كلما قبضت على رأس فكرة قفزت بجسدها تصارع الحبس على الأوراق، فتهرب، وكلما أمسكت بمفاتيح كلمة أخرج من باطنها محتواها تضيع.. مثل كل الضائعين في بلادي بحثا عن حقيقة مايجري على أرض كانت النموذج في صنع الضمير البشري، فأضحت مغارة بابا أوباما. وكلما حاولت استنهاض المعنى مما يدور فقدت بوصلتي ، وتاهت مني كل المعاني ، فالمؤامرات تحاك على قارعة الطريق، والممولون يدفعون بالأخضر، والأحمر، والأصفر .. عرب، وعجم، ينقضون على وطني وأنا دونه لا أقاوم ..أمضي كغيري في قافلة القطيع، نردد نفس الهتافات، ونقول نفس الكلمات، ونرفض حتي مجرد التمرد علي المصطلح القادم من بلاد العم سام ممتطيا صهوة جواد عربي أو حمار قطري. في مملكة الصراع الأبدي علي حكم العالم تسقط كل المدن .. مدن العالم الثالث صرعى شعارات من وهم بطعم العسل، فكبارنا أصبحوا مضغة تلوكها الألسن .. كل الرموز تسقط في الميدان والفلول إشارة تلزمك الصمت إلى الأبد .. الصمت إلي أن ينهي المحتل مهمته الشيطانية بحروف مقدسة .. يردد آيات من كتبنا، ويأكل بيمينه مثلنا، ويدخل الباب باليمين، ويكتب باليمين، ويشرب باليمين، وأخيرا يقتل وفق الشريعة .. شريعة المؤذنين في خمارات البرلمان . لم يبق في الوطن سوى أربع رايات مرفوعة : الأولي جيش يُهان، والثانية شعب يقسم، والثالثة مؤسسة قضائية تطعن، والرابعة مخابرات تقذف برماح أمريكية يرميها الرماة من فوق مساجد كانت حتى وقت قريب لا تلقي علينا إلا كلمات من عند الله. تمضي المؤامرات من أمام بيوتنا، ونحن نتسلى اتباعا لقول رئيس فاجر أفرغ المضمون من خريطة وطن رسم فراغ العالم كله بفنونه وعلومه، وعلم الدنيا كلها كيف تعبد إلها واحدا أحدا .. تمضي المؤمرات لتأديب كل من ينير ليلنا الحالك .. لتفكيك كل مؤسسة تطول جاسوسا جاء في غفلة ينسف في الوطن بقعة هادئة .. لضرب كل مظهر من مظاهر العشق الأبدي للتراب .. للجدران .. لخريطة محفورة في قلوب الناس.. الذين عشمونا بالجنة يلقون اليوم بحمم النار على رءوس المصلين في محراب الأقصى .. تاركين حائط البراق ليصبح حائط مبكى !! بعد انهيار الكل يمكن للمتآمر أن يركز جيدا، فإن لم تشاركه فأنت ضد الثورة، وإن واجهته فأنت ضمن فريق البلطجية، وإن قلت بغير مايقول فأنت شرير .. تحاول المخابرات ضبط الإيقاع والإمساك بآخر خيوط المعركة .. تقدم عملاء أمريكيين جاءوا إلى بلادنا لإحكام القبضة علي عنقها، لعلها تسقط في إغماءة تطول.. فيسعد أبناء العمومة ، وينفرد الجبروت الأمريكي بمنطقة لا روح فيها دون وريد مصري، فتنطلق الهجمات الشرسة بحناجر مصرية ضد الجهاز الذي حمى مصر سنوات وسنوات . ولأن المقبوض عليهم أمريكيون لم يتصوروا أن مصر تتغير، فإن الهجمة علي كل المؤسسات التي ترصد، وتحلل، وتحمي، لابد وأن تتغير أيضا.. تنطلق بعامية مصرية وعلى صدر صحف مصرية، وبأقلام مصريين .. دعك مما يردده البيت الأبيض، وانظر إلى ماتردده الحناجر السوداء، هجمات تصب في صالح كل ماهو صهيوني متآمر علي مصرنا الحبيبة.. ليعلو الشعار .. أنت صهيوني إذن أنت منا. ولأن الثورة اسقطت رموزا.. فإن عربا، وعجما، خططوا للانقلاب عليها .. ليس مسموحا أن نشبع، وغير صحي أن نموت جوعا .. لابد أن نبقى بين بين .. وخلف ستائرهم العنكبوتية أرادوا أن يطولوا بعد المخابرات السلطة القضائية فقال قائل بإقالة النائب العام .. ليس الهدف هو الدكتور عبد المجيد محمود وإنما الهدف أبعد أثرا من ذلك، فالرجل نفسه قدم استقالته أكثر من مرة .. الهدف هو الانقضاض على آخر معاقل العدل فى مصر ليصبح حمبولي هو صاحب الشرعية الوحيد. التطاول علي الهيئة القضائية بداية سوف تسقط بعده أبراج الحماية لتعشش الظلمة في أسقف منازلنا .. النيل من القضاء بداية طوفان من الأشباح، يخطف من قلوبنا لحظة الأمن الباقية .. القفز علي ميزان العدل يسقط آخر جدار في قلعة الدفاع عن الوطن، اما الذين قدموا- منذ قيام الثورة - أربع قضايا تجسس وكشفوا حكايات التمويل الأجنبي في مصر، وتفاصيل حسابات رموز النظام السابق فإن الدور عليهم حتي تصبح البلاد «سداح مداح» لكل ناهب، أو غاصب، أو محتل. ومن عجب أن يصبح الوطني ذا ملامح غربية .. لم تعد سمرة الوجه دليلا على اختلاط النيل بالنسيج ..لم تعد لمعة العين ودقة الأنف دليلا على جينات فرعونية قادمة عبر آلاف السنين .. عاد الإخواني وثيق الصلة بالدولار، وأصبحت لحى السلفيين مدعومة من الأمريكان .. 63 حزبا حصلت على التمويل وعمولة التمويل ورائحة التمويل.. والإسلاميون منهم نالوا البركة .. بركة التمويل.