«أبلة فضيلة» و«ماما نجوى».. صوتان استطاعا أن يدخلا بيوت المصريين ويقاسماهم حب أبنائهم وتشكيل وجدانهم، حتى أصبحا الأقرب إلى الأطفال من الآباء والأمهات ليس من السهل أن تدخل قلب وعقل الطفل وتؤثر في تشكيل وجدانه. هناك الكثير من البرامج التي صنعت خصيصا من أجل الأطفال، ولا نذكر حتى اسمها، وذلك بخلاف «غنوة وحدوتة» الذي قدمته الإذاعية فضيلة توفيق، و«عصافير الجنة» الذي قدمته المذيعة نجوى إبراهيم، فهذان العملان لا يزالان عالقين فى أذهان جيل بأكمله، يتذكر الكثير من الحكايات التي كانت ترويها (أبلة فضيلة) وربما تجده يقصها على أبنائه وأحفاده، وأيضا (ماما نجوى وبقلظ) الثنائي الذي نال حب الكثير من الأطفال والكبار. ومن المصادفة الغريبة أن فضيلة توفيق ونجوى إبراهيم قد ولدتا في نفس اليوم. والاثنتان تربى على قصصهما أجيال وأجيال، كبار وصغار، وامتلكتا شعبية جارفة، واسم كلتيهما كفيل برسم البسمة على وجه الكثيرين من الأجيال، خاصة جيل الثمانينيات والتسعينيات، فقد ولدت «أبلة فضيلة» في 4 أبريل 1929، وبعدها ومن المصادفة الغريبة أن فضيلة توفيق ونجوى إبراهيم قد ولدتا في نفس اليوم. والاثنتان تربى على قصصهما أجيال وأجيال، كبار وصغار، وامتلكتا شعبية جارفة، واسم كلتيهما كفيل برسم البسمة على وجه الكثيرين من الأجيال، خاصة جيل الثمانينيات والتسعينيات، فقد ولدت «أبلة فضيلة» في 4 أبريل 1929، وبعدها ب17 عاما ولدت «ماما نجوى». «أبلة فضيلة» الاسم الذى اختارته لنفسها، والذى أصبح الأقرب إلى قلوب مستمعيها من الكبار والصغار، فهي فضيلة توفيق، شقيقة الفنانة محسنة توفيق، والتي كانت عاشقة للحكايات والقصص منذ صغرها، فكانت تجمع أقاربها وجيرانها وتتوسطهم لتقص عليهم حكاية جديدة، ربما لم تكن تعلم أن شغفها بالقصص والروايات الخيالية سيكون سببا فى الشهرة الواسعة التي امتلكتها فى مصر والوطن العربي، فهي التحقت بكلية الحقوق بناءً على رغبة أسرتها، رغم أنها لم تحب يوما تلك الدراسة، ولكن رضخت إلى أوامر والدها، وبعد أن تخرجت عملت فى مكتب محاماة لمدة 24 ساعة فقط! بعد أن طلب منها أستاذها بالمكتب أن تترك تلك الوظيفة لأنها لا تناسبها. وذلك بعد أن علم أنها توسطت لحل الخصام فى إحدى القضايا التي جاءت إلى المكتب، فبدلا من أن تجعل الأمر يصل إلى ساحة المحكمة، أنهت الخلاف والقضية، فنصحها صاحب مكتب المحاماة بأن تذهب إلى الإذاعة وتعمل بها، فهي تناسبها أكثر. وعُينت بالفعل، وكانت تعمل مذيعة بالنشرة وتعلمت كيف تتعامل مع الميكروفون، وبقى حلمها الوحيد رواية قصص للأطفال من خلال برنامج إذاعي تقدمه، ولكن كيف وكان الإذاعى محمد محمود شعبان، أو كما يعرف ب«بابا شارو» محتكرا هذا المجال؟ وفي عام 1953 التقت معه وأخبرته بحلمها بالعمل مذيعة للأطفال، لكنه ضحك وأخبرها بأنه يتولى هذا العمل وحده. ولكن بعد 6 أعوام تحقق حلم فضيلة توفيق، بعد أن انتقل «بابا شارو» للعمل بالتليفزيون، وحينها طُلب منه أن يختار بديلا عنه لتقديم برنامج للأطفال، وحينها اختار فضيلة توفيق لتكون خلفا له، وتولت هي تقديم برنامج «غنوة وحدوتة» على مدار سنوات عديدة، وفضلت لقب (أبلة فضيلة) فلم تحب أن تلقب نفسها ب(ماما) فاختارت أن تكون الأخت الكبرى للأطفال. وكان تتر برنامجها «غنوة وحدوتة» يصل إلى آلاف المستمعين، فما أن ترن تلك الكلمات «يا ولاد يا ولاد.. تعالوا تعالوا.. علشان نسمع أبلة فضيلة.. هتغني