أفيش الفيلم وممثلوه الأربعة بشكلهم المختلف قد لا يشكلون عامل جذب للفيلم، الذي قد يشعر معه الجمهور أنه ثقيل على النفس والعقل.. ولكنها تجربة يجب أن تشاهدها هل يمكن أن يُصنع فيلم من مجموعة أفكار لكاتب، هل يمكن أن يتحول نقاش جدلي لا نهاية له إلى سيناريو لفيلم ناجح، هل قد ينجذب الجمهور لمشاهدة فيلم يعرض وجهة نظر واحدة بشكل مباشر وصريح سواء كان متفقا أو مختلفا مع هذا الرأي، ما الفرق بين الفيلم والبرنامج التليفزيوني؟ أسئلة كثيرة جدا تتردد في الأذهان عند مشاهدة دعاية فيلم الضيف خاصة أن كثيرين يعلمون الطريقة التي يفكر بها مؤلف الفيلم الكاتب إبراهيم عيسى، وما الجديد الذي يطرحه من أفكار يمكن أن تصنع فيلما سينمائيا ناجحا. أفيش الفيلم وممثلوه الأربعة بشكلهم المختلف قد لا يشكلون عامل جذب للفيلم، الذي قد يشعر معه الجمهور أنه ثقيل على النفس والعقل، وهو ما يفقد جمهور السينما في مصر أهم مميزاتها من فرصة للهروب من الواقع والتحليق في عالم خيالي والاستمتاع به، لكن رغم الأفكار الصادمة والقوية التي يناقشها الفيلم بطريقة مباشرة أفيش الفيلم وممثلوه الأربعة بشكلهم المختلف قد لا يشكلون عامل جذب للفيلم، الذي قد يشعر معه الجمهور أنه ثقيل على النفس والعقل، وهو ما يفقد جمهور السينما في مصر أهم مميزاتها من فرصة للهروب من الواقع والتحليق في عالم خيالي والاستمتاع به، لكن رغم الأفكار الصادمة والقوية التي يناقشها الفيلم بطريقة مباشرة أحيانا فإن الجمهور لن يشعر بالملل والتكرار بسبب الشكل الإخراجي واللمحات الكوميدية الساخرة، وبعض التشويق المختفي طوال الوقت الذي ينذر بشيء غامض سوف يحدث. سر نجاح فيلم الضيف من البداية يعود إلى حرفية وموهبة المخرج هادي الباجوري، الذي استطاع أن يتعامل مع سيناريو إبراهيم عيسى ويحول مجموعة من الأفكار والآراء إلى رحلة خفيفة أدخل الجمهور إليها بطريقة مباشرة، لكن الانتقال بداخلها كان به بعض الإثارة، حيث تنقل المخرج بين بعض الدراما الإنسانية إلى الكوميديا التي طغت عليها إفيهات تحمل طابع الكاتب الذي اشتهر بها في برامجه، مع بعض الإثارة والتشويق خاصة في النصف الأخير من الفيلم جعلت المشاهدين في حالة ترقب شديد لنهاية هذا الحوار الجدلي التي قد تكون نهاية سعيدة للبعض ولكنها لم تحقق الهدف الذي يرمي إليه الفيلم. هل ينتصر الإرهاب أم الأفكار؟ لم يقدم الفيلم أي إجابة جديدة عن هذا السؤال، فالإرهاب لا ينتهي بمحاولة فهم الأفكار أو تغيير معتقداته بسبب هذه الأفكار بل ينتهي بقتله كالعادة، والأفكار مهما كانت قوتها للبعض والاختلاف عليها عند البعض الآخر تسبب لأصحابها إما الحبس وإما القتل، أما الجديد الذي يقدمه الفيلم فهو محاولة صناع الفيلم وضع رافضي الأفكار العلمانية مع الإرهابيين في كفة واحدة، فإذا كان الإرهاب يحارب الأفكار بقتل أصحابها واستحلال دمهم، فإن رافضي العلمانية يكفرون أيضا أصحاب هذه الأفكار ويرفعون عليهم القضايا التي تؤدي بالبعض إلى السجن، بينما يرى الكاتب أنه حق له أن يكون لديه الحرية في كتابة ما يشاء، بينما الحكومة تضع حراسة على الكاتب ليس إيمانا منها بأفكاره ولا احتراما له ولكن مجرد حماية من جريمة قد تسبب مشاكل، فلم يعد هناك طرفان فقط بل أربعة بين إرهابي ومحارب بالقلم ومتشدد ومتفرج. حاول المخرج طوال الوقت أن يظهر كل أفكار