وإذا بعم المنوفى يدخلنا على المجلس العسكرى ثم يغلق الباب بالمفتاح من الخارج، فقلنا له: مال عينيك كبيرة كده يا مجلس؟ فقال: عشان أشوفك يا ثورة. وودانك بقت كبيرة كده ليه يا مجلس؟ فأجاب: عشان أسمعك يا ثورة. فاتكأْنا على الأريكة وقلنا بارتياح: ومال بُقك بقى كبير كده ليه يا مجلس؟ فقفز: عشان أكلك همممممممم يا ثورة. إحنا آسفين يا ريس.. أو كما روى عن عمرو بن العاص مخاطبا واحد كده: «أتمكر حتى وأنت فى قبرك؟!» كلما أوغل المجلس العسكرى فى الدم اختلق لنا مجلسا جديدا لنفرغ فيه شحنة الغضب. يسدل المجلس العسكرى الستار وراء الستار ولا نرى منه إلا إصبعه الذى لا يفارق الزناد وهاتك يا ضرب نار لما هرانا، وكلما وجهنا أصابعنا إليه بالاتهام قال لنا: إنت كنت فين إنت ولّا جيت منين إنت ولا رحت فين إنت.. طب هات الشريط من الأول.. أيْوه مينز.. إنجليزى ده يا مرسى؟ أيها الإخوة المواطنون والمواطنات، الأحياء منكم والأموات، أو اللى حيموتوا قريب، حيث إننا كل يوم نقتل، إن المجلس العسكرى، الحائز على المعونة الأمريكية بدرجة جيد جدا، لا يبتكر تلك الخطط الفاشلة من محض خياله، بل إنه يأتمر بأوامر من يعطيه المعونة، فالثورة قامت ضد نظام عميل للولايات المتحدةالأمريكية التى لا تواجهنا إلا من خلف ستار عسكرى، يضع أمامه ستارا مدنيا، وستارا عليه بلاك أوت من البزنس ثم فوقه ستار الساسة.. أموت وأعرف الرصاصة بتعدى إزاى؟ هذا وقد قرر المجلس العسكرى كلما حدثناه فى الجد أن يلهينا بجدل أو فتنة، إلا أنه لا يتمتع بخصوبة الخيال، فينتقل من الفتنة إلى الجدل ثم من الجدل إلى الفتنة، وأخيرا تفتق ذهنه عن المجالس، كلما قلنا له: ارحل. خلق لنا مجلسا من تحت قطاقيط الأرض على رأى شويكار. مجلس الشعب بلا صلاحيات لتشكيل الحكومة أو سحب الثقة منها، ومجلس الوزراء بلا صلاحيات للهيئة القضائية وشؤون وزارة الدفاع، ويبدو أنه ليس له أى صلاحيات أخرى بدليل أن الجنزورى قام بمراجعة تشكيله الوزارى مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما صرح أحد أعضاء المجلس العسكرى بأن صلاحيات الجنزورى كاملة.. تماما كصلاحيات شرف! وقبل أن تنشب المعَرْكة بين المجلس العسكرى ومجلس الشعب حول صلاحياته، فقد أسس المجلس العسكرى مجلسا استشاريا لينوب عنه فى هذه المعركة، وهو بمثابة المواطنين الشرفاء الذين عادة ما يصدِّرهم المجلس العسكرى فى كل مشاحناته. فكما يصدّر لنا المخبرين بملابس مدنية ليفضوا الاعتصامات والتظاهرات، فإن المجلس الاستشارى مهمته تحمل عبء الجدل الذى سيدور حول صلاحيات مجلس الشعب، وبما أن الأغلبية فى مجلس الشعب كانت من نصيب جماعة «أبيع نفسى» الإخوان المسلمين سابقا، فإن السادة أعضاء المجلس الموقر، الذى تحول من سيد قراره إلى سيد الشغال، سيحبذون فكرة التنابذ بينهم وبين المجلس الاستشارى، ويا سلام بقى.. يا سلام لو الخناقة كلها تنحصر حول المادة الثانية من الدستور ونصها والإضافة أو النقصان منها.. نقعد فيها أربع سنين دى يا ولاد، بدلا من مواجهة المجلس العسكرى حيث إن يده طرشاء. أما المجلس العسكرى ذاته، فإن أداءه المرتبك لا يعبر سوى عن الارتباك الذى تعانى منه الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا، إذ إن العسكرى لا يبتكر ولا يخترع، أمريكا تقول له إدبح يا زكى قدرة، يدبح زكى قدرة، اعقد صفقة مع الإخوان المسلمين يا زكى قدرة يعقد زكى قدرة، انهمك فى تشكيل المجالس واللجان المنبثقة من المجالس واللجان المتفرعة من اللجان المنبثقة من المجالس حتى تلعب مع الناس لعبة دوّخينى يا لمونة، ينهمك زكى قدرة، وبما أن الشعب المصرى قام بثورة ضد نظام عميل للإمبريالية، فقد قررت الإمبريالية أن تغير لنا من شكلها كومبليتى يا مرسى، طولت لنا القصة، وذهب جون كيرى لزيارة حزب الحرية والعدالة، ودول ما بيقولوش لأ لحد أبدا يا مؤمن.. وهم تماما كعلام الملّاونى، كل ما تتزنق اقلع، صفقة مع مجلس عسكرى ماشى، تحالف مع سلفيين كانوا يحرمون الثورة ويكفرون الإخوان وماله، اجتماع بعمر سليمان، يبدو أنهم بدؤوا فى جنى ثمرته الآن ما يخسرش، جون كيرى يأتى ليتوج كل ذلك ويحضر الفرح شغال، وليكن كل ذلك على دماء الناس وجثامينهم الملقاة فى المزابل.. مزابل مزابل بس نعيش. لقد فقعنا فى الوخ.. وقامت الولاياتالمتحدةالأمريكية التى ثُرنا على عملائها بعمل كماشة علينا من جميع الجهات، وعلينا إيجاد بديل وطنى حقيقى فورى. الله المستعان.