لم أتصور أن يأتى اليوم، الذى أشاهد فيه إعلامية تحاور ضيفًا من وراء جدار عازل، ويجلس هو خلف الجدار متباهيًا بالنصر المبين الذى حققه، ورضوخ القائمين على البرنامج لطلبه، مشددًا على أنه لا يفرق معه هذا البرنامج ولا الظهور فيه خصوصًا وأنه وقبل ظهوره فى الحلقة أطلق تصريحات صحفية نشرتها بوابة الأهرام مؤكدًا فيها أنه سيذهب إلى الاستوديو وإذا لم تلب طلباته وشروطه فسينصرف فورًا وقد يكتفى بمكالمة هاتفية يعبر فيها عن وجهة نظره وكأن صوت المرأة أقصد الإعلامية، التى تحادثه ليس عورة مثل صورتها، وحقيقة لم أعد أستوعب أنا والكثيرون التطورات السريعة التى باتت تلاحقنا اجتماعياً. فنحن بلا فخر نرجع إلى الخلف، وبالتأكيد يعلم البعض أننى هنا أتحدث على إحدى حلقات برنامج "ناس بوك" والذى تقدمه الإعلامية هالة سرحان واستضافت فيه الشيخ عاصم عبد الماجد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية، والذى وضع شرطاً للظهور معها فى البرنامج وهو أن يكون الظهور من وراء حجاب، وتم بالفعل بناء حائط فى الأستوديو ليفصل بين عبد الماجد، وهالة، التى كان يجلس بجوارها الكاتب الصحفى وائل قنديل مدير تحرير جريدة الشروق والدكتور عمار على حسن الباحث السياسى. وبدأت الإعلامية هالة حلقتها بعمل تقديم للشيخ عبد الماجد ثم جعلت الكاميرا تظهر الحائط الذى يفصله عنها وعن ضيفيها، وقالت، إن عبد الماجد هو الذى طلب ذلك وأنها احترمت رغبته وسألته "هل المرأة مرفوضة عندك إلى هذا الحد؟ فقال عبد الماجد: "قد تكون هذه الصورة جديدة عليك وعلى المشاهدين، ولكنها تطبيق لحكم الله الذى قال فى كتابه الكريم عن أمهات المؤمنين اللائى هن أفضل منى ومنك (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب). وهنا تدخل الكاتب الصحفى وائل قنديل موضحًا، أنه يختلف مع تفسير الشيخ عبد الماجد للآية القرآنية التى ذكرها، حيث أخرجها عن سياقها للتعميم، لكنها نزلت فى سياق معروف، وهو أن الصحابة كانوا يذهبون لبيت رسول الله، وأحيانًا كانوا يدلون البيت دون تنبيه أو استئذان فكانت زوجات الرسول يشعرن بالحرج. ورغم المشاحنات التى شاهدتها الحلقة، ومحاولة الشيخ فرض رأيه بقوة القرآن ورغبة قنديل وعمار فى إعمال العقل، حيث إن المشكلة الحقيقية هى فى اعتقاد الشيخ عب الماجد أن تفسيره للقرآن هو التفسير الوحيد والصحيح، ويريد أن يفرضه على الجميع، فالمشكلة فى فساد تفسير الشريعة وأحكامها، كما قال الباحث عمار على حسن، والسؤال الأهم الذى أطرحه وأتمنى أن أجد إجابته فى حلقة بها شيخ.. يستشهد بين كل جملة وجملة بآية وحديث شريف بغض النظر عن صحته ورجل مثقف ليبرالى يعلى من قيمة التفكير وهو ما حث عليه الإسلام وباحث متخصص لمن سينتصر المشاهد البسيط؟ وتلك خطورة الإعلام؟ أتمنى أن أجد إجابة؟