شبح العودة إلى العنف يؤرق أبناء التيارات الإسلامية.. ويبدو أن كتب المراجعات التى أصدرها الإسلاميون من السجن لا تكفى. أحد كُتاب المراجعات وهو المنظّر الفكرى للجماعة الإسلامية الدكتور ناجح إبراهيم وضع بحثا، يعد خارطة طريق جديدة للدعوة الإسلامية، يريد منها الحيلولة دون التصادم بين الحركة الإسلامية، وأيضا بينها وبين القوى الأخرى. ناجح يستهل بحثه، الذى تنفرد «التحرير» بنشر ملامحه، بمَعلم أول يؤكد الشعار الإخوانى الذى أصدره مرشدهم الثانى حسن الهضيبى، بأن أفراد التيار الإسلامى «دعاة لا قضاة»، مهمتهم الدعوة والهداية لا الحكم على الناس، وإلقاء تهم الكفر والفسق على الأفراد والهيئات.. المعلم الثانى هو أنهم «دعاة لا ولاة»، فليس من مهام الإسلاميين إنفاذ الأحكام، وحذر البحث «إذا سعوا إلى ذلك تحولت الدنيا إلى فوضى، والشريعة الإسلامية رفضت أن يقوم بالأحكام السيادية أحد غير الحكام، وإذا استلب الدعاة هذا الحق لأنفسهم أو جماعتهم فسد كل شىء».. «دعاة لا قساة» مَعلم ثالث، يطرحه قائلا «الدعوة إن لم تمتزج بالرحمة والرفق لم تؤت ثمرتها، فالداعية لا يقابل الشر بمثله، وقد جربت الحركة الإسلامية مرارا مواجهة العدوان بالعدوان فدخلت السجون وضاعت دعوتها»، معترفا بوجود «دعاة يتفننون فى تطفيش الأصدقاء وصنع الأعداء». ناجح يرى، فى معلمه الرابع، أن على الحركة الإسلامية أن تؤمن بشمولية الإسلام ونسبية الحركات، وقال «إن كثيرا من الإسلاميين يخلطون بين الإسلام والحركة الإسلامية، وبين الإسلام والفكر الإسلامى، والخلط نفسه يقع فيه العلمانيون، حينما يظنون أن كل خطأ تقع فيه الحركة الإسلامية يعد دليلا على خطأ الإسلام نفسه، ويهاجم الإسلام انطلاقا من أخطاء وقعت فيها الحركة الإسلامية».. وطالب، فى المعلم الخامس، الحركة الإسلامية بأن تثبت مع ثوابت الإسلام وتتغير مع متغيراته، «لأن الشريعة الإسلامية تحمل فى طياتها وتعاليمها الثابت والمتغير معا، وهما سر خلود الإسلام». ووصف الداء الذى تعانى منه الحركة الإسلامية وهو تقديم العاطفة على الحسابات الدقيقة وتقديم مخاطبة العواطف على مخاطبة العقل مع قلة الوعى بفقه الأولويات وفقه المصالح والمفاسد، ودلل على ذلك بحادثة عبير فخرى ورغبة البعض فى الزحف نحو فلسطين بعد مرور 63 عاما على إقامة دولة فلسطين، كذلك الخلط فى التعاطف بين فكر بن لادن وشخصه. المنظّر الفكرى للجماعة الإسلامية كان صريحا، فدعا الحركة الإسلامية أن تدفع زكاة الحرية التى نعمت بها بعد الثورة، المتمثلة فى التسامح وعدم الاستطالة على الآخرين، وحذرها من مغبة ذلك، محذرا من العودة إلى المعتقلات مرة أخرى لتثوب الحركة الإسلامية إلى رشدها من جديد. ودعا إلى هجر السرية فى العمل الدعوى والسياسى، فلم يعد لها مبرر الآن، فالعلنية ضرورة من ضرورات إعادة الحركة الإسلامية إلى المجتمع ككيان واضح للعيان، يتعامل بشفافية مع المجتمع والدولة والآخرين. ناجح اعترف بأن الإسلاميين أدمنوا العمل السرى، باعتباره طوق النجاة للهروب من الضربات التى كانت تطالهم.