لطالما كانت روسيا الحليف المقرب للأنظمة الاشتراكية حول العالم ولا سيما الواقعة في أمريكا اللاتينية، والآن أرسلت موسكو جنودا لفنزويلا، وسط تكهنات حول الهدف من تلك الخطوة "كل الخيارات متاحة" كان هذا تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الأخبار المتداولة حول إرسال روسيا قوات عسكرية إلى فنزويلا، قائلا إنه على موسكو سحب كل قواتها الموجودة في البلد اللاتيني، وكانت روسيا قد أرسلت مؤخرا، طائرتين عسكريتين، إلى فنزويلا محملة بالجنود والمعدات، حيث وصل، يوم السبت الماضي، نحو 100 جندي روسي بالإضافة إلى معدات غير معروف ما هي، إلى مطار عسكري خارج العاصمة الفنزويلية كاراكاس، وأثار توقيت الرحلة العديد من التساؤلات حول السبب وراءها. أشارت مجلة "فوكس" الأمريكية، إلى أنه هناك مخاوف من احتمالية وصول هذه القوات لمساعدة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، للدفاع عن نفسه ضد أي محاولة أمريكية لإسقاطه. وكانت روسيا قد أرسلت في السابق عددا من المستشارين العسكريين إلى فنزويلا، إلا أن إرسال 100 جندي هو أمر غير مفهوم. عدد من الخبراء والمسؤولين أشارت مجلة "فوكس" الأمريكية، إلى أنه هناك مخاوف من احتمالية وصول هذه القوات لمساعدة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، للدفاع عن نفسه ضد أي محاولة أمريكية لإسقاطه. وكانت روسيا قد أرسلت في السابق عددا من المستشارين العسكريين إلى فنزويلا، إلا أن إرسال 100 جندي هو أمر غير مفهوم. عدد من الخبراء والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين، قالوا إن روسيا تحاول حماية بعثتها ومصالحها الدبلوماسية في فنزويلا، بالإضافة إلى صيانة معداتها الموجودة هناك، أو بمعنى آخر أرسلت موسكو هؤلاء الجنود لمساعدة نفسها، لا لمساعدة مادورو. وصرح خوسيه رافائيل توريبالبا بيريز الملحق العسكري لسفارة فنزويلا في موسكو، أن الخبراء العسكريين الروس موجودون في فنزويلا لتطوير التعاون في مجال الدفاع، ولا يوجد حديث عن وجود عسكري روسي في البلاد. وأضاف أنه "بالنسبة لوجود متخصصين روس، فإننا نتحدث عن التعاون في مجال صناعة الدفاع"، مؤكدا "لا نتحدث بأي حال عن وجود عسكري روسي للقيام بعمليات عسكرية". إلا أن هذه التصريحات لم تطمأن المسؤولين الأمريكيين، الذين يشعرون بالقلق من احتمالية تدخل موسكو عسكريا في أزمة فنزويلا، كما فعلت في سوريا. فمنذ يناير الماضي، دعت إدارة ترامب، بالإضافة إلى حكومات أوروبية وأخرى في أمريكا اللاتينية، مادورو إلى الاستقالة، بسبب الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي تواجهها البلاد. واعترفت الولاياتالمتحدة وغيرها من دول العالم، بخوان جوايدو، زعيم المعارضة المسيطر على البرلمان، رئيسا مؤقتا لفنزويلا. من جانبها اعترضت روسيا على هذه الخطوة، التي وصفها رئيسها فلاديمير بوتين بأنها "تدخل خارجي هدّام، ينتهك أبسط معايير القانون الدولي". وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه في الوقت الذي يصر فيه الكرملين على حقه في إرسال قوات روسية إلى فنزويلا، أثارت هذه الخطوة غضب الولاياتالمتحدة، حيث أبلغ مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، نظيره الروسي سيرجي لافروف، أن أمريكا "لن تتجاهل تدخل روسيا في تفاقم أزمة فنزويلا". رئيسان وبلد واحد.. ماذا يحدث في فنزويلا؟ وأضاف بومبيو أن "استمرار روسيا في إرسال أفراد من قواتها المسلحة لدعم مادورو، قد يتسبب في إطالة أمد معاناة الشعب الفنزويلي". وتثير هذه التحركات الروسية عددا من الأسئلة حول لماذا تخاطر موسكو بإثارة غضب الولاياتالمتحدة بسبب فنزويلا؟ وترى المجلة أن هناك سببين رئيسيين وراء ذلك. تقول إدارة ترامب إنها تحاول إسقاط نظام مادورو بسبب سوء إدارته للبلاد، ويعتقد بعض النقاد أن السبب الرئيسي، من بين أمور أخرى، هو أن ترامب يريد أن يجعل معركته ضد الاشتراكيين القضية الأساسية في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. حيث تسبب تركيز الولاياتالمتحدة على فنزويلا، التي كانت منذ فترة طويلة هدفا للرؤساء الأمريكيين المعادين للاشتراكيين، في خوض حرب بالوكالة على نطاق صغير مع روسيا. وللوهلة الأولى، يبدو من الغريب أن موسكو، التي أمضت وقتا طويلا في محاولة التأثير على دول أوروبا والشرق الأوسط، تهتم بدولة في أمريكا اللاتينية، لكن اتضح أن فنزويلا كانت أحد أهم أهداف روسيا منذ عقود. النفوذ في أمريكا الجنوبية السبب الأول هو أن التحالف الوثيق مع فنزويلا يمنحها موطئ قدم قويا في نصف الكرة الغربي، حيث تسعى روسيا، خاصة في عهد بوتين، إلى أن تصبح قوة عالمية بارزة. هل يطبق ترامب «النموذج الإيراني» في فنزويلا؟ ومن شأن أن تحظى موسكو بنفوذ كبير في أمريكا الجنوبية أن يساعدها في خطتها، والوقوف أمام واشنطن. حيث قامت روسيا ببناء صداقتها مع فنزويلا من خلال الاقتراب من القيادة الاشتراكية للبلاد، التي وصلت للسلطة منذ التسعينيات، وهذا يجعل الجهود الأمريكية لإسقاط مادورو مقلقة للغاية بالنسبة لموسكو. فإذا سقط مادورو وتولى جوايدو الحكم، فبالتأكيد ستتقارب كاراكاس مع الولاياتالمتحدة على حساب روسيا. حيث نقلت "فوكس" عن فلاديمير روفنسكي الخبير في العلاقات الروسية الفنزويلية بجامعة كالي بكولومبيا قوله إنه "لو خرجت فنزويلا عن مدار النفوذ الروسي، فستكون ضربة مؤلمة للغاية للكرملين"، مضيفا أن "موسكو تحاول جاهدة منع حدوث ذلك". النفط والسلاح السبب الثاني يدور حول الاقتصاد، حيث اشترت فنزويلا معدات عسكرية روسية مقابل مليارات الدولارات، لدرجة أن كل ترسانتها الحالية تقريبا تأتي من روسيا، وبالتأكيد لا تريد موسكو أن تفقد مثل هذا العميل البارز. لكن الروابط الاقتصادية الحقيقية تركز على النفط، حيث أنفقت شركة النفط الوطنية الروسية "روسنفت" نحو 9 مليارات دولار على الاستثمار في مشاريع النفط الفنزويلية منذ عام 2010، ولم تنجح الشركة في مشروعاتها حتى الآن. هل تعاقب واشنطنتركيا على دعمها مادورو؟ علاوة على ذلك، تمتلك "روسنفت" حقلين بحريين للغاز الطبيعي في فنزويلا ولها حصة تبلغ نحو 20 مليون طن من النفط الخام هناك، لهذا السبب يهتم إيجور سيتشين رئيس روسنفت، وثاني أقوى رجل في روسيا، بفنزويلا، فعلى سبيل المثال، سافر سيتشين في نوفمبر الماضي إلى كاراكاس لمقابلة مادورو. ونظرا لأهداف روسيا في جميع أنحاء العالم، ومصالحها الاقتصادية في فنزويلا، فلا عجب في إرسال قوات قليلة إلى البلاد لدعم مادورو وإظهار عزمها مساعدته. حيث أشار ألكساندر جابويف الخبير في مركز "كارنيجي" بموسكو إلى أن "روسيا استثمرت بعمق لدعم نظام مادورو، بحيث أصبح الخيار الواقعي الوحيد أمامها هو زيادة رهانها عليه".