المؤلف في فيلم سينمائي لا يبعث الملل عند المشاهدين، وقد نجح في ذلك بالفعل، حتى في أكثر المشاهد الصعبة حواريا، عبر الانتقال بالكاميرا في الأرجاء المختلفة بالمنزل قبل أن يمكث آخر نصف ساعة في غرفة واحدة، مما ساعد هذا الانتقال على أن يأخذ الجمهور أنفاسه بين كل نقاش وآخر، مع الطابع الهادئ لشخصية الزوجة التي تقوم بدورها الفنانة شيرين رضا، ليشعر المشاهد أنها وضعت في الفيلم لتهدئة الأجواء كما هي شخصيتها بالفعل في الأحداث، كل هذا مع بعض اللمحات التشويقية في نظرات وأداء الضيف الغريب الذي يقوم بدوره أحمد مالك التي تثير الغموض والتوجس لما هو قادم، وبعض خفة الدم والسخرية في أداء خالد الصاوي، التي غلب عليها طابع المؤلف شخصيا، لدرجة أن المشاهد يشعر في بداية الفيلم أن خالد يقلد أداء الكاتب إبراهيم عيسى، ولكن بعد مضي الوقت ينسى المشاهد هذا، ويتعمق أكثر مع الجوانب الإنسانية في الشخصية. كل الأفلام التي تدور في مكان واحد طوال الوقت، إما يغلب عليها الرعب وإما الإثارة، أما الأفلام الجدلية أو التي يغلب فيها الحوار على الأحداث فعادة يكون التنقل من مكان لآخر هو سر نجاح هذه الأفلام أو طريقة مثالية للهروب من الملل الذي قد يصيب المشاهد من كثرة الكلام، أما فيلم الضيف فتدور كل أحداثه في فيلا الدكتور يحيى باستثناء مشهد واحد في بداية الفيلم في قهوة أمام المحكمة، ولكن لم يضف للفيلم أو يقلل من اعتبار الفيلم من أفلام المكان الواحد، 3 شخصيات محورية وينضم إليهم ضيف هام بالنسبة للعائلة ولكن من البداية، وهناك هاجس يسيطر على المشاهد أن هذا الضيف يضمر أكثر مما هو ظاهر، وقد تكون هذه اللمحات أفسدت عنصر المفاجأة في النهاية، لأن الجمهور كان يتوقع حدوث أمر ما غير جيد، حتى إخفاء السلاح داخل اللوحة التي جلبها معه هدية فتشعر أنه متوقع من كثرة نظر الضيف إليها. الابنة التي تقوم بدورها جميلة عوض قد تكون هي الشيء غير المتوقع في الأحداث، أن تكون ابنه الدكتور ذو العقلية المتفتحة والأم المسيحية المنفتحة والمنحازة لأفكار زوجها، لا ترغب في الحرية التي منحت لها بل وتبحث عن الاختلاف في شخص غريب وتوافق على أفكاره لمجرد أنها تزيل عنها حمل الحرية، إلا أن هذه الجزئية لم تأخذ حقها في الفيلم، ولم تعط لها مساحة كافية لإظهار فكر ثالث مختلف عن الكاتب والضيف، كأن المؤلف يصر على تصدير الاختلاف الأساسي فقط بين أفكاره وأفكار المتشددين، دون منح أي فرصة لفكر ثالث تائه في منتصف الجدال، لم تعط فرصة أيضا للابنة في مشهد الختام وبعد أن اكتشفت حقيقة ضيفها أن تظهر صدمتها أو ندمها، فشعر الجمهور أن هناك شيئا ناقصا فيما يخص دورها وأن هناك اهتماما زائدا بالجدال بين الكاتب والإرهابي رغم أن إظهار رأيها كان يمكن أن يضيف قوة للمشهد. في النهاية يظل فيلم الضيف فكرة لم تقدم الجديد ولم تطرح حلولا ولكنه فيلم يستحق المشاهدة ولا يبعث على الملل، سواء كنت متفقا أو مختلفا مع أفكاره.
قصة الفيلم الدكتور يحيى الكاتب الشهير ينتظر ضيفا هاما على العشاء هو وزوجته وابنته في نفس اليوم الذي حكم عليه بالحبس، بسبب اتهامه بازدراء الأديان، الضيف القادم من أجل خطبة ابنة الدكتور يدخل في صراع فكري معه يصل إلى حد القتل. الفيلم بطولة: خالد الصاوي، أحمد مالك، شيرين رضا، جميلة عوض، تأليف إبراهيم عيسى وإخراج هادي الباجوري.