قطر دولة خليجية صغيرة، فضلت أن تحمى نفسها بجمع المتناقضات داخلها، فهى صاحبة العلاقة الجيدة مع إيران وإسرائيل والولاياتالمتحدة، بالإضافة لعلاقتها الداعمة للإخوان المسلمين وحماس، وهذا الجمع للمتناقضات نال اهتمام مركزIMS للدراسات والأبحاث الاستراتيجية بالإمارات، الذى قدم بحثًا عن أسرار الخطة القطرية بالمنطقة. يبدأ البحث بتسجيل صوتى مسرَّب لوزير الخارجية القطرى آنذاك، حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، متحدثًا إلى الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، وهو أحد التسجيلات التى قام "القذافى" بتسجيلها لكل وافد وضيف ودون علمه، ويظهر فى التسجيل صوت حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، وزير خارجية قطر ورئيس الوزراء، ملخِصًا ما دار بينه وبين عملاء المخابرات البريطانية والأمريكية للقذافى، بقوله: إن المخابرات البريطانية أخبرته أنها ستقف مع آل سعود حتى آخر لحظة لأن البديل خطر، فالبديل هو الإسلاميون، وهم لا يريدون إسلاميين، فقد ملوا السعودية لكنهم، البريطانيين، يريدون ضمان البديل أولًا، مضيفًا: "لقد نجحنا فى سحب القواعد الأمريكية من السعودية إلى قطر وعملنا خللًا، والسعوديون منحوا الأمريكان قواعد مدفوعة الثمن، هذا يعنى أننا كسرنا احتكار السعودية للخليج". وحمد بن جاسم أغنى رجال قطر حاول تأسيس تحالف عربى ترأسه قطر ليضعف الدور والنفوذ السعودى فى الغرب والمنطقة، كما أوضح للقذافى، بالإشارة إلى دعم قطر لمشروع القاعدة العسكرية الأمريكية التى ساهمت قطر بشكل فعال فى تطويرها بذريعة تزويد القوات الأمريكية بالنفط والمواد الغذائية والمواد الطبية أثناء حرب أفغانستان، بعد أن رفضت الحكومة السعودية استخدام الأمريكان لقاعدة الأمير سلطان الجوية، هذا بالإضافة إلى قناة الجزيرة القطرية التى شنت هجومًا على السعودية عام 1996 مطالبة بإخراج القوات الأمريكية من الجزيرة العربية، إلا أن قطر كانت تريد إخراج الأمريكان من الجزيرة العربية إلى بلد بن جاسم. كما يتحدث وزير الخارجية القطرى عن نية الأمريكان لتهدئة الأوضاع فى العراق خلال العامين المقبلين، والمفاجأة تكمن فى عبارة قالها جاسم: "لدى الأمريكان نية لتقسيم المملكة العربية السعودية، سيكون الوهابيون والمتشددون فى الوسط، وهى منطقة ليس فيها سوى 400 ألف برميل من النفط، والمنطقة الثانية هى منطقة الحجاز والتى ستضم مكة والمدينة دون بترول، والثالثة هى المنطقة الشرقية التى تتمركز فيها كل الثروات النفطية، حيث تخرج منها الانتفاضات ضد الحكم، وهناك صحيفتان معارضتان تصدران إحداهما باسم الحجاز والأخرى باسم الشرقية، وهما بداية الانفصال". أما معالم التغيير التى يقولها "جاسم" فيما يشبه التخطيط لانقلاب عسكرى، فيقول: "إن الأمل فى الصف الأول من الجيش مفقود والأمل يعقد على الصف الثانى وهو يمثل الطبقة الواعية التى تزور أوروبا، وبالإمكان تكوين علاقات شخصية تدريجية مع هؤلاء الذين يحتلون نقاط هامة فى مفاصل الدولة, وبما أن أماكن تواجدهم فى لندن وباريس وروما وسويسرا معروفة، فبالإمكان التعامل معهم عبر سفاراتنا بهدوء عند وقوع أحدهم فى مشكلة ما أو عندما يكون أحدهم مريضًا و بحاجة إلى علاج، و هى عمليات غير مكلفة". أما عن محاولات الانقلاب فى قطر، فيتحدث عنها رئيس الوزراء القطرى، فى جانب آخر من حديثه للقذافى، عن موضوع طالما تم تكذيبه وهو محاولة الانقلاب فى قطر، فيقول: "لا يمكن أن ننسى أن السعوديين عملوا انقلاب علينا فى يوم من الأيام وأن الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود وهو عراب العلاقات الأمريكية السعودية". وفى مقابلات "جاسم" مع المذيع أحمد منصور بقناة الجزيرة، كان وزير الخارجية يتحدث كثيرًا بالنيابة عن الخليج وكأنه الناطق الرسمى باسمه، وهو دليل على إلغاء الدور السعودى، ليعطى