بالنظر إلى حقيقة أن أعضاء البرلمان الأوروبي يقبلون حقيقة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيكون سيئا بالنسبة لأوروبا وبريطانيا، فلماذا لا يثير ذلك قلقهم؟ منذ أن بدأت بريطانيا في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول "البريكست، ويحاول رئيس وزرائها بوريس جونسون، تخويف أوروبا لمنحه اتفاقا أفضل. لكنه لم يكن بارعا في ذلك، فخلال حملته الانتخابية للحصول على مقعد تيريزا ماي، قال جونسون إنه إذا فاز، فسوف يكثف الاستعدادات لمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. ويعتمد جونسون في هذه الاستراتيجية على فكرة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيثير الفوضى ليس فقط في بريطانيا ولكن في الدول الأوروبية أيضا، وهو ما قد يدفع أوروبا للتراجع في نهاية المطاف وتعيد التفاوض بشأن الاتفاق الذي أبرمته مع ماي العام الماضي. وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أنه منذ توليه منصبه، لم يخف جونسون نهجه، حيث عين مجموعة من المتشددين ضد الاتحاد الأوروبي في مجلس وزرائه وفريقه من المستشارين، وفي الأسابيع القليلة الماضية، تحولت فكرة الخروج دون اتفاق، من مجرد رأي يحمله البعض، إلى النتيجة الأكثر احتمالا. إلا أنه إذا كان الهدف من وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أنه منذ توليه منصبه، لم يخف جونسون نهجه، حيث عين مجموعة من المتشددين ضد الاتحاد الأوروبي في مجلس وزرائه وفريقه من المستشارين، وفي الأسابيع القليلة الماضية، تحولت فكرة الخروج دون اتفاق، من مجرد رأي يحمله البعض، إلى النتيجة الأكثر احتمالا. إلا أنه إذا كان الهدف من كل هذا هو إثارة غضب الاتحاد الأوروبي، فهو فشل، حيث قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إنه "منذ بداية التفاوض على الخروج، كنا نعلم أن الخروج دون اتفاق أمر ممكن، ولهذا السبب قمنا بالتحضير له قبل وقت طويل". وترى جورجينا رايت الباحثة في معهد الحكومة، أنه من المؤكد أن بروكسل تشعر بالراحة تجاه كل هذا، قائلة إن "التهديد بعدم التوصل إلى اتفاق لن يجعلك في مواجهة الاتحاد الأوروبي"، مضيفة أن "التهديدات لن تغير رأيهم، لكن البدائل ذات المصداقية قد تساعد في ذلك". البدائل التي تتحدث عنها رايت تشير إلى جزء من اتفاق الخروج، المعروف باسم "الخطة البديلة للحدود الأيرلندية"، التي تهدف لمنع عودة الحدود الصلبة بين أيرلندا الشمالية، والتي هي جزء من المملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي. ويعد هذا الجزء المشكلة الكبرى الوحيدة التي يواجهها مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في الاتفاق الحالي، حيث إنها تبقي المملكة المتحدة مرتبطة بالاتحاد الأوروبي في بعض النواحي، مما يمنع الانفصال التام عن الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا يحترم نتيجة الاستفتاء. وتشير رايت إلى أن المشكلة هي أن الحفاظ على هذا البند في الاتفاق، خط أحمر لأيرلندا، "وحدة ال 27 دولة من دول الاتحاد الأوروبي هي الشيء الأكثر أهمية، وهذا هو السبب في أن الاتحاد الأوروبي هو ممثل قوي بشكل لا يصدق في المفاوضات مع الجهات الأخرى"، لذلك، أصبح الخط الأحمر لأيرلندا خطا أحمر لكل الاتحاد الأوروبي. لقد أوضح جونسون رسميًا موقفه الحاد ضد الخطة البديلة لأوروبا، حيث زار كبار مفاوضيه في "البريكست" بروكسل وقالوا إن التخلص من هذا البند يمثل، من وجهة نظر لندن، نقطة الانطلاق لإعادة التفاوض، وإلا ستغادر بريطانيا دون اتفاق في 31 أكتوبر. إلا أنه بعيدا عن تهديد بروكسل، يبدو أن قرار جونسون له تأثير عكسي، فعندما ينعقد البرلمان الأوروبي في سبتمبر، من المتوقع