ولد الدكتور فرج على فودة، بمحافظة دمياط، فى 20 أغسطس عام 1945 حصل على بكالوريوس الزراعة عام 1967 ثم الماجستير عام 1975 ثم حصل على دكتوراه الفلسفة فى الاقتصاد الزراعى من جامعة عين شمس عام 1981. عمل فودة مدرساً بزراعة بغداد، ثم خبيراً اقتصادياً فى بعض بيوت الخبرة العالمية، ثم امتلك «مجموعة فودة الاستثمارية». كان فودة يدعو إلى التعايش مع إسرائيل، وبدأ هو بنفسه فى التعامل بالاستيراد والتصدير، وكان يعترف بأن السفير الصهيونى فى القاهرة صديقه. وضع فودة نفسه أمام الرأي العام أنه ضد إقامة الدولة الإسلامية، وضد تطبيق الشريعة الإسلامية، وكان ذلك واضحاً فى مناظرته الأخيرة التي عقدها والدكتور محمد أحمد خلف الله فى معرض الكتاب «يناير 1992» فى مواجهة الشيخ محمد الغزالى والمستشار مأمون الهضيبى والدكتور محمد عمارة واغتيل بعدها أمام مكتبه بمدينة نصر. واستمعت المحكمة على مدى 34 جلسة إلى أقوال 30 شاهد إثبات.. بينهم اثنان اعتبرا صاحبى أخطر شهادة، هما الدكتور محمود مزروعة والشيخ محمد الغزالي. الأول أعلن أمام المحكمة أن «فرج فودة» مرتد، ويجب على آحاد الأمة تنفيذ حد الردة فى المرتد إذا لم يقم ولى الأمر بتنفيذ ذلك. وقال الشاهد: إن فرج فودة كان يحارب الإسلام فى جبهتين وزعم أن التمسك بنصوص القرآن الواضحة قد يؤدى إلى الفساد إلا بالخروج على هذه النصوص وتعطيلها. أعلن هذا فى كتابه «الحقيقة الغائبة» وأعلن رفضه لتطبيق الشريعة الإسلامية ووضع نفسه وجندها داعية ومدافعاً ضد الحكم بما أنزل الله.. وكان يقول: لن أترك الشريعة تطبق ما دام في عرق ينبض! وكان يقول: على جثتي! أما الشيخ الغزالى فأفتى بقتل فودة وعدم قتل قاتله لعدوانه الواضح والصريح على الإسلام. المذيع: أهلا بكم مرة ثانية، ونرحب بضيفنا الدكتور فرج فودة؟ - فودة: أهلا بك. المذيع: هل انقطعت علاقتكم -دكتور فودة- بعالم الأحياء منذ اغتيالك؟ - فودة: انقطعت إلا من شيء واحد، وهو أننا-نحن الموتي- كنا ندلى بأصواتنا فى الانتخابات لمصلحة الحزب الوطني المنحل ! المذيع: بعد سنوات غير قليلة من الموت هل ترى نفسك قادرا على الطرح والمناقشة؟ - فودة.. «محتدا» ولم لا؟ فمن لا فكر له، لا عقل له! المذيع «مازحا»: ألا تخشى الاغتيال مرة أخرى إن أتت آراؤك ضد التيار؟ - فودة: ينظر شذرا من تحت نظارته السميكة إلى المذيع ويبتسم ابتسامة بالغة الاصفرار دون رد. المذيع «يتدارك الموقف»: إذن هل بلغك شيء عن ثورة يناير وتداعياتها؟ - فودة «مقاطعا»: قبل أن نبدأ حوارنا لا تنس أنك تتحدث مع شهيد و«قرآنكم» يقول: إن الشهداء لا يموتون! المذيع «مندهشا»: وهل تعتبر نفسك شهيدا دكتور فودة؟ - فودة «منفعلا»: نعم.. أنا شهيد الفكر والتنوير ولو كره الكارهون. المذيع: وهل وجدت فى قبرك خيرا.. تلمست منه أنك شهيد وأن الله قد رضى عنك؟ - فودة:أيها المقصر فى حق نفسه، من قال لك إن فى القبور شيئا؟ ليس فى القبور أى شيءلا نعيم ولا عذاب يبدو أنك من رواد المساجد التى أفسدت عقول العامة والبسطاء! المذيع: ما تقوله خطير يا دكتور فودة، ولكن نريد أن نبدأ حوارنا مباشرة وحتى لا يملنا المشاهدون، فقد سألتك عن الثورة؟ - فودة «مقاطعا»: نعم ثورة يناير كانت نتيجة منطقية لحالة الظلم التى تجذرت فى مصر، والتى كان النظام السابق يمارسها باحترافية شديدة، فقد كان يتفنن فى قهر شعبه وإذلاله وإهانته. المذيع «مقاطعا»: ولكن دكتور فودة.. كيف ترى المشهد السياسى فى مصر بعد عام من الثورة؟ - فودة: الصورة قاتمة جدا لأن التيار الإسلامى توحش، وجماعات الإسلام السياسى لا تزرع خيرا بل إن أمرها كله شر مستطير وأتمنى أن تخرج مليونيات ضد الجماعات الدينية، إذا أراد المصريون لمصرهم خيرا، فالعلمانية، وليس الإسلام، هى الحل كما قال أستاذنا الراحل فؤاد زكريا.. المذيع: إذن معنا على الهاتف الدكتور فؤاد زكريا صاحب مقولة: «العلمانية هى الحل» تفضل دكتور فؤاد.. الدكتور فؤاد: تحياتى إلى الدكتور فرج فودة الذى قتل ظلما وعدوانا، وباعتقادى أن مصر بحاجة إلى 1000 فرج فودة حتى ينصلح حالها. المذيع: هذا بشأن فودة.. وماذا بشأن مصر فى العموم؟ - الدكتور فؤاد: قلبى يعتصر ألما على ما آلت إليه حال مصر من تغول جماعات الإسلام السياسى على المشهد السياسى المصري، لأنهم سوف يجلبون على مصر الخراب، ولن يكونوا أفضل حالا من الحزب الوطني. المذيع: ألا ترى فى هذا الكلام قسوة وتحاملا شديدين؟ - الدكتور فؤاد: لا أتحامل على أحد ومصر مقبلة على مستقبل غامض بسبب «ملالي» الإخوان وجماعات الاتجار بالإسلام. المذيع: دعنى أستغل وجودك معى سيدي، لتحدثنى عن أزمة العقل العربي، لا سيما أنك كتبت فيها كثيرا... - الدكتور فؤاد: العقل العربى يعانى من مشكلات مزمنة منها الانسياق وراء الوهم والخرافة والخلط بين ما هو علمى وغير علمى والبعد عن مواجهة الحقائق فى طبيعتها المحايدة والتحليل الدقيق للمشكلة -من وجهة نظري- هو أن استمرار أو سيادة نمط واحد محدد من أنماط التفكير أو شيوع التفكير اللاعقلاني وغياب المنطق وحضور الخرافة كل هذا يؤدى فى النهاية إلى تكريس وتثبيت الأوضاع الصعبة التى تعانى منها الشعوب العربية، وبقاء هذه الأوضاع حتى الآن يعنى أن التفكير العلمى السليم ما زال بعيدا عن التغلغل فى أذهان الناس وحياتهم العامة على جميع المستويات والطبقات. المذيع: شكرا دكتور فؤاد على مداخلتك، دكتور فودة ما رأيك فى مداخلة الدكتور فؤاد زكريا؟ - فودة: الدكتور فؤاد زكريا هو أستاذنا ومعلمنا، نحن العلمانيين ولكن أحدا لم يلتفت أيضا إلى آرائه ويكفيه أنه لم يغتل مثلي. المذيع: كنت تتحدث عما وصفته بالصورة القاتمة إثر عودة الجماعات الدينية بقوة إلى المسرح السياسي.. فلتكمل.. - فودة:أؤكد أن حال مصر إلى أسوأ إذا لم يعد المتأسلمون إلى جحورهم ولن ينصلح حالها إلا بإقامة دولة مدنية، يطرد منها الإسلام ويحبس فى المساجد فقط. المذيع: دكتور فودة.. بم تفسر إنشاء من تصفهم بالمتأسلمين أحزابا سياسية وهم كانوا يحرمونها من قبل؟ - فودة: هولاء يلعبون بالبيضة والحجر، ولا يولون وجوهم إلا شطر مصلحتهم الشخصية فقط، وليسوا مهمومين بالدين، ومصلحتهم الآن خلافة الحزب الوطنى المنحل فى كل شيء! المذيع: تعالوا نستمع إلى تقرير آخر حول مؤلفات ضيفنا الدكتور فرج فودة. مؤلفات الدكتور فرج فوده فى كتابه «قبل السقوط» .. دعا فودة إلى عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وطالب بفصل الدين عن الدولة خصص كتاباً كاملاً اسمه «نكون أولا نكون» للنيل من كل ما هو إسلامي، بلهجة ساخرة. أصدر كتاباً ضم إليه مجموعة أفكاره التى تتلخص فى المناداة بتنحية الدين عن قيادة الدولة حيث أنكر كثيرا مما علم من الدين بالضرورة وأعلن رفضه المطلق لتطبيق الشريعة. أخطر أعماله التركيز على موضوع الشريعة الإسلامية وتشوية صورة الإسلام ورموزه حتى إنه وصل إلى تأويل بعض آيات القرآن الكريم وإنكار الكثير من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم الصحيحة والتأكيد على قصر العمل بكثير من أحكام الشريعة على عصر النبى صلى الله عليه وسلم بمقولة باطلة أن الأوامر التى كانت تصدر من خلال القرآن كانت أوامر شخصية لا يطالب بها إلا من نزلت فى شأنهم أو قيلت فى حقهم. المذيع: أهلا بكم أيها السيدات والسادة .. دكتور فودة هل لا تزال متمسكا بتلك الآراء التى أوردها التقرير؟ - فودة: بكل تأكيد! المذيع: ألا زلت مصرا على أن الشريعة الإسلامية ليست صالحة للتطبيق فى عصرنا، وأنها نزلت لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقط؟ - فودة: طبعا! المذيع: معنا مداخلة تليفونية من الدكتور حمدى حسن القيادى بجماعة الإخوان المسلمين.. دكتور حمدي، لا يزال الدكتور فودة يحمل أمواجا من الكراهية المتدفقة لجماعة الإخوان المسلمين حتى أنه يعتبر بزوغ نجم الإخوان والتيارات الدينية فى الفترة الأخيرة من أبرز سلبيات الثورة .. ما رأيك؟ - حمدى حسن: فليقل الدكتور فودة ما يشاء، وأجره عند ربه، ولكن ما أريد أن أقوله: إن مقتل فودة لم تقره جماعة الإخوان المسلمين، وأستطيع أن أقول مطمئنا: إن أفكار فودة لم تأخذ حقها من النقاش والجدل، ونحن نؤكد دائما، أن الإسلام يعلم الجميع قبول الآخر والانصات إليه دون استخدام أى وسيلة من وسائل العنف. المذيع: شكرا دكتور حمدى حسن القيادى بجماعة الإخوان، معنا مداخلة أخرى من الشيخ أسامة القوصي، أحد شيوخ السلفية، تفضل يا شيخ أسامة.. - الشيخ القوصي: رغم أن فودة كان ضد الإسلام، إلا أن مقتله خطأ وظلم وعدوان وقاتله مخطئ لأنه قتل نفسا بغير نفس، ونحن لا نقر مبدأ القتل ونرفضه ولو كان فودة حيا لجادلناه بالتى هى أحسن، وما فكرنا أو حرضنا على قتله، وفى مصر علمانيون متطرفون مثل: سيد القمني، الذى أهان الإسلام أكثر من أعدائه ومع ذلك لا يزال الرجل حيا يرزق ويجاهر ويتاجر بعدوانه على الإسلام، وهناك حسن حنفى وكثيرون. المذيع: شكرا الشيخ القوصي، ومعنا على الهاتف الآن سيد القمنى .. تفضل - القمنى «محتدا»: أنا الدكتور سيد القمنى كيف تقول اسمى مجردا من لقب الدكتور؟ المذيع: عفوا يا سيدي، الجميع يعلم أنك لم تحصل على الدكتوراه فلم تصر على الكذب وهذا ليس موضوعنا عموما، تفضل إن كان لديك شيء تقوله بخصوص ضيفى الدكتور فرج فودة.. - القمنى «متوترا»: أنا الدكتور سيد القمنى اتفق مع آراء وأفكار الدكتور فرج فودة، وأشاركه الفزع على مستقبل مصر من جماعات الإسلام السياسي... - فودة «مقاطعا»: لا أريد أن يكمل هذا الملفق كلامه حتى وإن بدأ متضامنا معى فالقمنى لا يشرف العلمانيين. - المذيع: هل تعلم أن القمنى طلب من أسرتك مؤخراً أن يدفن إلى جوارك، ولكنها رفضت؟ - فودة: أعلم ذلك.. وحسنا ما فعلت... المذيع: معنا على الهاتف أيضا القيادى البارز بالجماعة الإسلامية الدكتور طارق الزمر.. تفضل دكتور طارق.. - الدكتور طارق الزمر: الخلاف على فكر فرج فودة، لايزال قائما، وما تغير فقط هو طريقة التعامل مع فكره وأقرانه ممن يكرهون الإسلام بالسليقة الآن، فنحن فى الجماعة الإسلامية نبذنا العنف، ولكن فودة أخفق فى التعامل مع الفقة الإسلامي، وسخر من العقيدة الإسلامية. المذيع: شكرا يا دكتور .. معنا أيضا اتصال من الشيخ أسامة حافظ نائب رئيس مجلس شورى الجماعة .. تفضل فضيلة الشيخ.. - الشيخ أسامة حافظ: أفكار فودة كانت ضد الإسلام، ولكن لأننا نبذنا العنف فنحن نرفض مواجهة أفكار فودة وأقرانه من غربان العلمانية بالعنف، ولو عاش فرج فودة حتى اليوم، لحاورناه وما قتلناه. المذيع: شكرا فضيلة الشيخ أسامة حافظ، معنا أيضا مداخلة من الدكتور صفوت عبد الغنى عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية والذى زج باسمه فى واقعة الاغتيال.. تفضل دكتور صفوت.. - الدكتور صفوت: أتفق تماما مع الدكتور طارق الزمر والشيخ أسامة حافظ، ومن سبقونى بالاتصال بشأن عدم إقرار قتل فرج فودة، ولكن أريد أن أؤكد على أن جميع أفكار فرج فودة الخاصة بالدولة الدينية باطلة، ولا تقوم على أساس اصطلاحى صحيح، كما كان يرى أن الحكم الإسلامى ثيوقراطي، أى أنه هو الحكم باسم الإله، وهذا غير صحيح أيضا. المذيع: ومن البقيع نتلقى هذا الاتصال من فضيلة الشيخ الراحل والمدفون هناك محمد الغزالى والذى كان له موقف واضح بشأن أفكار ضيفنا الدكتور فرج فودة فضيلة الشيخ.. هل لاتزال عند رأيك بشأن ضيفى الدكتور فودة؟ - الشيخ محمد الغزالي: فرج فودة - يا سيدي- سخر قلمه وكتابته للسخرية من الشريعة ومن العلماء والانتقاص من الصحابة ومن العلماء فتم اغتياله جزاء وفاقا على ما أجرم واقترف بحق الإسلام، ومن قتله ليس آثما. المذيع: لكن فضيلة الشيخ، إن كان فودة يستحق القتل، فمن يقتله، آحاد الناس أم ولى الأمر؟ - الشيخ الغزالي: إن فرج فودة بما قاله وفعله كان فى حكم المرتد، والمرتد مهدور الدم، وولى الأمر هو المسئول عن تطبيق الحد، ولكنه تقاعس ولم يفعل، ومن ثم فلا يجوز قتل قاتل فودة وأمثاله ممن يجاهرون بالعدوان على شريعة الإسلام. المذيع: دكتور فودة .. ما رأيك فى هذا الكلام؟ - فودة «ممتعضا»: هذا الرجل تسبب فى قتلى لأنه إرهابى مثله مثل عمر عبد الرحمن الذى أفتى بقتلى والاثنان عاقبهما الله من أجلي، الأول مات خارج بلاده، والثانى أسير فى السجون الأمريكية!!!! المذيع: سؤال أخير نختم به هذه الحلقة، من ترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ - فودة: أرشح نفسي، حتى أقيم دولة علمانية لا نظير لها وليس للإسلام السياسى وجود فيها!