كنت -وما زلت- مؤمنا أن الأحزاب التقليدية القديمة لم تكن تختلف كثيرا عن الحزب الوطنى «المنحل». كانت تلك الأحزاب التى خرج معظمها من رحم أمن الدولة «المنحل» ولجنة أحزاب «الحزب الوطنى» ومعها أحزاب أخرى تهالكت على أيدى رؤسائها الذين كان يتاجرون بها ويحصلون منها وبها على منافع شخصية مثل الوفد والتجمع والناصرى.. كانت تلك الأحزاب جميعا منافقة وموالسة للنظام السابق.. وكان يتحرك رؤساؤها بتعليمات من ضباط أمن الدولة المسؤولين عن الأحزاب. كانت -وما زالت- أحزاب سكك.. تمنح نفسها لمن يدفع فتاتا ويحافظ على مصالح رؤسائها والقائمين عليها.. مرة باختيار أعضاء منها أو رئيسها للتعيين فى البرلمان، ومرة أخرى بإنجاحهم بالتزوير فى الانتخابات، الذى وصلت إلى فضيحة كبرى فى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى عام 2010، الذى حصل فيه بعض مرشحى تلك الأحزاب على مئات الآلاف من الأصوات.. مثلهم كمرشحى الحزب الوطنى «المنحل» وهم لا يستطيعون أصلا الحصول على عشرات الأصوات.. فقد كانت مسرحية هزلية شاركوا فيها إرضاءً للنظام! فقد كانوا يتلهفون ويتوددون إلى النظام السابق من أجل الحصول على الفتات.. ومنحه الديمقراطية «المزيفة» التى كان يدّعيها النظام ولجنة سياساته. لم يمنعوا أنفسهم من الدفاع عن فساد النظام السابق وأولاده حتى إن رئيس حزب كان كبيرا لم يكن يرضى عن وصف الرئيس السابق وأبنائه وعصابته بالفاسدين. هم فعلا أحزاب السكك.. وكان موقفهم مزريا قبل الثورة وفى أثنائها.. وتلونوا سريعا بعد نجاح الثورة وخلع الرئيس مبارك وأفراد عصابته. فهى أحزاب لأصحابها.. يستفيدون منها ويعقدون بها صفقاتهم الخاصة التجارية والمنفعية الشخصية، وراجِعوا مواقف تلك الأحزاب من جميع قضايا المجتمع فى السنوات الأخيرة.. فقد كانت ديكورا فقط للنظام السابق. وأصبح الوفد.. هو وفد السيد البدوى وشركاته وتنازل عن شخصيته وتاريخه من أجل تسجيل دواء جديد أو مساعدته فى فتح سوق جديدة.. أو مشاركة أحد أفراد عصابة النظام.. و«التطنيش» على التفافه فى دفع حق الدولة. وأصبح التجمع.. هو تجمع رفعت السعيد فقط مقابل الحصول على عضوية الشورى بالتعيين.. ومن ثم عضوية المجلس الأعلى للصحافة ومجالس لجان صفوت الشريف.. وبالطبع الحصول على مكافآت مميزة.. ولا مانع من حراسة شخصية من الداخلية. ناهيك بأحزاب أخرى يحركها صفوت الشريف مثل «جيل ناجى الشهابى».. و«غد مصطفى موسى» الذى اخترعوه لهدم غد أيمن نور والعدالة لمحمد عبد العال.. والتكافؤ لشلتوت والشباب لأحمد عبد الهادى.. وأُمّة المرحوم أحمد الصباحى. وأتحدى أى أحد -غير ضباط أمن الدولة- أن يتذكر اسم أى حزب آخر من ال23 التى تمت الموافقة عليها من قِبل لجنة صفوت الشريف وجهاز أمن الدولة. فتلك الأحزاب مثلها كالحزب الوطنى كان يجب أن تحل وأن تتم إعادة تشكيلها من جديد وفقا للقانون الجديد.. فهى كانت ضد الثورة وستظل رغم تلون قيادتها وبعض أشخاصها. فهى أحزاب فلول.. ويسيرون الآن على نفس نهج طريقتهم الأولى فى التعامل مع النظام السابق.. فيهرعون عندما تتم الإشارة لهم من السلطة التى تدير شؤون البلاد.. ويقدمون خدماتهم.. ولا مانع عندهم من التوقيع على أى قرار أو إقرار أو وثيقة ما داموا شرفوا بالجلوس على نفس «الطرابيزة» التى يجلس عليها أحد ممن يديرون شؤون البلاد. تخيلوا، هؤلاء هم الذين يقودون الآن مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية ويتحكمون فى قوائم المرشحين لانتخابات البرلمان القادم، ووصل الأمر بالأخ السيد البدوى إلى أن يطمح ويطمع فى الحصول على عشرات المقاعد من مجلس الشعب القادم وهو الذى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يحصل على ثقة العشرات من الشعب بعد موقفه المفضوح من الثورة.. وتحالفه مع النظام السابق.. الذى فضحه بعض ممن كان معه.. وساعدهم على ذلك قانون انتخابات «سيئ السمعة».. ولو كانت قد أُجريت الانتخابات بطريقة الفردى كما كان سابقا لم يكن أحد منهم ليحصل على مقعد واحد.. حتى لو كان السيد البدوى نفسه. إنها أحزاب السكك فعلا.. نجّى الله مصر وثورتها منهم.