الهروب من فقر السوق إلى جحيم البلطجية وأصحاب المحلات ب26 يوليو.. الباعة يدفعون إتاوات 150 جنيها للناضورجية مقابل مترين.. السوق أصبح ملعبا لكرة القدم في 24 أغسطس 2014 أعلن محافظ القاهرة، انتهاء أزمة الباعة الجائلين، والتكدس بوسط القاهرة، وأن شارعي طلعت حرب و26 يوليو أصبحا ملكا للمارة، مشيرا إلى أن عبقرية الحل تكمن في سوق الترجمان بغرب القاهرة، الذي يقع على بعد عشرات الأمتار من محطة جمال عبد الناصر، بالإسعاف ليستوعب الباعة الجائلين، بعد توفير باكيات لهم لبيع بضاعتهم دون التعرض للمارة، أو التسبب في تشويه الأرصفة والمحال التجارية باثنين من أهم الشوارع في مصر، مرت قرابة 5 سنوات ونصف على مشروع سوق الترجمان، الذي تحول إلى قصة عابرة، أنفقت خلالها الدولة الملايين على أطلال، لا تسمن ولا تغني من جوع. تحول السوق إلى "خرابة" بمعنى الكلمة، بعدما هرب الباعة مرة أخرى عائدين إلى شوارع وسط القاهرة، بسبب غياب الزبائن. البداية "سحل" بداية إنشاء السوق في 2014 شهدت مشادات بين الباعة الجائلين، ومرافق القاهرة من جهة، ومحافظة القاهرة من جهة أخرى، ولم يتوقف الأمر على ذلك فقد شهد أول أيام نقل الباعة إلى السوق تعدي تحول السوق إلى "خرابة" بمعنى الكلمة، بعدما هرب الباعة مرة أخرى عائدين إلى شوارع وسط القاهرة، بسبب غياب الزبائن. البداية "سحل" بداية إنشاء السوق في 2014 شهدت مشادات بين الباعة الجائلين، ومرافق القاهرة من جهة، ومحافظة القاهرة من جهة أخرى، ولم يتوقف الأمر على ذلك فقد شهد أول أيام نقل الباعة إلى السوق تعدي أهالي منطقة السبتية على 20 من الباعة، الذين تم نقلهم كتجربة قبل تنفيذ عملية نقل الباعة، وحسب مصدر أمني وقتها قال إن قرار نقل الباعة من وسط العاصمة إلى جراج التجرمان، لم تعد له دراسة أمنية جيدة. أطلال سوق الترجمان سيدة عجوز، تقوم بحراسة السيارات وركنها، تقف أمام بوابة كبيرة تمر منها السيارات على غير العادة، هذا آخر ما وصل إليه حال سوق الترجمان، إذ تم تحويل المدخل المخصص إلى السوق إلى ممر للسيارات المتجهة من منطقة الإسعاف إلى مناطق إمبابة والوراق، وكورنيش النيل في اتجاه المظلات. جراج الترجمان الذي تحول بقرار من اللواء أيمن عبد التواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، إلى حل لمشاكل الزحام والمنظر الحضاري بوسط القاهرة، تحول إلى أطلال. "التحرير" تجولت داخل السوق، الذي لم يتبق منه إلا محل لبيع اللحوم ومنتجاتها. "قلبوه ملعب" أطفال صغار يلعبون الكرة بممر فاصل بين شرق وغرب السوق، غير مكترثين بفردي أمن موجودين بوسط السوق، أحدهما بلغ من العمر عتيا، والآخر جلس على كرسي خشبي بالقرب من المحل الوحيد المفتوح في أول السوق. اقتربت السيدة العجوز وعيناها ما زالت تحرس السيارات، وبريبة شديدة بدأت تتحدث عن سوق الترجمان، وأنه في بدايته كان بمثابة خير على الجميع، فقد ازدهر عملها وكان يدر عليها رواد السوق دخلا كبيرا في البداية، حتى وصل به الحال إلى ما هو عليه. بحثنا يمينا ويسارا عن أي شخص دون جدوى، وأخبرنا أحد العاملين بالجراجات المحيطة بالمكان، أن