نفسه دورًا أكبر يتحدث عن الإسلام والمسلمين والوحدة الإسلامية بين الشيعة والسنة فى عموم الإقليم، ليبرر تصرفاته يخبرنا قائلا: "نحن تعودنا فى العالم العربى، طلب العون والدعم"، وهى عبارة توجز كيفية إدارة الأمور فى دولة قطر. وهناك تخوف عام فى منطقة الخليج العربى من توجهات قطر فى الفترة الأخيرة, فالنائب الكويتى نبيل الفضل ذكر فى أحد حواراته المتلفزة أن هناك محاولة من حمد بن جاسم لتدمير الكويت بالتعاون مع بعض "الإخونجية"، كما أن الملفت فى الأمر إنه لا يكاد يمر عام أو عامان ويعلن عن إفشال محاولة انقلاب قام بها إبن عم أو ضابط أو قريب فى قطر ودومًا يكون افشال المحاولة حسب الأخبار المسربة بدعم و مشاركة من القوات الأمريكية بملابس مدنية, والإعلان عن محاولات الإنقلاب والمداهمات لاحقًا والاعتقالات والتصفيات أسلوب اتبعته المخابرات الأمريكية طيلة ثلاث عقود لإبقاء نظام صدام حسين. وكانت المخابرات الأمريكية تقوم بإرسال نسخة تحتوى على أسماء كامل أعضاء أى تنظيم يقوم بالتنسيق للقيام بعمل جاد ضد صدام حسين، حتى قررت الولاياتالأمريكية التخلص من "صدام" بنفسها دون تدخل من أحد, ومن الممكن أن يكون الحال هو نفسه مع قطر. ودولة قطر تعتبر من أكثر بلدان الشرق الأوسط التى شهدت انقلابات أو محاولات انقلابية فاشلة, ومن أبرزها ما جاء فى موقع الجمل للدراسات والترجمة, ففى عام 1972 نظم أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى عملية إنقلاب لجهة الإطاحة بنظام ابن عمه أحمد بن على آل ثاني، وفى عام 1995 نظم الأمير الحالى الشيخ حمد بن خليفة انقلابًا استطاع من خلاله الإطاحة بوالده الذى كان فى تلك اللحظة يتلقى العلاج فى أحد المشافى السويسرية. وقد سرت العديد من الشائعات التى سعت فى 2002 للتأكيد على وقوع محاولة انقلابية قطرية أخرى هدفت للإطاحة بالأمير الحالى حمد بن خليفة بسبب أزمة ملف حرب العراق، فما كان من قطر إلا أن اتهمت السعودية والبحرين بالتآمر كما أن هناك ردود أفعال تقوم بها السلطات القطرية للرد على تلك الإتهامات من جانبها, حيث قامت بتهجير أكثر من 6000 مواطن قطرى من قبيلة آل مرة،بعد محاولة الانقلاب عام 1996، إلى المملكة العربية السعودية استنادا إلى جذور أجدادهم, كما قام حمد بن خليفة وحكومته بمصادرة كافة الأموال المنقولة و غير المنقولة لهم ومنعت المرضى منهم من البقاء فى المستشفيات الحكومية, القرار لم يستثن العجزة الذين ولدوا وعاشوا أكثر من تسعين سنة على أرض قطر, وتعداه ليشمل اسقاط جنسية العديد من الموتى بأثر رجعى ليطال العقاب الجماعي- فيما بعد- أُسرهم و ذويهم. وترجح بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية احتمال وقوع انقلاب عسكرى قريب جدًا بقيادة حمد بن جاسم وزير الخارجية، يؤدى لاسقاط نظام حمد بن خليفة، آخذين بعين الاعتبار الدهاء الذى يتميز به بن جاسم مقابل السذاجة المطلقة لدى الحاكم الحالى حمد آل خليفة، فحمد بن خليفة أمير دولة قطر أنهى دراسته الثانوية بصعوبة بالغة وبتدخل أميرى مباشر ومن ثم تم إرساله إلى كلية سانت هريست البريطانية العسكرية التى اشتهرت بتوجه أبناء العائلات المالكة الخليجية إليها للدراسة، ولم يتمكن حمد من إنهاء دراسته هناك, فتم طرده منها بعد تسعة اشهر ليعود إلى قطر و يصبح قائداً للجيش وولى العهد عام 1971. و"حمد" الأمير بعيداً عن اللياقة الأدبية أو الدبلوماسية- حسبما أوردت مراكز الأبحاث- فمرة يرفع هاتفه الجوال الآيفون الجديد أثناء خطاب للرئيس السودانى عمر حسن البشير ويدور بالجوال دورة كاملة ليصور ما يحيط به دون الاكتراث لحضور كل تلك الشخصيات أو عدسات الصحفيين, كما أثار "حمد" غضب الشعب التونسى فى الذكرى الأولى للثورة التونسية عندما دعى إليها وقال للصحفين أثناء مصافحته الرئيس التونسى: "أنتو شايفين إنى أنا أعلم رئيسكم كيف يقف ويصافح".