لنا حكاية جميلة، هتسلينا»، حتى تجد الجميع يجلس إلى جوار الراديو للاستماع إلى حكاية اليوم. تبدأ فضيلة توفيق وتقول: «حبايبي الحلوين.. الكلمة اللي بتقولها، الخطوة اللي بتخطوها، أى حاجة بتعملوها هى أحلى وأغلى هدية فى الدنيا، ماما علشان خاطركم عايشة لو شافت تشوفكم أنتم، لو سمعت تسمعكم أنتم، تحب الشمس، علشان الشمس بتدفيكم، تحب النسمة اكمنها بتلف حواليكم، تحب الكرة علشان الكرة فى أيديكم، وادي الربيع أخضر وجديد بيهني ماما بيوم العيد، حلوين اجروا فى حضن ماما، بوسوا خد ماما، ربنا يكتب لماما كل السلامة.. برضو هنقول حدوتة». وحرصت فضيلة توفيق على استضافة الكثير من الشخصيات المؤثرة فى كل المجالات خلال البرنامج، من أجل أن يحتك بهم الأطفال ويكتسبوا الكثير من الخبرات، ومن أبرز الشخصيات الذين حلوا ضيوفا على برنامجها نجيب محفوظ وأنيس منصور وفاروق الباز ومحمد عبد الوهاب وكامل الشناوى وسيد مكاوى وعبد الحليم حافظ. بعد 57 عاما من حكايات وحواديت أبلة فضيلة التي علّمت من خلالها الكثير من السلوكيات للأطفال، توقف البرنامج فى أغسطس 2015، بعد أن سافرت فضيلة توفيق إلى كندا من أجل ابنتها، ولم تسجل حلقات جديدة، وحينها قررت رئيسة الإذاعة، نادية مبروك، رفع البرنامج من خريطة الإذاعة، وقالت: «لا نعلم إذا ما كانت ستعود لاستئناف برنامجها أم ستعتذر عن عدم تقديمه نهائيا، وسنعيد حلقات من البرنامج لحين الوقوف على التفاصيل، والاستقرار على مواعيد تقديم البرنامج من جديد إذا ما رغبت». وعلى عكس أبلة فضيلة، اختارت الإعلامية نجوى إبراهيم، لقب (ماما نجوى) مقتحمة عالم الأطفال، وحين سئلت عن السبب، قالت: «ماحدش يقدر يقول لحد يا ماما إلا لما يحبه ويحترمه»، وأعربت عن سعادتها حينما تسير فى الشارع وتجد سيدات كبيرات في السن ينادينها ب«ماما نجوى» رغم أنهن أكبر منها. بدأت نجوى إبراهيم العمل الإعلامي عام 1963، وحصلت على لقب المذيعة التليفزيونية الأولى في العالم العربي عام 1995. وقدمت نجوى إبراهيم مجموعة من البرامج التليفزيونية، من بينها «اخترنا لك، صباح الخير يا مصر، صباح الخير، مساء الخير»، وكانت أهم تجربة لها هي «عصافير الجنة» الذي قدمته مع (بقلظ) وهي عروسة الأطفال التي أدى صوتها الممثل الراحل سيد عزمي (الذي لعب دور الريس زكريا في مسلسل ليالي الحلمية). نالت «ماما نجوى» شهرة واسعة وكان الأطفال ينتظرونها كل يوم من أجل متابعة حكايتها مع الأراجوز الشقي (بقلظ)، وقدمت إلى جوار البرامج التليفزيونية، المسلسل الاستعراضي «أجمل الزهور» وذلك عام 1984، وظهرت فيه أيضا بشخصيتها الشهيرة (ماما نجوى) وكانت كل حلقة تناقش قيمة من القيم الإيجابية (العطاء والصدق والحب والمرح) مع الأطفال الذين شاركوها فى المسلسل، من أجل أن تعلم الأطفال والمشاهدين القيم والمبادئ التي يجب أن نكتسبها، وشاركها فى المسلسل كل من عبد الرحمن أبو زهرة، وسمير فهمي، ونوال هاشم، ووسام حمدي وكوثر رمزي. وبعيدا عن البرامج، شاركت نجوى إبراهيم أيضا فى التليفزيون والسينما، ومن أبرز أعمالها: فيلما «الأرض» و«الرصاصة لا تزال في جيبي» ومسلسل «أستاذ ورئيس قسم»، وفى التسعينيات توقفت نجوى إبراهيم عن تقديم برامج الأطفال. وفى النهاية، فضيلة توفيق ونجوى إبراهيم باختلاف أدائهما ورؤيتهما، فإنهما وجهان لعملة واحدة، اتفق الأطفال على حبهما، ولا تزالان تحجزان مساحة خاصة داخل ذكرياتنا جميعا.