مَن المسؤول عن زيادة أعداد مصابى الثورة بأكثر من مئة مصاب، بعضهم فى حالة خطرة؟! ومَن أعطى أمر الهجوم على ميدان التحرير فى مساء يوم الثلاثاء، التاسع والعشرين من نوفمبر؟ كل وسائل الإعلام تتحدث عن اشتباكات استمرت لساعات بين المعتصمين والثوار من جهة، وباعة جائلين من جهة أخرى.. فهل هذا يُعقل؟! هذه معركة كبيرة، وأؤكد كشاهد عيان، أنها لم تقتصر فقط على رمى الطوب، فقد انطلقت طلقات الرصاص والخرطوش من جهة أعداد كبيرة من البلطجية العاملين مع قيادات وزارة الداخلية! ومن ثَم لم يكن أهل الميدان يستبعدون أن يستخدم البلطجية القنابل المسيلة للدموع! وكانوا يتساءلون: هل ستهجم قوات الأمن مع البلطجية؟ ولك يا صديقى القارئ أن تتساءل، وكيف صمد المعتصمون فى ميدان التحرير -ومنهم نساء وشيوخ ومصابون- أمام كل هؤلاء البلطجية المسلحين؟ والإجابة بسيطة، كما سبق وانتصرنا مرات كثيرة، وكلنا نتذكر موقعة الجمل الشهيرة، التى استمرت من يوم الأربعاء 2 فبراير، حتى يوم الخميس، وفى بدايتها تمكن البلطجية من احتلال نصف ميدان التحرير، بداية من مدخل عبد المنعم رياض، وحتى الكعكة الحجرية، وتم تقطيع كل اللافتات فى هذا الجزء من الميدان، وتعليق صور كبيرة لمبارك، وكان يمكن فى هذه اللحظة أن يسقط الميدان كله، وتبدأ القنوات التليفزيونية فى بث صور مبارك المعلقة فى التحرير، ويتعالى هتاف البلطجية بحياة الرئيس! كان يمكن فعلا للثورة أن تنتهى فى هذه اللحظة الرهيبة، بقتل الآلاف من الثوار العزل، واعتقال كل من تبقى فى الميدان من رجال ونساء وأطفال، لكن الحق سبحانه وتعالى نصرنا عليهم، بعد أن قدمنا مئات الشهداء الأبرار، وآلاف الجرحى والمصابين الأبطال. ويوم الثلاثاء الماضى تكرر هجوم البلطجية المسلحين على ميدان التحرير، لكن هذه المرة لم يأمرهم -غالبا-صفوت الشريف، ولا أحمد عز، ولا إبراهيم كامل، لا أحد من هؤلاء، ولا غيرهم ممن خططوا لمعركة الجمل، ولكن الأمر هذه المرة جاء من كبار الجنرالات! وكان يمكن لميدان التحرير أن يسقط أيضا يوم الثلاثاء، لولا هؤلاء الأبطال الذين حضروا إلى الميدان فى خلال فترة قصيرة جدا، فمَن هؤلاء الذين تركوا بيوتهم الدافئة، وأسرعوا إلى صقيع التحرير لحماية إخوتهم؟ مَن هب للدفاع عن ميدان التحرير رمز الثورة المصرية، وقلبها النابض بالوطنية والتضحية والكرامة؟ مَن هؤلاء الأبطال الذين نزلوا من بيوتهم الآمنة، للاشتراك فى معركة غير متكافئة بين بلطجية مسلحين، ومعتصمين مصابين وبلا سلاح؟ مَن هؤلاء الأبطال الذين هرعوا فى منتصف الليل حين حانت ساعة الخطر للدفاع عن روح ثورتنا العظمى؟ هؤلاء هم من يصرون على عودة العسكر إلى ثكناتهم، ليحافظوا على أمن البلد، ويتركوا الحكم لمجلس رئاسى مكون من رؤساء الهيئات القضائية، أو يسلموا سلطات رئيس الجمهورية لحكومة إنقاذ وطنى حقيقية تعبر بمصر إلى بر الأمان الديمقراطى.