اجتمع محمد كامل عمرو وزير الخارجية بمكتبه فى مقر وزارة الخارجية مع الرئيس اللبنانى الأسبق أمين الجميل الذى يزور مصر حاليا. وقال المستشار عمرو رشدى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية بأن الرئيس الجميل قد قدم العزاء فى ضحايا أحداث ماسبيرو، مؤكدا على ثقته فى تجاوز الشعب المصرى لما يواجهه من تحديات وعودة مصر لقيادة الأمة العربية وملء الفراغ الحالى الذى تشهده الساحة العربية، مشيرا إلى أن ما يميز مصر عن غيرها هو وجود مؤسسات وطنية عريقة وأركان راسخة للدولة منذ مئات السنين ، الأمر الذى يجعله على ثقة من عودة مصر إلى عافيتها وعنفوانها. من جانبه ، أكد وزير الخارجية على تقدير مصر لمشاعر الرئيس الجميل والشعب اللبنانى الشقيق الذى ظلت أحاسسيه دائما بجانب مصر فى كافة الظروف. وشدد عمرو على ثقته فى أن الشعب المصرى سيعبر أية عقبات أو تحديات تواجهه استلهاما لروح يناير العظيمة، مشيرا إلى أن ثورة يناير أظهرت الروح الحقيقية السائدة بين أطياف الشعب المصرى بمسلميه ومسيحيه، فلم يشهد أى يوم من أيام الثورة حدثا طائفيا واحدا أو شجار ولو بسيط بين مسلم ومسيحى، رغم غياب الشرطة وشلل مؤسسات الدولة ، بل على العكس لازالت صور التآخى والتلاحم فى الميدان ماثلة فى أذهاننا جميعا. وأكد وزير الخارجية أن كل مصرى يرفض بشدة ما حدث أمام ماسبيرو، مشيرا إلى أن رد الشارع المصرى جاء سريعا وحاسما متمثلا فى مسيرات التضامن التى سارت بين المساجد والكنائس فى اليوم التالى مباشرة وعقب صلاة الجمعة التالية، وعرض وزير الخارجية أيضا مجريات العملية السياسية الحالية فى مصر واستعدادات الحكومة لإجراء الانتخابات التشريعية، مؤكدا أن الشارع هو الضامن الأول لنزاهة هذه الانتخابات، فلن يقبل مواطن مصرى واحد أو يسمح بتزوير إرادته بعد اليوم، كما أشار إلى سعادته بما يلمسه من تفاعل المواطن المصرى ومتابعته، بل ومراقبته ، لتحركات السياسة الخارجية المصرية ، معتبرا هذا دليلا على حرص المواطن على صيانة حقوقه ومراقبة الأجهزة القائمة على مصالحه . وردا على سؤال للجميل حول مغزى تزامن زيارته مع اجتماع الجامعة العربية الذى قد يبحث تجميد عضوية سوريا أكد الجميل عدم وجود رابط وزيارته لمصر كانت محددة سلفا، مشيرا إلى أنه التقى بعدد من المسئولين المصريين والبابا شنودة وشيخ الأزهر وعدد من المسئولين بالجامعة. وأضاف أنه بحث معهم الأوضاع العربية بصفة عامة وإمكانية الوصول إلى تفاهم حول إطار يخدم الثورات العربية حتى يتم تأسيس نظام عربى قائم على الحرية والمساواة والديمقراطية ويستوعب كل مكونات المجتمع فى الدول العربية ومبدأ حقوق الانسان واستيعاب الأقليات وخلق نمط من التعامل السياسى الجديد فى العالم العربى . وردا على سؤال حول إمكانية حدوث حرب أهلية فى سوريا وتأثير ذلك على لبنان قال «إننا بالتاكيد لانتمنى حدوث أى حرب أهلية لأن هذا سيشكل مأساة للإنسان بشكل عام فى سوريا وخارجها، معربا عن أمله أن يستقر الوضع فى سوريا ويتم دعم الديمقراطية وحقوق الانسان وتتوقف هذه الممارسات ضد حقوق الإنسان وضد المواطن السورى ونأمل أن تتحرر سوريا من هذه الأجواء والقيود المفروضة على الشعب السورى منذ عقود من الزمن ونأمل أن يبتعد خطر الحرب الأهلية وتتوقف إراقة الدماء فى سوريا . وحول إمكانية حدوث حرب أهلية فى مصر أشار إلى أن الأحداث التى تمت فى الأيام الأخيرة كانت غير مستحبة وأقلقت المصريين بل والمسلمين والمسيحيين فى المنطقة، مشيرا إلى أنه لمس لدى المسئولين فى مصر رغبة صادقة وفعالة لوضع حد لمثل هذه الأعمال وهناك حديث عن وجود عناصر مندسة هى التى أدت إلى مثل هذه التداعيات التى تمت بين الأقباط والجيش كما أن هناك تحقيق جار فى هذا الاطار، مشيرا إلى أنه يعول على نضج المصريين ووعيهم بالمسئولية الوطنية والانسانية. وأضاف أن مصر بلا شك ستتجاوز مثل هذه الأحداث وتؤسس لوضع جديد يقوم على استيعاب كل مكونات الشعب المصرى تتم فيه صيانة حرية المعتقدات ومشاركة كل الأطراف فى رسم مستقبل مصر، مشيرا أن كافة المسئولين الذين التقاهم أكدوا أنهم لن يسمحوا لمصر الوقوع فى شرك الصراعات الطائفية التى ستضر بالمسلمين والمسيحيين على حد سواء . وعن تصريحات البطريرك بشارة الراعى الذى أشار إلى أن على السوريين الاختيار بين السيناريو السىء بوجود بشار والسيناريو الاسوأ قال الجميل أن المسالة لا تقتصر على مايحدث فقط فى سوريا ولكنها تحدث أيضا فى اليمن وتونس وليبيا وبالتالى فإن المسألة أشمل مما يحدث فى سوريا فقط ومن المفترض أن يتم تجاوز كل هذه المحن لأنه لايوجد حل كامل ونموذجى فى الوقت الحاضر فالمسالة تحتاج إلى خطوات متدرجة ولابد كمرحلة أولى من القبول ببعض الخطوات الصغيرة للوصول إلى شىء آخر وهذا ماكان يعنيه البطريرك، مشيرا إلى انه طرح خلال لقائه مع وزير الخارجية ضرورة إيجاد منهاج جديد ينطلق من بعض الشعارات التى أطلقتها الثورات العربية الداعية إلى الديمقراطية وحرية الانسان والمعتقدات والمشاركة الحقيقية وهذا هو الذى يمكن أن يؤدى إلى سياسة عربية جديدة تكرس طموحات الشعوب . وحول وجود انفراجة فى ملف المحكمة الدولية للتحقيق فى قتل الحريرى أعرب عن أسفه أنه حتى الآن لا توجد أية مؤشرات إيجابية أو بوادر لحل هذه المشكلة وهناك أطراف موقفها عبثى وسلبى للغاية ولا تريد للعدالة فى لبنان أن تاخذ مجراها ولا تريد إحقاق الحق وهذا يتناقض مع مصلحة لبنان وأبسط قواعد العدل والمساواة للشعب أمام القانون والقضاء.