بدايةً من تعاونه مع محمد عبد الوهاب، انطلق قطار إبداع الشاعر الغنائي الكبير مأمون الشناوي الذي أبدع في جميع الأنواع الغنائية العاطفية والوطنية، وصولا لمحطة عدوية الشعبية "ودارت الأيام ومرت الأيام ما بين بعاد وخصام، وقابلته، نسيت إني خاصمته، ونسيت الليل اللي سهرته، وسامحت عذاب قلبي وحيرته، معرفش إزاي أنا كلمته، مقدرش على بعد حبيبي، أنا ليا مين أنا ليا مين إلا حبيبي". تلك الكلمات مقطع من خالدة سيدة الغناء العربي أم كلثوم "دارت الأيام"، لمؤلفها الشاعر القدير الراحل مأمون الشناوي، الذي تحل علينا اليوم ذكرى وفاته، إذ رحل عن عالمنا في 27 يونيو عام 1994 عن عمر يناهز 80 عامًا. خرج مأمون الشناوي من عائلة تهوى الشعر والكتابة، فشقيقه هو الشاعر كامل الشناوي، واستطاع من تلك النشأة أن يوجد لنفسه مكانة خاصة به. كان مأمون الشناوي يتحدى نفسه في كل أغنية يقدمها، واستطاع بكلماته أن يأسر قلوب كبار المطربين، كل في مجاله، فنجد أنه أبدع مع أم كلثوم، وتميز مع عبد الحليم وفريد الأطرش، وتفوق مع محمد عبد الوهاب، وفاجأ الجميع مع أحمد عدوية، فكان بمنزلة موسوعة متكاملة، وبكل أريحية تصل كلماته إلى قلوب المستمعين وتستقر. كوكب كان مأمون الشناوي يتحدى نفسه في كل أغنية يقدمها، واستطاع بكلماته أن يأسر قلوب كبار المطربين، كل في مجاله، فنجد أنه أبدع مع أم كلثوم، وتميز مع عبد الحليم وفريد الأطرش، وتفوق مع محمد عبد الوهاب، وفاجأ الجميع مع أحمد عدوية، فكان بمنزلة موسوعة متكاملة، وبكل أريحية تصل كلماته إلى قلوب المستمعين وتستقر. كوكب الشرق "أنساك ده كلام، أنساك، يا سلام، أهو ده اللى مش ممكن أبدا، ولا أفكر فيه أبدا، أهو ده اللى مش ممكن أبدا ولا ليلة ولا يوم، أنا دقت النوم، أيام بعدك كان قلبك فين؟ وحنانك فين". تعاون مأمون الشناوي مع أم كلثوم في 4 أغانٍ رومانسية، بدايتها كانت أغنية "أنساك يا سلام" وهي من ألحان البديع بليغ حمدي، ثم أغنيات "كل ليلة وكل يوم"، و"بعيد عنك"، و"دارت الأيام". "يا ترى يا واحشني بتفكر فى مين عامل إيه الشوق معاك عامل إيه فيك الحنين، سهرت السهر فى عينيه صحيت المواجع فيه كل ساعة وكل ليلة وكل يوم بعد ما أطمن عليك". مقطع من أغنية "كل ليلة وكل يوم" وهي ثاني تعاون بين مأمون الشناوي وكوكب الشرق أم كلثوم، وبليغ حمدي، في عام 1964. "نسيت النوم وأحلامه، نسيت لياليه وأيامه بعيد عنك حياتي عذاب متبعدنيش بعيد عنك مليش غير الدموع أحباب معاها بعيش بعيد عنك غلبني الشوق وغلبني وليل البعد دوبني ومهما السهد حيرني، ومهما الشوق سهرني لا طول بعدك يغيرني ولا الأيام بتبعدني.. بعيد عنك". تطور التعاون بين سيد الشعر وسيدة الغناء فأنتجا لنا هذه التحفة الفنية "بعيد عنك" في ثالث تعاون بينهما، فأغنية "بعيد عنك"، وتليها "دارت الأيام" لهما في قلوب المستمعين على مر الأجيال حضور مميز. و"بعيد عنك" كانت آخر عمل يجمع مأمون الشناوي وأم كلثوم وبليغ حمدي معًا. "سلم وخد إيدي في إيديه وهمس لي قالي الحق عليه نسيت ساعتها بعدنا ليه فين دموع عيني اللي ما نامت ليالي بابتسامة من عيونه نسهالي أمر عذاب، وأحلى عذاب عذاب