تنظر المحكمة في الطلب وتفصل فيه في جلسة داخل غرفة المشورة، ويجوز للقاضي سماع أقوال النيابة العامة في أى منحى كما يجوز لها استيفاء كل ما تراه لازمًا من المعلومات قررت أغلب الشرائع أحكاما برد اعتبار المحكوم عليه في قضايا معينة، فالحكم بعقوبة جناية أو جنحة ينتقص من شخصية المحكوم عليه ويحول دون استعادة مكانته الاجتماعية اللائقة، إذ إن الحكم بالعقاب يتبعه في كثير من الأحيان الحرمان من بعض الحقوق السياسية والمدنية، ويظل وصمة عار في صحيفة الحالة الجنائية الخاصة به، فيصبح من «أرباب السوابق»، ويتعذر عليه الاندماج ثانيا في المجتمع العام؛ لذا أجاز القانون للمحكوم عليه في بعض العقوبات رد اعتباره من خلال بعض الإجراءات، شريطة أن يثبت حسن سيره وسلوكه، وإقامة الدليل على هذا بمرور فترة معينة دون ارتكاب جريمة ثانية. أنواع رد الاعتبار رد الاعتبار إما أن يكون قضائيا وإما قانونيا، فالنوع الأول، وهو رد الاعتبار القضائي، عبارة عن مجموعة من الإجراءات تتبع أمام جهة قضائية للحكم لطالبي رد الاعتبار بإعادة اعتبارهم إليهم، فهو من اختصاص الهيئة القضائية، وتفصل فيه حسبما يتراءى لها من ظروف الطالب عما إذا كان جديرا برد اعتباره أنواع رد الاعتبار رد الاعتبار إما أن يكون قضائيا وإما قانونيا، فالنوع الأول، وهو رد الاعتبار القضائي، عبارة عن مجموعة من الإجراءات تتبع أمام جهة قضائية للحكم لطالبي رد الاعتبار بإعادة اعتبارهم إليهم، فهو من اختصاص الهيئة القضائية، وتفصل فيه حسبما يتراءى لها من ظروف الطالب عما إذا كان جديرا برد اعتباره إليه إذا حسن سيره وقوّم نفسه منذ صدور الحكم عليه أم غير جدير. وفي ما يخص رد الاعتبار القانوني، فهو يتقرر بحكم القانون بمجرد مرور مدة يحددها القانون دون ارتكاب المحكوم عليه جرائم خلال تلك المدة، فيتعين رد اعتباره من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اللجوء إلى السلطة القضائية، ويعد رد اعتبار حتميا. يجب عدم الخلط بين رد الاعتبار وما يسمى بالعفو الشامل أو العفو عن الجريمة أو كما يسمى برد الاعتبار التشريعي، فرد الاعتبار مكافأة شخصية على حسن سلوك المحكوم عليهم، ولا يكون إلا بعد تنفيذ العقوبة ولا يمحو الحكم بل يرفع آثاره بالنسبة للمستقبل، أما رد الاعتبار التشريعي فيصدر بقانون في ظروف معينة ويكون في غالب الأحيان تدبيرا سياسيا يُتخذ لغرض عام معين يترتب عليه اعتبار الجريمة كأن لم تكن من الناحية الجنائية. طلب رد الاعتبار ونص قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز لكل محكوم عليه في جناية أو جنحة رد الاعتبار، غير مقيد بقيد وعلى المحكوم عليه أن يطلب رد اعتباره لسابقة الحكم فيها، سواءً أكانت العقوبة مقيدة للحرية أم مالية، وسواء أفقدته حقوقه السياسية والمدنية أم لا. ومن المتعارف عليه قانونا أنه لا يجوز رد اعتبار المحكوم عليه سوى مرة واحدة، فلا يجوز لمن حكم برد اعتباره وارتكب جريمة حكم عليه فيها، أن يجدد طلبه مرة ثانية، إذ ينظر المُشرع والقانون لمثل أولئك المحكوم عليهم بالمجرمين