شوقي علام: دور العبادة الدرع الحامية من سقوط الإنسان في غياهب الإلحاد الأعمى وما يترتب عليه من تحطيم النفس الذي ينعكس على المجتمع بسائره فتنتهي الحضارة ??قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن العدو المشترك للأديان هو الإلحاد ولابد من تكاتف أتباع الأديان للتصدي لهذا الخطر الداهم، مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية أقرت الحرية الدينية للناس جميعا، حيث أكد القرآن الكريم أن اختلاف الناس في معتقداتهم من سنن الله تعالى في خلقه كما في قولِه تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}?.? وأضاف المفتي، في بحث عرضه خلال جلسة "ميثاق حلف الفضول الجديد" بمنتدى تعزيز السلم المنعقد في أبو ظبي، اليوم الثلاثاء، أن هذا يقتضي ضرورة التعامل مع هذه السنة الإلهية الربانية بإيجابية، لأنها تحمل في طياتها أبعادا ومضامين تنظم علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى، وهي تتجلى إجمالا في الإقرار بوجود وأضاف المفتي، في بحث عرضه خلال جلسة "ميثاق حلف الفضول الجديد" بمنتدى تعزيز السلم المنعقد في أبو ظبي، اليوم الثلاثاء، أن هذا يقتضي ضرورة التعامل مع هذه السنة الإلهية الربانية بإيجابية، لأنها تحمل في طياتها أبعادا ومضامين تنظم علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى، وهي تتجلى إجمالا في الإقرار بوجود هذا النوع من الاختلاف وضرورة التعايش والتعاون والتكامل معه بما يحقق النفع للخلق واكتمال العمران في الدنيا?.? وأوضح أن العيش المشترك بين المخالف في العقيدة لا يقتضي بالضرورة معاداة العقائد والأديان أو مخالفة أحكامها أو فصلها عن كيان الدولة أو تهميش دورها في الحياة، أو إزالة الفروق والتمايز بينها، وإنما يقصد به الاتحاد لإعمار الأرض، والتعاون في المتفق عليه انطلاقا من القيم العليا المشتركة بين الناس?.? وحول حماية دور العبادة أكد مفتي الجمهورية أن الشرع الشريف أَوْلَى إقامة دور العبادة وحمايتها عناية خاصة سواء في السلم أو الحرب، فأهميتها لا تقل عن الاهتمام بكيان الإنسان المادي، لكونها تمثل كيانه الحضاري والثقافي؛ كما في قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40-41]?.? وأضاف أن هذه الآية الكريمة ترسم الإطار العام لشخصية المسلم ومكونات عقله؛ فقد أشار الله تعالى فيها إلى أن المسلمين في مجتمعاتهم في كل حال عليهم التزام تفرضه حضارتهم المنبثقة عن مقاصد دينهم، أن يُعنوا بإقامة دور العبادة التي يتخذها أتباع كل دين وملة لممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية وحفظها من الهدم، وضمانا لأمنها، وسلامة أصحابها?.? وأشار مفتي الجمهورية إلى أن السنة النبوية الشريفة جاءت أيضا بتقرير واضح لوجوب ترك الناس على أديانهم وسمحت لهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم في دور عبادتهم المختلفة، وضمنت لهم من أجل ذلك سلامة هذه الأماكن، وعلى ذلك سار المسلمون سلفا وخلفا عبر تاريخهم المشرف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة منذ عهود الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم?.? وشدد على أن المؤسسات العلمية تحمل على عاتقها نصيبا أكبر في شرح الحقائق والمفاهيم الشرعية وتعليمها للعامة والخاصة، حول ما يثيره البعض من إشكاليات وتحديات نظرية أو تطبيقية تشوب العلاقات بين المسلمين وغيرهم، والتي يحلو للبعض طرحها على العامة مع استدعاء بعض السياقات التاريخية والملابسات الزمنية في خصوص هذه العلاقة، بما يعمل على تشويه الصورة النقية وانقلاب الحقائق الناصعة، ما قد يؤدي إلى إحداث الانقسام بين أبناء الوطن الواحد، وتكريس العنف والصدام بين أهل الدين الواحد فضلا عن أهل الأديان المختلفة?.? وقال المفتي إنه من خلال النظر في مبدأ حماية دور العبادة في الإسلام وما يؤسس له من أطر عامة وقواعد مقاصدية وأسس شرعية يمكن أن يقال بأن إعداد ميثاق عالمي خاص بحماية دور العبادة يحوي المبادئ والأسس، وتتفرع عنه الإجراءات والآليات اللازمة لحماية دور العبادة لسائر الديانات من الأمور المستحسنة شرعيا وحضاريا، إن لم يصل إلى حد الواجبات في ظل انتشار التطرف والإرهاب والإسلاموفوبيا وغيرها من مظاهر الكراهية المتبادلة بين الشعوب?.? وأوضح أنه ينبغي على هذا الميثاق أن يكون مبنيا على إعداد "مشروع تواصل حضاري عالمي"، وهو مخطط يفترض فيه الاكتمال يحوي برامج ومشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية إلخ، ويكون جاهزا للتطبيق بعد تحديد الأسس النظرية وآليات التطبيق المبنية على دراسة الواقع وشروطه ومكوناته ومقتضياته?.? وحول مواصفات هذا الميثاق، قال إنه ينبغي أن يتصف هذا الميثاق بكونه مستوعبا لسائر الديانات سماوية وغيرها ومحتويا على مبادئ عامة لمكافحة التطرف بنوعيه ومكافحة الإلحاد ومظاهره، وأن يكون منفتحا لا منغلقا، وأن يكون اجتهاديا لا تقليديا، وأن يكون شوريا لا أحاديا، وأن يكون جامعا لا تجزيئيا، وأن يكون مستقبليا لا ماضويا؛ وغير ذلك من المعايير التي ينبغي أن تتسم بها سائر المواثيق الدولية?.? وأكد مفتي الجمهورية أن دور العبادة من الأهمية بمكان لتخصيصها بهذا الميثاق؛ حيث إنها الدرع الحامية من سقوط الإنسان في غياهب الإلحاد الأعمى، وما يترتب عليه من تحطيم النفس الذي ينعكس على المجتمع بسائره؛ فتنتهي الحضارة كما نعرفها الآن شر نهاية?.