الحب.. عذاب الحب للأحباب". مقطع من "دارت الأيام". "دارت الأيام" هي رابع وآخر تعاون فني بين العملاقين، وفيها أسندت أم كلثوم اللحن إلى محمد عبد الوهاب، ورغم ما حققته الأغنية من نجاحات، فإنه كان آخر تعاون فني بينهما، ويقال إن سبب هذه القطيعة الفنية هو أن مأمون الشناوي رفض أن تعدل أم كلثوم في كلماته، في أغنية "الربيع" التي كان من المقرر أن تغنيها أم كلثوم، وبعد هذا الخلاف توجه بها إلى فريد الأطرش، وغناها. موسيقار الأجيال التقى مأمون الشناوي مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في عدد من الأغاني الرومانسية، كانت أولاها أغنية "إنت وعزولي وزماني" في عام 1941، وتقول كلماتها: "إنت وعزولى وزمانى حرام عليك دبلت زهور الأمانى، بين إيديك تجرحنى ليه وأنا كلى جراح مسيري يوم أنساك وأرتاح". ثم قدما عددا من أغاني الأفلام ومنها "ردي عليا" من فيلم "ممنوع الحب" ثم أغنية "انسَ الدنيا" من فيلم "رصاصة في القلب" وأغنية "كل دا كان ليه" و"من أد إيه كنا هنا" وقدما معًا عددا من الأغاني والأناشيد الوطنية؛ مثل "الوادي"، و"زود جيش أوطانك"، ونشيد "الجهاد". ملك العود حظي فريد الأطرش بنصيب الأسد من إبداعات مأمون الشناوي، فقدما معا مجموعة كبيرة من الأغاني ومنها "حبيب العمر، بنادي عليك، أول همسة، الربيع، حكاية غرامي، خليها على الله، سافر مع السلامة، نجوم الليل، جميل جمال يا قلبي يا مجروح، ماتقولش لحد، لحن حبي، طال غيابك، أنا كنت فاكرك ملاك، إنت اللي كنت بدور عليك، أنا واللي بحبه، تقول لا، سنة وسنتين، حفضل أحبك، ليه دايما ماعرفش، أنا وإنت والحب كفاية علينا، ماقدرش أقول آه، الحب لحن جميل، بحبك إنت". العندليب الأسمر وفي تجربة مغايرة تمامًا، ليس فقط على مستوى كتابات الشناوي لكن على الساحة الغنائية والفنية في مصر، فأغاني عبد الحليم حافظ كانت بمنزلة نقلة، وبه تغيرت أساليب كثيرة في الأغنية العربية، إلا أن الشناوي نجح في إثبات نفسه مع هذا المطرب الصاعد فقدما معا العديد من الأغاني العاطفية الناجحة مثل: "أنا لك على طول"، "عشانك يا قمر"، "بيني وبينك إيه"، "صدفة"، "نعم يا حبيبي نعم"، "في يوم من الأيام"، "كفاية نورك"، "حلفني"، "أقول ماقولشي"، "لو كنت يوم أنساك"، "خايف مرة". كما أبدعا معا في الأغاني الوطنية فقدما "إني ملكت يدي في زمامي"، و"ثورتنا المصرية" وغيرهما. ملك الأغنية الشعبية كتب مأمون الشناوي لمحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، روائع خالدة، وأثبت موهبته الفذة في كل أغنية، عاطفيةً كانت أم وطنية، لكنه شيء من الغرابة أن نسمع أن كاتب فريد الأطرش بعوده الهادئ، وعبد الوهاب بصوته الرصين، وأم كلثوم بقوة حضورها، يكتب للمطرب الشعبي محمد عدوية، فقدم له الأغنية الشعبية الشهيرة "كركشندي دبح كبشه يا محلى مرقة لحم كبشه عكشوا فركش نكشوا طنش الشو ما تإلش، وسبع سلاطين اسطسلطناهم من عند المسطسلطنين تقدر يا مسلطن يا مستسلطن تستسلطن لنا سبع سلاطين زى ما استسلطناهم من عند المستسلطنين". رحل مأمون الشناوي منذ سنوات طويلة، ومع ذلك إرثه الفني باقٍ وما زلنا نحتفي ونفخر به.