العام 2019 يمكن القول إنه عام التظاهرات، إذ خرج مواطنون على نطاق واسع في عدد من دول العالم، محتجين على سياسات حكوماتهم، حتى أن البعض أطلق على تظاهرات الجزائر التي أسقطت الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، وتظاهرات السودان التي أسقطت الرئيس عمر البشير، وتظاهرات العراق «الربيع العربي الثاني»، لكن ظهور فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد-19)، كان له وقع آخر على التظاهرات في أنحاء شتى من العالم، ما بين دول توقفت فيها الحركات الاحتجاجية، ودول أخرى اشتعل فيها الأمر. المخاوف من انتشار فيروس «كورونا» -الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كوباء في أوائل شهر مارس الجاري- دفعت عددا من الدول لإصدار قرارات بوقف التظاهرات في دول مثل تشيليوالجزائروالعراق، وفي دول أخرى كانت المبادرة بوقف الاحتجاجات من المتظاهرين أنفسهم.العراقتراجعت حدة التظاهرات بشكل كبير في العراق بعد تفشي المخاوف من انتشار فيروس «كورونا» -الذي صنفته منظمة الصحة العالمية كوباء في أوائل شهر مارس الجاري- دفعت عددا من الدول لإصدار قرارات بوقف التظاهرات في دول مثل تشيليوالجزائروالعراق، وفي دول أخرى كانت المبادرة بوقف الاحتجاجات من المتظاهرين أنفسهم. العراق تراجعت حدة التظاهرات بشكل كبير في العراق بعد تفشي فيروس «كورونا» في أغلب المدن، وأعلنت السلطات العراقية منع أي تجمعات أو مظاهرات، وفرض حظر تجوال في كل المحافظات، واستغل الرئيس العراقي برهم صالح هذه الفترة، وأعلن تكليف محافظ النجف السابق عدنان الزرفي، بتشكيل حكومة جديدة، بعد فشل المرشح السابق محمد توفيق علاوي في تشكيل حكومة ترضي جميع الأطراف. أيضا، علق رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، دعوة أنصاره للخروج في احتجاجات حاشدة في مواجهة خصومه السياسيين بالعراق، بسبب المخاوف من انتشار الفيروس، بعد أن حثت وزارة الصحة المواطنين على تجنب التجمعات العامة. وقال الصدر في بيان: «قد دعوت لمظاهرات مليونية واعتصامات ضد المحاصصة، واليوم أنهاكم عنها من أجل صحتكم وحياتكم، فهي أهم عندي من أي شيء». هونج كونج الخوف من الإصابة ب«كورونا» أجبر المتظاهرين في هونج كونج على وقف الاحتجاجات، التي اندلعت رفضا لقانون ينص على تسليم مطلوبين لبكين، ورغم سحبه لاحقا، توسعت الحركة وتحولت إلى معارضة للحكم الصيني للمدينة، ومنذ مارس 2019، وقعت اشتباكات عديدة بين المتظاهرين وقوات الأمن، إلا أنه مع بداية العام 2020 وتفشي الفيروس في الصين، انخفضت حدة المظاهرات تدريجيا. وقال الناشط فنتوس لاو، الذي نظم مظاهرات ضخمة مناهضة للحكومة: «لا يمكن أن نفصل الاحتجاجات عن الوباء، إنهما في نفس الاتجاه»، معتبرا أن الوباء جبهة جديدة في الكفاح من أجل الديمقراطية، وذلك حسبما ذكرت وكالة «بلومبرج» الأمريكية. وأضاف «لاو» -الذي يوزع كمامات مجانا على المارة: «المعركة ضد الفيروس ساعدتنا في رؤية عجز الحكومة وإخفاقات نظامنا»، موضحا أن الإحباط إزاء تعامل الحكومة مع الأزمة الصحية العامة سيمد حركة الاحتجاج بمزيد من الدعم، بعد أن تنحسر حالة الذعر من فيروس كورونا. تصريحات «لاو» تنذر بتجدد التظاهرات بسبب فشل الحكومة. الجزائر بعد تأكيد أول إصابة ب«كوفيد- 1» في الجزائر، صرح مسؤول في وزارة الصحة بأن حظر الاحتجاجات ليس مطروحا، ليخرج المتظاهرون يوم 13 مارس الجاري (الجمعة رقم 56) في شوارع العاصمة وبعض المدن الأخرى مثل وهران وتيزي وزو، محتشدين تحت شعار «كورونا لا يخيفنا»، فيما كتب آخرون على لافتة «كورونا لن يوقف مسيرة الشعب السلمية حتى تحرير الجزائر». وتجدر الإشارة إلى أن اليوم السابق للتظاهرة شهدت الجزائر أول حالة وفاة بالفيروس من بين 26 إصابة. الاستهانة بالفيروس دفعت الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لإصدار قرار يوم 18 مارس، يقضي بحظر الاحتجاجات والمسيرات بجميع أشكالها، ضمن خطة لمواجهة «كورونا»، قائلا: «تقرر منع التجمعات والمسيرات كيف ما كانت وتحت أي عنوان، الوباء المتفشي مسألة أمن وطني وصحي تهم الجميع، حتى لو أدى الأمر إلى تقييد الحريات مؤقتا لأن حياة المواطنين فوق كل اعتبار وقبل كل شيء». وفي الجمعة التالية (20 مارس)، كانت المرة الأولى التي لم تشهد فيها شوارع الجزائر أي احتجاجات منذ 22 