البائعين تركوا "الباكيات" وهربوا من السوق بحثا عن لقمة العيش، فلا أحد يأتي إلى السوق بسبب بعده عن منطقة وسط البلد، وعدم وجود وسيلة مواصلات، وأن محل بيع اللحوم هو الوحيد الذي يفتح أبوابه فيما هرب الجميع عائدين إلى شوارع 26 يوليو وطلعت حرب ورمسيس، وكذا شارع الجلاء أمام المستشفى. فشل إنعاش الترجمان في 2017 حاولت الدولة إنعاش سوق الترجمان وإعادته للحياة مرة أخرى، ولكن باءت المحاولة بالفشل، إذ رفض الباعة العودة وقرروا البقاء في وسط القاهرة، وفي الوقت الذي أعلنت فيه الأجهزة المختصة حربا على الباعة في وسط العاصمة، بدا الأمر عكس ما كان متوقعا، إذ أسهم أصحاب المحال التجارية وتحديدا في شارع 26 يوليو في بقاء الباعة الجائلين، حيث يقوم أصحاب المحال بمنطقة وكالة البلح بالسماح للباعة بالوقوف أمام المحال الخاصة بهم مقابل مبلغ مالي، وكذا يقومون بتخزين بضائع الباعة الجائلين داخل محالهم وإمدادهم بالكهرباء ليلا، فيما يقوم الناضورجية بتأمين بقائهم مقابل إتاوات يتم دفعها. الباعة: مر البلطجية أفضل من الفقر تواصلنا مع بعض الباعة الجائلين، الذين أكدوا أنهم يدفعون إتاوات للبلطجية مقابل حمايتهم والسماح لهم بالوقوف بمناطق وسط العاصمة، وأخبرنا أحدهم أنه يدفع يوميا 100 جنيه إتاوة مقابل مترين يقف بهما، بينما أكد آخر أنه يدفع 150 مقابل الحماية يوميا وأكثر من 500 جنيه شهريا لصاحب المحل الذي يقف أمامه. «القاهرة» تعيد إحياء سوق الترجمان.. والباعة الجائلون: إهدار للمال العام محافظة القاهرة تعيد إحياء سوق الترجمان بعد ثلاث سنوات من إنشائه ومن 26 يوليو إلى شارع طلعت حرب، حيث افترش "سيد" بائع جائل الرصيف، وبدوره قال: "عقب الحديث عن سوق الترجمان توجهت بدوري إلى المكان مع الباعة، في البداية رفضنا الفكرة تماما نظرا لبعد موقع السوق الجديد عن وسط القاهرة، وعدم وجود وسيلة مواصلات لنقل الزبائن، وكان لدينا يقين أن أحوالنا ستسوء ولكن الملاحقات الدائمة دفعتنا في النهاية إلى الرضا بالأمر الواقع، وتوجهنا كغيرنا إلى السوق". مرت أشهر والحال من سيئ إلى أسوأ، فالقرار الذي اتخذته المحافظة لم يكن مدروسا، بل كان الهدف منه هو نقل الباعة بأي ثمن إلى خارج طلعت حرب و26 يوليو، توقفت التجارة، ولم نعد نبيع شيئا، فبدأنا في العودة على فترات إلى أماكننا السابقة، وأصبحنا مطاردين، لا نشعر بالاستقرار كما في السابق، حيث أصبحنا كالهاربين من أحكام، نجلس وعيوننا مفتوحة نضع بضاعتنا على فرش صغير حتى نستطيع لمها سريعا والهروب إلى الشوارع الجانبية. خطوات قليلة حتى شارع 26 يوليو، التقينا مع "محمود" بائع مفارش، لاحقناه إلى الشوارع الجانبية، حيث كان في طريقه لبيع بعض القطع عندما ظهر أحد أمناء الشرطة، الزبائن كانت تجري هي الأخرى وراء "محمود"، حيث قاطعتهم الشرطة خلال عملية الشراء. وقال "محمود": تركت باكية البيع الخاصة بي في الترجمان وعدت إلى 26 يوليو، رغم أني خضت حربا للحصول عليها، حتى تكون لنا محال، ونتعامل بآدمية، بدلا من المطاردات في الشوارع، ولكن اكتشفنا بعد ذلك أن الشارع أفضل بكثير من تلك الأحلام التي بنيناها.