نشأت بشارع الإسكندرية بمدينة الإسماعيلية، ثم انتقلت إلى القاهرة، لتصبح نجمة شهيرة.. إنها الفنانة فادية عبد الغنى التى تسترجع ذكريات الطفولة والشباب فى مسقط رأسها، وتحكى حصاد حياتها ل"فيتو". كيف كانت نشأتك؟ - ولدت ونشأت بشارع الإسكندرية بمدينة الإسماعيلية، وقضيت طفولتى وشبابى هناك، حتى المرحلة الثانوية، بعدها انتقلت إلى القاهرة بعد زواجى، والتحقت بمعهد السينما، وهى من البلاد الجميلة التى لها مكان كبير فى قلبى، ومن المستحيل أن أنسى شوارعها ومنزلى الذى وُلدت فيه، والجيران الذين تربَّيت بينهم، وأصدقاء المدرسة هم من أهم الذكريات, لكن للأسف تفرَّق كل الأصدقاء فى أثناء الحرب، والكثير منهم انتقل إلى مدن محافظة الشرقية وإلى القاهرة، وكانت من أهدأ المدن عندما كنت أعيش فيها، وكانت السيارات قليلة جدًّا هناك، لدرجة أننى كنت أذهب إلى المدرسة أنا وأصدقائى بالدراجات التى كانت وسيلة المواصلات الأساسية فى الإسماعيلية، بالإضافة طبعًا إلى الحنطور، وأعتبر شباب الإسماعيلية هم من أهم مميزات هذه المدينة، فكانوا على قدر كبير من الاحترام والأدب، بالإضافة إلى الاهتمام بالمظهر، فمن الممكن أن يكون الشاب ينتمى إلى أسرة بسيطة إلا أن حسن المظهر شىء أساسى لديه. وماذا عن فترة حربى الاستنزاف وأكتوبر؟ - هذه الفترة من المستحيل أن أنساها، لأننى عاصرتها منذ بدايتها فى الإسماعيلية، وقد أصرَّت أسرتى على عدم الرحيل من المنطقة، وأن نبقى فى منزلنا الذى كان على قرب من ساحات القتال، ولا أنسى أحداث حرب أكتوبر، فعندما كانت تحدث غارة كنا ننزل إلى الشوارع ونترك المنازل، وفى يوم من الأيام أصابت "دانة مدفع" إحدى شقق العقار الذى كان فى مقابل منزلنا، ودمَّرت الشقة تمامًا، حتى إن بعض الشظايا وصلت إلى شقتنا، فهدمت بعض الجدران، بالإضافة إلى أحد أعمدة المنزل، لكن الحمد لله كنا وقتها خارج المنزل أنا وأفراد الأسرة، وهذا الموقف لا أنساه أبدًا، لأن صاحبَى الشقة التى تم تدميرها كانا متزوجين قبلها بأيام. هل تغيَّرت الإسماعيلية عما كانت عليه من قبل؟ - بالطبع كل شىء تغيَّر، لكن إلى الأسوأ، فالإسماعيلية أصبحت مزدحمة مثل أغلب بلدان مصر، ومن الصعب أن تقابل شخصًا هناك من أبناء الإسماعيلية الأصليين، بسبب انتقال أهل الإسماعيلية وقت الحرب إلى محافظات متعددة. وماذا عن جيرانك القدامى فى الإسماعيلية؟ - تضحك وتقول: فكَّرتنى، الجيران كانوا من أهم الأشياء الجميلة هناك، حيث كنت مقيمة مع أسرتى فى عقار مكوّن من 6 طوابق، وكان كل سكان العقار على علاقة طيبة ببعضهم، بل كانوا يعرفون بعضهم جيدًا، وكانوا تبادلون الأطعمة، والوجبات من أساسيات العلاقة بيننا، فمن المستحيل أن تقوم جارة بعمل "أكلة" ولا تعطى منها جيرانها، كما أن يوم الجمعة كان من الأيام المهمة لكل الجيران، كنا نجتمع فوق السطوح، ونقضى وقتًا طويلًا معًا، كنا كالأهل، لكننى افتقدت كل هذا، لأننى لا أعرف إلا عددًا قليلًا من جيرانى كحال كل المصريين الآن. وهل ما زلت على علاقة بأصدقاء الطفولة هناك؟ - للأسف.. كل صديقاتى فى الطفولة افترقن، وأصبح لكل منا حياته الخاصة بعيدًا عن الآخر، وبحكم انتقالى إلى القاهرة واستقرارى بها، ابتعدت عن هؤلاء الأصدقاء الذين أذكرهم بكل خير. وماذا عن الشباب؟ - شباب الإسماعيلية كانوا أبطالًا وقت الحرب، فكثير منهم كانوا ملتحقين بالجيش، والآخرون انضموا إلى المقاومة الشعبية، وهم مَن قاموا بحمايتنا وقت الحرب من هجمات العدو، وأشعرونا بالأمان فى وقت عمّ فيه الخوف فى قلوب كل فتيات وأطفال الإسماعيلية، ثم إن الأدب والاحترام كانا أهم ما يميزهم، فمن المستحيل أن تجد معاكسات الفتيات فى الشوارع، وكان شباب المنطقة يعتبرون كل الفتيات أخوات لهم، لكن الآن لا تسلم فتاة من المعاكسات، لدرجة أن الشباب لم يعد يفرّق بين الصغيرة والكبيرة، فحتى أنا لا أسلم من ألسنة بعض الشباب، وبين فترة وأخرى أسمع لى كلمتين فى الشارع من شباب، رغم أننى فى عمر والدتهم. هل كنتِ من مشجعات فريق الإسماعيلى؟ - بالطبع.. كرة القدم كانت تجرى فى عروق كل أهل الإسماعيلية، وفريق الإسماعيلى كان يحظى بجمهور عريض، ولا أنسى الكابتن أبو جريشة، وأنا أتذكَّر المرحوم رضا، إذ كان من أعلام فريق الإسماعيلى وقتها.