بدأ الإسلاميون معركتهم لفرض الحجاب مبكرا، وأرادوا للمعركة أن تكون على الهواء مباشرة، حتى يراها الجميع، ويعرف الجميع توجهاتهم، فرفض القيادى السلفى فى الإسكندرية الظهور على شاشة القناة الخامسة، إلا بعد أن ترتدى المذيعة الحجاب، وهو ما حدث بالفعل، ورفض المتحدث الرسمى باسم الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد، الظهور فى برنامج «ناس بوك» الذى تقدمه الإعلامية هالة سرحان، إلا بعد أن ترتدى الحجاب، أو يظهر من وراء ستار، وهو ما حدث بالفعل حيث ظهر من خلف سياج حديدى يفصل بينه وبين المذيعة وضيوف البرنامج. القيادى السلفى، وقيادى الجماعة الإسلامية، لم يكسبا بظهورهما بهذا الشكل، فقد خسرا كثيرا فى الشارع المصرى، حيث بدا الأمر وكأنه يحمل رسالة تحذير بأن كل النساء سيرتدين الحجاب، إذا وصل هؤلاء إلى السلطة. الأمر الذى فعله الشحات وعبد الماجد ليس الأول من نوعه، فقبل عدة أشهر خرج الشيخ حافظ سلامة الذى تجاوز ال75 عاما على إحدى القنوات الفضائية وهو يجلس فى استوديو والمذيعة فى استوديوآخر، لكن مع تكرار الموقف، والإصرار عليه بعد أن أعلن عبد الماجد أن الجماعة الإسلامية أعلنت أن قادتها لن يظهروا إلا مع مذيعات محجبات، بات السؤال ملحا حول شكل تطبيق الشريعة التى تريدها التيارات الإسلامية المختلفة؟ وأين فقه الواقع من تعاملاتهم؟ وهل وصولهم إلى الحكم سيجعلهم يطبقون نموذج طالبان؟ وأين النموذجان التونسى والتركى من منهجهم؟ ولماذا لا تحتذى تلك التيارات بجماعة الإخوان المسلمين التى تتمتع بنوع من الانفتاح النسبى؟ هالة سرحان لم ترتد الحجاب، لكنها استجابت لطلب عبد الماجد الآخر، وتم بالفعل بناء حائط فى الاستوديو ليفصل بينها وضيفها، وبدأت حلقتها بتقديم للشيخ عبد الماجد ثم جعلت الكاميرا تظهر الحائط الذى يفصله عنها وعن ضيفيها الآخرين، الدكتور عمار على حسن والكاتب الصحفى وائل قنديل، وقالت إن عبد الماجد هو الذى طلب ذلك وأنها احترمت رغبته وسألته «هل المرأة مرفوضة عندك إلى هذا الحد؟ ثم طلبت منه أن يوضح أسباب ذلك للمشاهدين»، فقال عبد الماجد: «قد تكون هذه الصورة جديدة عليك وعلى المشاهدين، لكنها صورة قديمة قدم هذا الدين الإسلامى، وأنها تطبيق لحكم الله الذى قال فى كتابه الكريم عن أمهات المؤمنين الذين هن أفضل منى ومنك (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب). فنحن ابتعدنا عن هذه الصورة، لكنها قريبة إلى قلبى وإلى قلب كل مؤمن متمسك بالقرآن وبالشريعة الإسلامية». وأضاف عبد الماجد أن «الرسالة الإعلامية ستؤدى على أكمل وجه رغم هذا الحجاب، فأنتِ ستسألين عن كل شىء كما يحلو لك، وأنا سأجيب عن كل أسئلتك بكل توسع، لأن هذا الحجاب ليس حاجزا للأفكار، ولكنه امتثال لأمر الله». عبد الماجد قال ل«التحرير» إن ما حدث فى البرنامج، شكل ارتضاه، واتفق عليه فى الجماعة الإسلامية، مضيفا أن المذيعة ظهرت كما تشاء وأنا ظهرت كما أشاء ولم أفرض عليها شيئا، ولها عندى النصيحة فقط لا الفرض، نافيا أن يكون هناك نهج لدى الإسلاميين بظهور المرأة فى وسائل الإعلام، مضيفا أن بابا الفاتيكان لا يقبل أن يقابل امرأة دون حجاب، وفرض ذلك على سوزان مبارك فلماذا العتاب علينا؟ وعن تعامل قيادات الجماعة حال دخولهم البرلمان مع عضوات المجلس وكذلك فى المصالح الحكومية قال عبد الماجد «نحن نتعامل وفق الضرورة الشرعية ونغض البصر، وطلبى هو نوع من الاعتراض على شكل بعض المذيعات ولو هناك مذيعة محتشمة فلا حرج». ومن جانبه قال الباحث السياسى الدكتور مصطفى اللباد، إن هناك اتجاها نحو سلفية المجتمع، فالإخوان والجماعة الإسلامية أقرب إلى التيار السلفى من النماذج التركية أو التونسية، مشيرا إلى أن التيارات الإسلامية فى مصر بعد الثورة تصيغ نموذجا سياسيا إسلاميا جديدا لا يضاهى أيا من النماذج الموجودة على الساحة.