة والفكر والأدب والأحداث الحالية، وهى صادمة ومدهشة وعميقة فى ذات الوقت، يتدفق الحوار مع د. عاطف العراقى -أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة- كنهر عذب، لكنه قوى كطوفان.. «فيتو» التقته قبيل وفاته الأسبوع الماضي أثناء إلقاء محاضرة عن عمر يناهز «77 عاماً» وأجرت معه هذا الحوار.. كيف ترى المرشحين المحتملين للرئاسة؟ - جمعيهم مدعون، لم يقدموا تضحيات تستحق الترشح لهذا المنصب، خطفوا الثورة من شباب 52 يناير من خلال عملية قرصنة محكمة. ما توصيفكم لثورة 52 يناير؟ - ما حدث «هوجة» وليس ثورة، فالثورة تقتلع الفاسد وتبقى على الصالح، أما الهوجة فتقتلع الصالح والطالح معاً، وما يحدث فى ميدان التحرير «فتنة» تؤججها أجندات غربية وعربية. وماذا لو حكم الإسلاميون مصر؟ - ستقع مصر فى كارثة، لابد من فصل الدين عن الدولة، لقول الرسول «صلى الله عليه وسلم»: (أنتم أعلم بشئون دنياكم)، وليس هناك دولة دينية، بل مدنية تقوم على المواطنة، وتجارب الإسلاميين فى دول وصلوا فيها لسدة الحكم ليست مبشرة. ما تقييمك لإدارة المجلس العسكري للبلاد؟ - أؤيد استمرار المجلس العسكرى حتي يتم الانتقال لسلطة مدنية، خصوصا في هذا الوقت الذي تكثر فيه التجاذبات السياسية بين القوى المختلفة، في مشهد سياسي تعددت فيه الائتلافات، وتحول بها ميدان التحرير إلى فتنة، يجب على مصر ايجاد مخرج لها. لماذا تصر دائما على أن توفيق الحكيم كان جديراً بجائزة نوبل دون نجيب محفوظ؟ - جائزة نوبل لم تكن لنجيب محفوظ، صاحبها الحقيقي توفيق الحكيم، لكنه افتقد شرطاً من شروط نوبل وهو أن يكون انتاج الأديب فى صعود مستمر، وعندما تم تطبيق هذا الشرط علي رواية «عودة الروح» وتم مقارنتها بسلسلة مقالاته «أحاديث من الله» -التي نشرها بالأهرام- خلفت مشكلة بسببها، وعندما تم إبلاغ نجيب محفوظ بفوزه بجائزة نوبل قال: أين توفيق الحكيم؟. وما تقييمك لجمال الغيطانى وفاروق جويدة ومصطفي محمود؟ - جمال الغيطانى لا اعتبره كاتبا، وفاورق جويدة يسعي لتلميع نفسه بلا مبرر، وكتابات الراحل مصطفى محمود «فارغة» وخلط بين الدين والعلم. وما تقييمك لكتابات د. حسن حنفى، ود. نصر أبوزيد، ود. سيد القمنى، ود. فرج فودة، ود. نوال السعداوى، ومحمد سعيد العشماوي؟ - كل هؤلاء «فقاقيع» كتاباتهم لا تصمد علي مدار الزمن الطويل. يبدو الفلاسفة فى دائرة اتهام الساسة.. لماذا؟ - الفلسفة فكر، والساسة لا يروق لهم من يفكر، لأنهم يعشقون الخضوع والدعة بعيداً عن التنوير، ودفعت ثمنآً فادحاً لفكري الفلسفي، فتم تهميشى فى مصر، ومنعت من دخول المملكة العربية السعودية لفكري الذي لا يروق لهم، فقد أثرت قضايا ترتبط بالثورة النقدية عن مدى استعداد العرب للدخول فى ثقافة جديدة، وهاجمت الثقافة الزائفة، وثقافة «البتروفكر». وكيف تقيم دور الأزهر الآن؟ - مع احترامى البالغ للأزهر، إلا أننى أعتقد أنه لا يؤدى دوره على الوجه الأكمل.. الأزهر كان مشرفاً، عكس ما نجده الآن. هل تنشأ الفلسفة من فراغ.. وهل يوجد ما يسمى بالفلسفة الإسلامية؟ - لا يمكن أن تنشأ الفلسفة من فراغ، وأول الفلاسفة قال إن الماء أصل الكون، وحينما جاءت الأديان السماوية، ومنها الإسلام الذي كان معيار صحوة الحقيقة، هو الوحي، ومعيار الفلسفة العربية يختلف عن الفلسفة اليونانية، فتاريخ الفكر الفلسفى بدأ قبل الميلاد، ثم نزلت الأديان، ويجب أن تسمى «الفلسفة العربية» وإذا قلنا الفلسفة الإسلامية تغيير المفهوم أو المصدر، وقد بدأت الفلسفة العربية بابن باجه، وابن مازن، ثم ابن رشد، وللأسف نحن لا نحتفل بابن رشد، صاحب الحس النقدي فى قمته، ابن رشد يقف علي رأس الفلاسفة فى العصر الإسلامي، فى الوقت الذي شاهدت فى عدد من الدول الأوروبية تماثيلاً لابن رشد الذي يحتفى الغرب به كثيراً ونحن أهملناه. ألهذا السبب هاجمت فيلم «المصير»؟ - كان أكبر تشويه لابن رشد الفيلم الذي أطلق عليه «المصير» الذي قام بإخراجه يوسف شاهين، لاحتوائه علي اخطاء تاريخية فادحة. هل ثمة صلة بين الإلحاد والفلسفة؟ - لا صلة ضرورية بينهما، فإذا قمنا بحصر أسماء جميع الفلاسفة، بداية من القرن السادس قبل الميلاد وحتى اليوم، وأمام كل فيلسوف نبحث عن تاريخه، سنجد شيئاً غريباً جداً، أن عدد الفلاسفة المؤمنين أضعاف أضعاف الفلاسفة الملحدين، والإلحاد يرتبط بالتشتت الفكرى، فالفيلسوف عندما يقدم أمثلة على وجود الله، فمعني ذلك أنه قام بالفحص وبرهن لسنوات ووصل إلي أن الكون يجب أن يكون له شيء أعظم وهو الله. الإمام محمد الغزالى يقول «إن الإسلام إذا خالط أمة من الأمم حولها إلى ميدان موار بالحركة واليقظة، وجعل كل إنسان فيها مشغولاً بالبناء والإنشاء والعفة والتقى»، ما تفسير ذلك من الناحية الفلسفية؟ - الشيخ الغزالى يدافع عن الإسلام بحكم عمله، لكننى أعتب عليه حينما نشر كتاباًَ بعنوان «ظلام من الغرب» رداً علي الفيلسوف د. زكى نجيب محمود بعنوان «شروق من الغرب» فلا يمكن أن يرتبط الظلام بالغرب، فقد زرت العديد من الدول الأوروبية ووجدت فيها إسلاماً أكثر من بلاد المسلمين.