جاء التقسيم الأخير للدوائر الانتخابية فى المنيا ليجهض الترتيبات والحسابات الانتخابية لفلول الحزب الوطنى المنحل، إثر اختلاف موازين الكتل التصويتة فى جميع دوائر المحافظة. يأتى هذا، بينما تحاول جماعة الإخوان المسلمين تفتيت وضرب الكتل التصويتة للفلول، الذين يحاولون طرح وجوه غير محروقة لهم فى الشارع، بإنشاء مكاتب سياسية ومقرات لها فى المجالس القروية للمحافظة، مثلما هى الحال بالنسبة لمكتبها فى مجلس قروى أتليدم، فى مركز أبو قرقاص، الذى أنشئ خصيصا من أجل تفتيت الكتل التصويتية، لعضوى مجلس الشعب السابقين اللواء فاروق طه ومجدى سعداوى ونائب الشورى السابق عبد الغنى الشيمى. من جانب آخر، تمتلك قرية الدلجا فى مركز دير مواس أعلى كتلة تصويتية فى المحافظة، خصوصا أنها أكبر قرى الصعيد، تأتى بعدها قريتا أسمو العروس، والبدرمان، والأخيرة تحديدا، سبق أن اعتمد عليها كل نواب الوطنى السابقين فى حسم المعارك الانتخابية لصالحهم، وكان من بينهم النائب السابق علاء حسانين. أما فى مركز المنيا، فتمثل، قرى تلة والبرجاية وصفط الخمار وبنى أحمد ونزلة عبيد (ذات الأغلبيه القبطية) أعلى كتل تصويتية، قبل وبعد تقسيم الدوائر، فدائرة المركز بشكلها الجديد، باتت تضم تلك القرى، إضافة إلى مدينة المنياالجديدة. فى سياق مختلف، فإن فصل قرى مجلس البيهو عن دائرة بندر المنيا، وضمها إلى دائرة سمالوط، مثل ضربة قاسمة لفلول الوطنى، وجائزة من السماء لمرشحى جماعة الإخوان المسلمين، التى تحظى بشعبية كبيرة فى سمالوط. فى المقابل يضم مركز مغاغة ستة مجالس قروية، أكبرها من حيث الكثافة التصويتية، مجلس قروى شارونة. يأتى هذا، بينما لا تزال العائلات البرلمانية فى المنيا تتحكم فى جزء كبير من مفاتيح لعبة الانتخابات، قبل تقسيم الدوائر وبعدها، وتأتى عائلة أبو المكارم فى دير مواس، فى المقدمة، حيث تربطها علاقات نسب ومصاهرة بأغلب قرى المركز، ثم عائلة العشيرى فى ملوى وعائلة الدروى والكاشف، فى المركز نفسه. كما تأتى عائلة الشريعى فى نفس دائرة سمالوط، التى ينتمى إليها الموسيقار عمار الشريعى، كإحدى أكثر العائلات تأثيرا. ومع أن المنيا ظلت طوال السنوات الماضية معقلا لجماعة الإخوان المسلمين، ويكفى أن مقاعد المحافظة الستة، كانت من نصيب مرشحى الجماعة فى انتخابات 2005، إلا أن الوضع اختلف نوعا ما بعد الثورة، بعد أن بدأت التيارات السلفية وقيادات الجماعة الإسلامية، تنشط فى المنيا، سعيا على اقتسام كعكة المقاعد البرلمانية مع الإخوان.. الشهور القليلة التى تلت الثورة، شهدت صراعا خفيا بين الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية للسيطرة على مساجد المحافظة، وعلى أكبر قدر ممكن من أصوات الناخبين، كما بدأت حربا شرسة بين التيارات الإسلامية هناك، بسبب الأموال المتدفقة من كل تيار، خصوصا الإخوان والسلفيين، حتى إن أحد قيادات الجماعة، علق عقب افتتاح المقر الفخم لحزب النور السلفى، فى المنيا، قائلا «يا فلوسك يا سعودية». وفى سياق تلك الحرب، بين التيارات الإسلامية المختلفة فى المنيا، يجزم بعض المراقبين، بأن الاتفاق السابق الذى أبرم، فى السر، بين تلك التيارات، لإخلاء دوائر لبعضها البعض فى الانتخابات المقبلة، بات لاغيا. فى سياق مختلف، فإن الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، الدكتور محمد سعد الكتاتنى، الذى مثل الإخوان فى البرلمان قبل الماضى، عن دائرة بندر المنيا، على موعد مع مواجهة شرسة، مع أمين حزب التجمع فى المنيا الدكتور وجيه شكرى ساويرس، فى الانتخابات المقبلة، خصوصا أن الأخير يعتبر نفسه ممثلا عن القوى الوطنية والثورية، بينما طرح الثوار الجدد عدة أسماء.