أن يصدر قرارا يعيد تأكيد التزامه باتفاق الخروج الحالي، ويؤكد وجهة نظره بأنه الاتفاق الوحيد الذي ستحصل عليه المملكة المتحدة. جونسون يفشل في أول اختبار له أمام صناديق الاقتراع وترى الشبكة الأمريكية أن الاستنتاج المنطقي لهذه المواجهة هو حضور جونسون لقمة المجلس الأوروبي لقادة الاتحاد الأوروبي في 17 أكتوبر، وعدم طرح فكرة التوصل إلى اتفاق جديد، ورفض جونسون طلب تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لتجنب الخروج دون اتفاق. لذا، بالنظر إلى حقيقة أن المشرعين في بروكسل يقبلون حقيقة أن الخروج دون اتفاق سيكون سيئا بالنسبة لأوروبا وبريطانيا، فلماذا لا يثير ذلك قلقهم؟ السبب هو الغضب، حيث أعرب المسؤولون في المفوضية الأوروبية عن غضبهم من محاولة بريطانيا إجبار أيرلندا على طلب إجراء تغييرات. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي: "لقد كانت بريطانيا هي من طالبت بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ولم تقبل المملكة المتحدة اتفاقنا، كما أنها هي الوحيدة التي يمكنها التراجع عن البريكست، لذا، فإن إلقاء اللوم علينا بسبب موقف هم السبب فيه هو أمر شائن". كما أنهم غاضبون أيضا من أن محاولات جونسون وحكومته إلقاء اللوم على بروكسل في عدم إحراز تقدم، حيث قال مايكل جوف، أحد وزراء حكومة جونسون، هذا الأسبوع إنه يشعر بالحزن لأن الاتحاد الأوروبي "يرفض التفاوض مع المملكة المتحدة". وذكر مصدر آخر في بروكسل لديه معرفة تفصيلية بالمفاوضات: "بوريس يحاول تكثيف لعبة اللوم، لكننا لن نلعب معه وسنبقى هادئين، ومتحدين، هذه هي سياستنا". السبب الثاني لعدم قلق بروكسل من تهديدات جونسون، هو أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي لا يصدقون كل ما يقوله رئيس الوزراء البريطاني. حيث يمتلك جونسون تاريخا من التراجعات المفاجئة في الرأي، ولا يستبعد أحد احتمال أن يطلب تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في قمة الاتحاد الأوروبي التي ستعقد في 17 أكتوبر، إذا كان مناسبا له سياسيا. وتقول "سي إن إن": على الرغم من أن هذا قد يبدو كأنه انتحار سياسي لرجل قال إنه سيحقق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر تحت أي ظرف، فإن الوضع السياسي قد يجعل تمديد الموعد النهائي للبريكست خيارا مفضلا لجونسون. بوريس جونسون يصطدم بأولى أزمات البريكست في بريطانيا
حيث يمتلك جونسون أغلبية برلمانية بفارق مقعد واحد فقط، وهذا يجعله عرضة لخسارة أي تصويت لسحب الثقة منه، وعلى الرغم من أن إسقاط حكومته لن يوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فإنه قد يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تؤدي في النهاية إلى طلب تمديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وإذا أطاح البرلمان بالحكومة، فمن المحتمل أن يطلب جونسون إجراء انتخابات عامة، عندها ستصبح تلك الانتخابات واحدة من أكثر القضايا أهمية في بريطانياوبروكسل. ويعتقد البعض أن جونسون سيدعو إلى إجراء انتخابات بعد موعد البريكست، وهذا يعني أنه سيضع خطة إلهاء للوصول إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، لمنع أي شيء من الوقوف في طريقه. وقال مصدر في بروكسل: "ليس سرا هنا أننا نعتقد أن الانتخابات أمر لا مفر منه"، وأضاف أن "كل لعبة إلقاء اللوم علينا هو أمر للاستهلاك المحلي، وليس لنا". وفي حالة فوز جونسون بأغلبية برلمانية، فمن المتوقع أن يزيد رئيس الوزراء من حدة خطابه، وسيكون لديه تفويض بتحقيق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وسيكون لديه الأغلبية للقيام بذلك، وربما سيعود إلى خطته لمحاولة تخويف بروكسل لتقديم تنازلات.