شراقي: لا بد من اتفاقية جديدة مع إثيوبيا لضمان عدم تكرار سيناريو سد النهضة.. والمفاوض المصري بطيء في مواجهة الحدث.. وأديس أبابا نفّذت كل ما تريده خلال المفاوضات عانت إثيوبيا من أزمة تمويل بناء سد النهضة خلال الفترة الماضية، لكنها فجأة أعلنت أنها ستنتهي من توليد الكهرباء من السد في عام 2020، وذلك دون أى اتفاق مع مصر، رغم أن اتفاقية إعلان المبادئ الموقعة بين رؤساء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 تنص على ضرورة التسيق مع مصر في عملية التشغيل. وأعلنت إثيوبيا، أن اكتمال العمل في بناء سد النهضة بالكامل سينتهي بحلول عام 2022، وأنها تخسر 800 مليون دولار سنويا بسبب التأخر في بناء المشروع. ويثير السد، مخاوف مصر بشأن أضرار متوقعة في حصتها من المياه، المقدرة ب55.5 مليار متر مكعب. تسرع إثيوبيا حاليًا من خطواتها لإتمام عملية بناء «سد النهضة»، الذي واجه عثرات مالية وفنية مؤخرا. وقال سلشي بيكيلي وزير المياه والطاقة الإثيوبي، إن بلاده «ستبدأ التشغيل الأولي للسد في ديسمبر 2020». وجاء الإعلان الإثيوبي، بالتزامن مع اتفاق وقعته حكومة أديس أبابا مع شركة (جي. إي تسرع إثيوبيا حاليًا من خطواتها لإتمام عملية بناء «سد النهضة»، الذي واجه عثرات مالية وفنية مؤخرا. وقال سلشي بيكيلي وزير المياه والطاقة الإثيوبي، إن بلاده «ستبدأ التشغيل الأولي للسد في ديسمبر 2020». وجاء الإعلان الإثيوبي، بالتزامن مع اتفاق وقعته حكومة أديس أبابا مع شركة (جي. إي هيدرو فرانس)، وهي شركة تابعة لجنرال إلكتريك رينيوابلز لتسريع وتيرة استكمال السد. وستحصل "جي. إي هيدرو فرانس" بموجب هذا الاتفاق على 54 مليون يورو (61 مليون دولار) لتصنيع وصيانة واختبار مولدات التوربينات. إقرأ أيضا «التحرير» تكشف تفاصيل الصراع بين مصر وإثيوبيا في «سد النهضة» وقال الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، إن السد شهد خلال الفترة الماضية تباطؤا في بنائه من جانب الحكومة الإثيوبية، وكان محددًا له 2015 لافتتاح المرحلة الأولى، و2017 للافتتاح الكلي، وذلك نتيجة قلة الخبرة التكنولوجية لدى الجانب الإثيوبي في تركيب التوربينات، إذ تحتاج لتقنيات عالية لا تتوفر حتى في مصر، فضلا عن أزمة التمويل. وشهد مشروع سد النهضة، الذي يتكلف 4 مليارات دولار، الكثير من التأخيرات، اضطر على أثرها رئيس الوزراء آبي أحمد، في أغسطس الماضي، إلى إلغاء عقد شركة المعادن والهندسة (ميتيك)، التي يديرها الجيش، لتصنيع توربينات السد. وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قد صرح بأن شركة المعادن الهندسية «ميتيك» المقاول الرئيسي والتابعة للجيش الإثيوبي مسئولة عن تأخر البناء في مشروع سد النهضة، وعلى إثر تلك التصريحات تم إحالة 27 جنرالا أمنيا وعسكريا على خلفية اتهامات تتعلق بالفساد في الشركة. وأوضح الخبير الدولي في تصريحات ل"التحرير" أن إثيوبيا تنوي تشغيل توربينين بقوة 750 ميجاوات، وذلك سيكون تأثيره ضعيفًا على حصة المياه المصرية، لافتا إلى أن تكلفة التوربينات تصل إلى مليار ونصف مليار جنيه. اتفاق جديد وشدد شراقي على أن مصر يجب أن تصل إلى اتفاق مع الجانب الإثيوبي قبل تشغيل هذه التوربينات في عام 2020، وإلا فذلك يعني حدوث صدام متوقع بين مصر وإثيوبيا، وسيحدث أزمة سياسية كبرى بين الجانبين، لأنه سيهز صورة مصر أمام العالم، ويؤكد أن السد نفذ رغما عن مصر كما سيعني أيضا أن الاتفاق الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان والمعروف باتفاق المبادئ ليس له قيمة وكأن لم يكن. وخلال القمة الثلاثية بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان، في الخرطوم، وقّع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ديسالين، وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة". ونص الإعلان على: "تقوم المكاتب الاستشارية بإعداد دراسة فنية عن سد النهضة في مدة لا تزيد على 11 شهرًا، ويتم