فبراير 2019، وخرج سكان العاصمة بأعداد كبيرة في الصباح، لكن هذه المرة لشراء السلع، وحضر فقط رجال الأمن الذين وضع أغلبهم أقنعة وقاية في وسط العاصمة. كوريا الجنوبية تشهد كوريا الجنوبية مظاهرات مستمرة، خاصة خلال العام الماضي، سواء اعتراضا على طلب الولاياتالمتحدة من بلادهم زيادة حصتها في تكاليف تمركز الجنود الأمريكية بها، أو لتأييد وزير العدل جو كوك ودعم عمليات الإصلاح في النيابة العامة، وغيرها من الأسباب، الأمر الذي دفع عمدة العاصمة الكورية الجنوبية سول بارك وون-سون، لمنع إقامة مظاهرات في ميدان كوانجهوا مون، وسط العاصمة الكورية الجنوبية سول لفترة من الوقت، لاحتمالية انتشار «كورونا الجديد». وأضاف «بارك»: «سنمنع استخدام ميادين سول وتشيونجكيه وكوانجهوامون والتي تشهد العديد من تجمعات الناس وسط العاصمة، لحماية المسنين الضعفاء من الأمراض الوبائية، متابعا أن القرار جاء بموجب قانون الوقاية من الأمراض الوبائية ومعالجتها، والتي تقيد التجمعات داخل المدينة كإجراءات وقائية من مرض وبائي، ويفرض على من يخالف القرار 3 ملايين وون كحد أقصى من الغرامة المالية، وذلك بحسب وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية. إسرائيل «مصائب قوم عن قوم فوائد»، فرغم تفشي الفيروس في إسرائيل، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو المستفيد إذ قررت محكمة القدس إرجاء محاكمته بتهمة الفساد لمدة شهرين، بعد ما كانت مقررة في 17 مارس الجاري. لكن الأمر لم يمر مرور الكرام على المواطنين، إذ شارك أكثر من نصف مليون إسرائيلي، يوم 22 مارس، في مظاهرة عبر موقع «فيسبوك»، ضد سياسة نتنياهو، الذي اتهموه بالتشبث بمنصبه بالقوة، واستمع هذا الجمهور الواسع، لعدة ساعة لخطابات من شخصيات بارزة، بينها الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) يوفال ديسكين، والقاضي المعروف بمواقفه اليمينية اليكيم روبنشتاين، وأدارت المظاهرة وافتتحتها الصحافية العربية ونجمة التلفزيون لوسي هريش، التي تم فصلها من هيئة البث بعد ساعات من المظاهرة. وكانت «الحركة من أجل طهارة الحكم، برئاسة اليعاد شراغا، وحركة «دركينو» برئاسة يايا فينك، هما الداعيان لهذ المظاهرة الإلكترونية، وقال شراغا: «إسرائيل مصابة مثل دول العالم الأخرى بفيروس كورونا لكنها على خلاف هذه الدول تعتبر منكوبة بمرض الفساد، والفارق هو أن كورونا سيعبر خلال بضعة شهور لكن الفساد كما يبدو سيبقى وسيهدد أركان الديمقراطية ويأتي بالدمار». تشيلي تحدى المتظاهرون في تشيلي قرار الرئيس سيباستيان بينييرا، بحظر التجمعات للحد من انتشار فيروس كورونا بالخروج في مسيرات ضد سياساته الاقتصادية، واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع في وجه المتظاهرين. وانطلقت موجة الاحتجاجات الاجتماعية في تشيلي، يوم 18 أكتوبر الماضي، إثر رفع سعر تذكرة المترو في سانتياجو، ومنذ ذلك الوقت شهدت البلاد مسيرات احتجاجية وأعمال تخريب وحرائق، توفي على إثرها 31 شخصا. مظاهرات بسبب كورونا رغم أن التظاهرات في عدة دول توقفت بسبب الوباء، إلا أن دولا أخرى خرجت فيها احتجاجات على استحياء، كان الوباء أيضا سببها، ففي يوم 16 مارس احتشد عدد من المتظاهرين، أمام مقر الحكومة البريطانية، وذلك للاحتجاج على الكيفية التى تعاملت بها حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون، مع الفيروس، خاصة بعد تصريحه المفزع «ودعوا أحبائكم» وفي أوكرانيا، تسببت رسالة بريد إلكتروني مزيفة بدت كأنها صادرة عن وزارة الصحة الأوكرانية، بخروج مظاهرات عنيفة وهجوم عدائي ضد مواطنين قادمين من الصين. واحتوت الرسالة على معلومات كاذبة بشأن حالات الإصابة ب«كورونا» في البلاد، وذلك وفقا لموقع «ذا فيرج». وما زاد الأمر تعقيدا أن الرسالة جاءت في نفس يوم وصول مسافرين أوكرانيين من الصين، فأغلق عدد من المتظاهرين بعض الطرق المؤدية لمستشفيات ومراكز صحية، وحطموا نوافذ الحافلات التي نقلت المواطنين القادمين من الصين. ولاحقا أعلنت الحكومة، أن الرسالة أرسلت من خارج أوكرانيا، وادعت كذبا أن هناك 5 حالات لإصابات بالفيروس في البلاد، بينما في الواقع لم يكن هناك أي إصابة، وفي محاولة لتهدئة المواطنين أصدر المركز الأوكراني للصحة العامة والرئيس فولوديمير زيلينسكي، بيانات لنفي هذه الرسالة.