لأنهم لم يحترموا القانون ولم يراعوا نصوصه وساء سلوكهم وعادوا إلى حياتهم الإجرامية السابقة. الشروط اشترط القانون توافر ثلاثة شروط لإمكان الحكم برد الاعتبار، فتنفيذ العقوبة واجب لرد الاعتبار، ويعد في حكم التنفيذ صدور أمر من ولي الأمر بالعفو عن العقوبة أو سقوطها بمضي المدة طبقا للقانون، كما نص القانون على ضرورة أن يفي المحكوم عليه بكل ما حكم به عليه من غرامة أو رد أو تعويض أو مصاريف. والحكمة من الشرط السابق هي أن المحكوم عليه يتعين عليه إصلاح كل ما نتج عن ارتكابه جريمته، حتى يمحو كل آثارها، إلا أنه يجوز للمحكمة أن تتجاوز عن هذا الشرط إذا أثبت المحكوم عليه أنه ليس باستطاعته الوفاء به. أما الشرط الثالث فهو مرور فترة تعد هى مدة الاختبار المقررة في القانون دون أن يشوبها أية شائبة، بمعنى ألا يقع فيها ما يعيب طالب رد الاعتبار لضمان حسن سيره وسلوكه، وتتفاوت هذه الفترة بحسب نوع الجرائم والعقوبات فهى 6 سنوات في عقوبة الجناية، و3 سنوات في عقوبة الجنحة، وتضاعف هذه المدد في حالتي الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضي المدة. والجدير بالذكر أن القانون قد ضاعف المدة في حال عودة المحكوم عليه لجريمة أخرى بخلاف التي ارتكبها سابقا، وهنا يجب أن تمر فترة كافية لاختبار طالب رد الاعتبار والوثوق بأنه قد ارتدع وقوّم نفسه. إجراءات رد الاعتبار يقدم طالب رد الاعتبار عريضة إلى النيابة العامة، تشتمل على بعض البيانات الخاصة به، على أن يوضح فيها تاريخ الحكم الصادر ضده والأماكن التي أقام فيها منذ ذلك الحين، ثم تجري النيابة العامة تحقيقا بشأن الطلب لكى تتوثق من تاريخ إقامة الطالب بكل مكان نزله من تاريخ صدور الحكم عليه، ومدة تلك الإقامة بغرض الوقوف على سلوكه منذ معاقبته. تقوم النيابة العامة عقب ذلك بضم التحقيق الذي تجريه إلى الطلب المقدم من طالب رد الاعتبار، وترفعه إلى المحكمة المختصة في الثلاثة أشهر التالية لتقديمه بتقرير، تدوّن فيه رأيها وتقرر الأسباب التي بُني عليها ويُرفق بالطلب صورة الحكم الصادر على الطالب وشهادة بسوابقه وتقرير عن سلوكه في أثناء وجوده في السجن. تنظر المحكمة في الطلب وتفصل فيه في جلسة تنعقد داخل غرفة المشورة، ويجوز للقاضي سماع أقوال النيابة العامة في أى منحى تستفسر عنه المحكمة، كما يجوز لها استيفاء كل ما تراه لازمًا من المعلومات، ويكون إعلان الطالب بالحضور قبل الجلسة بنحو 8 أيام على الأقل. حكم المحكمة نصت المادة 536 من قانون الإجراءات الجنائية على أن المحكمة المختصة بنظر مواد رد الاعتبار هي محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه فهي تفصل في طلبات رد الاعتبار، إما بردّه إذا رأت أن سلوك الطالب يدعو إلى الثقة بحسن سيره وسلوكه، وهنا ترسل النيابة العامة صورة من حكم رد الاعتبار إلى المحكمة التي صدر منها الحكم بالعقوبة للتأشير به على هامشه، وتأمر بأن يؤشر به في قلم السوابق، وإما أن تحكم برفض الطلب ولا يقبل الطعن في الحكم إلا بطريق النقض لوقوع خطأ في تطبيق القانون.