يثبت الشعب المصرى كل يوم أنه شعب عظيم، يستطيع أن يبهر العالم حتى فى لحظات تضييق الخناق عليه، فهو قام بثورة 25 يناير العظيمة التى أبهرت العالم بعد 30 سنة من حكم الاستبداد والطغيان، وفى الوقت الذى ظن فيه الجميع -بمن فيهم الذين يحكمون الآن من العسكر أو الذين يطمحون إلى الحكم مستقبلا كالإخوان ومن معهم من الإسلاميين- أنهم لن يثوروا على حكامهم. وها هو يخرج اليوم فى الانتخابات العامة يدعو إلى الديمقراطية واختيار ممثليه ليبهر العالم كله مرة أخرى وليثبت أنه كان على حق فى ثورته ضد نظام مستبد يزوّر إرادته مع أن بقايا النظام ما زالت موجودة وتمارس الثورة المضادة بفاعلية واقتدار وتجد تشجيعا من جهات كثيرة. يخرج لتأكيد استعادة كرامته التى استمدها من ثورة 25 يناير التى قامت على وقود مئات الشهداء الذين سقطوا على يد النظام المخلوع الذى دافع بكل ما يملك من أجل البقاء فى السلطة، لكن الشعب قرر استعادة حريته وكرامته، ولا يزال حتى الآن يدفع من وقوده من الشهداء كما حدث خلال الأسابيع الماضية فى شارع محمد محمود للحفاظ على ثورته التى يريد البعض الآن اختطافها. فالتحية والشكر لشهداء ثورة 25 يناير فى كل أيامها حتى الآن، فهم الذين يمنحون الشعب القوة حتى الآن ليستمروا فى النضال من أجل الحرية والعدالة (وليست حرية وعدالة الإخوان المسلمين) والكرامة وبناء مجتمع حديث يليق بمصر وتاريخها وجغرافيتها وبشرها رغم أن هناك من يريد الرقص على دم الشهداء وتحقيق أى مكاسب قريبة ليستمر فى تضليل الناس وترويعهم. فقد خرج الشعب إلى الانتخابات ليؤكد للذين يحكمون ومن يلتحف بهم أنه يريد الديمقراطية وأنه على استعداد لتخطى الطرق الوعرة من أجل ذلك، فقد ظل شهورا عشرة بعد قيام الثورة وحتى الآن لم يحدث شىء من الذين يحكمون البلاد. .. لم تحدث محاسبة رموز النظام السابق على فسادهم اللهم إلا بعض المحاكمات الهزلية. .. لم تحدث إعادة الأموال المهربة والمنهوبة رغم أن هناك طرقا معروفة ويعلمها الكثيرون من أتباع النظام السابق والذين ما زالوا فى مناصبهم حتى الآن، يمكن بها استعادة هذه الأموال. .. لم تحدث حتى الآن إعادة أى متر أرض من الأراضى التى تم الاستيلاء عليها بتراب الفلوس من حق الأجيال القادمة لصالح بعض من خدم ورجال أعمال النظام السابق ليبيعوها للمواطنين بالملايين بعد تقسيمها وبنائها. .. وأدخل الذين ادعوا أنهم يديرون شؤون البلاد وهم يحكمون البلاد بالفعل، الناس فى انقسامات لا مبرر لها من «الدستور أولًا إلى الانتخابات أولا.. ثم وثيقة المبادئ الدستورية.. ثم حكومة الإنقاذ الوطنى». وتحمل الشعب صاحب الثورة العظيمة الكثير من هذه التفاهات، ومناورات قوى سياسية كانت تنافق النظام المخلوع وتعمل لحسابه رغم أنها تدعى المعارضة للحصول على ثمار الثورة قبل نضجها. وهناك من مارس -ولا يزال- التضليل مع الناس، واستطاع أن يؤثر فى المجلس العسكرى بجنرالاته المعاشيين أنهم أصحاب التأثير فى تحريك الشارع رغم أنهم أعلنوا بوضوح أنهم لن يشاركوا فى مظاهرات 25 يناير، التى كان يطلق عليها من يومها ثورة 25 يناير.. إنهم لم يتعلموا بعد أن الشعب يريد حريته. لقد كشفت الانتخابات والروح العظيمة للشعب أن الأجهزة المختلفة ما زالت تعمل على طريقة النظام المخلوع، وأنهم ليسوا على أداء وطموح الشعب، فما زالت هناك سلبيات كثيرة لدى اللجنة العليا للانتخابات وتعمل بكفاءة لجنة انتخابات 2010. هناك سلبيات كثيرة لقضاة داخل اللجان، ووصل أن البعض يعمل لصالح قوى معينة كما كان يحدث مع النظام السابق من عمل البعض لصالح الحزب الوطنى «المنحل». كما كشفت هذه الانتخابات بشكل واضح أن الانفلات الأمنى الذى تحمله الشعب عبر الأشهر العشرة الماضية هو أمر متعمد من الذين يدّعون أنهم يديرون شؤون البلاد، فقد كان فى أيديهم القضاء على الانفلات الأمنى خلال أشهر قليلة ولكنهم استمروا على طريقة النظام السابق فى الترويع والتضليل. .. لم يعلموا بعد أن ما قبل 25 يناير لن يتكرر بعد 25 يناير. تحيا الثورة التى أبهرت العالم.. وما زالت حتى الآن. تحيا الثورة وثوارها الذين يناضلون حتى الآن ضد الاستبداد وحكم العسكر والملتحفين بهم.