الاتفاق بعد انتهاء الدراسات على كيفية إنجاز سد النهضة وتشغيله دون الإضرار بدولتي المصب مصر والسودان". المفاوض المصري بطيء ولفت شراقي إلى أن المفاوض المصري تباطأ كثيرا في مواجهة هذا الحدث المصيري اعتمادا على البطء في بناء السد من جانب أديس أبابا نتيجة نقص التمويل المالي لديهم، وهذا ما كان يجب أن يحدث لأن إثيوبيا هى المستفيد الأول من التلكؤ في المفاوضات، ومن مصلحتها هذا التباطؤ، وكان يجب على المفاوض المصري اقتحام هذه المفاوضات والإلحاح على استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أبريل الماضي بين الجانبين، لأن ذلك في صالح مصر، خاصة أن دراسات المكتب الفرنسي التي كان مقررًا إجراؤها لقياس تأثير سد النهضة على مصر من الناحية المائية والبيئية والاقتصادية لم تبدأ بعد، وبالتالي فإثيوبيا نفذت كل ما تريده خلال المفاوضات من استهلاك الوقت حتى اكتمال السد. وأعلنت مصر أواخر نوفمبر الماضي، أن محادثات ستجرى مع إثيوبيا في غضون أسبوعين، لتسوية نقاط خلافية في تقرير استهلالي، قدمه مكتب استشاري فرنسي، منوط به تقييم تأثيرات السد على دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان)، لكن حتى الآن لم تجرِ أي من تلك المحادثات. شراقي أكد ضرورة إجراء اتفاق جديد مع إثيوبيا بشأن مشروعاتها القادمة على نهر النيل يضمن عدم تكرار ما حدث في مفاوضات سد النهضة، حيث أنشأت السد دون إخطار مسبق لمصر، وهو الإجراء الذي كان يجب أن يحدث في مثل هذه الأمور وفق القواعد الدولية التي تحكم إقامة مشروعات تؤثر على دول المصب "مصر والسودان" من جانب دول المنابع مثل إثيوبيا التي تعد دولة مشروعات مائية، وهى لديها بالفعل عدة مخططات تنوي تنفيذها مستقبلا على نهر النيل، مما سيؤثر على حصة مصر المائية إن لم يتم ذلك بالتنسيق مع القاهرة. وقال الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه، ووزير الموارد المائية المصري الأسبق، إن «القاهرة تتابع بدقة وقلق كل التطورات الخاصة بعملية البناء، خاصة ما قامت به أديس أبابا مؤخرا من طلبات لقروض دولية وتعاقدات مع شركات، لإتمام عملية البناء»، مؤكدا أن «كل تلك المعلومات محل دراسة ورصد من كل المؤسسات المصرية المعنية حاليا للرد عليها». ووقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع شركة «CGGC» الصينية، لمواصلة عملها، بعد توقفه لفترة. وتنص مذكرة التفاهم على أن تقوم الشركة الصينية بتوفير المعدات اللازمة لتركيب 6 توربينات، إضافة إلى الاختبار والتشغيل لتلك التوربينات، بتكلفة 77.9 مليون دولار. وتعمل الشركة الصينية في مجال تصنيع التوربينات، ويقع مقرها في ألمانيا. ومن المقرر أن تبلغ القدرة الإنتاجية للسد 6 آلاف ميجاوات، وهو حجر الزاوية لمساعي إثيوبيا كي تكون أكبر دولة مصدرة للكهرباء في إفريقيا. وقال الوزير بيكيلي، إن المشروع على مساره ليفتتح خلال عامين. وأبلغ البرلمان «الإنتاج الأولي المزمع سيبلغ 750 ميجاوات باستخدام توربينين اثنين». وأضاف أن الحكومة تتوقع أن يدخل السد الخدمة بشكل كامل بنهاية 2022. وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبي في نوفمبر الماضي أنه «يريد الحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل». حسم الخلاف مع مصر وقال الدكتور أبو زيد، إن «إثيوبيا لن تستطيع البدء في ملء بحيرة السد دون حسم الخلاف مع مصر حول عدد سنوات الملء، وإلا فإن الأمر سيثير أزمة جديدة وستتعقد الأمور أكثر»، مشيرا إلى أن «حديث الوزير الإثيوبي عن بدء التشغيل التجريبي في غضون عامين ربما يكون غرضه طمأنة الإثيوبيين». وعلى مدار السنوات الماضية عقد البلدان، بمشاركة السودان، سلسلة اجتماعات حول السد دون التوصل إلى اتفاق نهائي. واستغلت أديس أبابا ظروف ثورة يناير والانفلات الأمني، وأعلنت بعدها ب68 يوما وضع حجر الأساس لسد النهضة وتحديدا فى 2 أبريل 2011، من خلال رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي.