هواة الطيور الجارحة: الفراعنة أول «صقارة» في العالم وأنشأوا معبدا في إدفو باسم حورس الذي يُرمز له بالصقر.. ونطالب بالتقنين.. وعلم مصر عليه صقر وليس نسرًا قدّس الفراعنة الطيور والحيوانات، وأخذوا منها آلهة لهم، ورسموها على جدران المعابد، وقاموا بتحنيطها، ووضعوها معهم في مقابرهم، وذلك ما أكدته الاكتشافات الأثرية بوجود العديد من القطط والكلاب والقرود والصقور، وهم أول من استطاعوا أن يدربوا الحيوانات والطيور على طاعتهم، ومن ضمنها الطيور الجارحة، كالصقور والعقبان، حسب «الاتحاد العالمي للصقارة»، إذ شبهوها بالروح الصاعدة إلى النجوم على شكل صقر برأس إنسان، واعتقدوا أن الصقر هو روح الإله حورس، التي تحمي الملك، وأنشأوا معبدًا باسمه في إدفو. ويعود اختيار الفراعنة للصقر، لأنه طائر نبيل لا يهاجم أوكار أو أعشاش الطيور، ولا يأكل الجيف «الحيوانات الميتة»، كما تفعل النسور، بل يصطاد فريسته وهي طائرة أو تجري في محاولة الهرب منه حتى يمنحها فرصة للنجاة. وانتشرت تربية الطيور الجارحة في العديد من الدول على مر العصور، كهواية أو نقل الرسائل ويعود اختيار الفراعنة للصقر، لأنه طائر نبيل لا يهاجم أوكار أو أعشاش الطيور، ولا يأكل الجيف «الحيوانات الميتة»، كما تفعل النسور، بل يصطاد فريسته وهي طائرة أو تجري في محاولة الهرب منه حتى يمنحها فرصة للنجاة. وانتشرت تربية الطيور الجارحة في العديد من الدول على مر العصور، كهواية أو نقل الرسائل إلى أن وصلت للعرب في شبه الجزيرة العربية قديمًا، وما زالت مستمرة معهم حتى الآن، إلا أن الأمر اختلف كثيرًا في مصر، وفقد المصريون تراث أجدادهم، وأصبحت تربية الصقور وتداولها ممنوعة نهائيا وتحت طائلة القانون. إلا أن هواة مربي الطيور الجارحة في مصر لم يستسلموا، ويحاولون جاهدين لإنقاذها من أيدي الصيادين سواء بتربيتها وتدريبها أو معالجتها وإطلاقها إلى الطبيعة مرة أخرى، وينظمون مسابقات فيما بينهم لإحياء تراث أجدادهم الفراعنة، آملين أن يكونوا مثل نظائرهم من الهواة في الدول العربية، التي تنظم مسابقات دولية ورسمية تُدر لهم عملة أجنبية من السائحين المحبين تلك الهواية، رغم أنه ممنوع تداولها عندهم أيضًا. ويروي عبد الله النزهي، أحد هواة تربية الصقور، في حديث ل«التحرير» أن بداية إعجابه بالطيور الجارحة كانت بحضوره إحدى المسابقات، متابعًا "الصقور في البداية بتكون وحشية بطبيعتها وبتهاجم صديقها بمخالبها أو منقارها بس بتتروض في 3 أيام إلى 10 أيام على حسب كل شخصية، وعلى حسب مدة ساعات التدريب وتسمى تدهيل". وأكد النزهي، أن أبناءه «حازم 13 عاما، ومحمد 11 عاما، وسمية 4 سنوات»، يتعاملون مع الطيور بطريقة طبيعية ويطعمونها ويدربونها، مضيفًا أنهم اشتركوا في سباق سفكنس للجوارح الذي أجري يوم الجمعة الماضية في أكتوبر، وحصل ابنه حازم على مركز ثالث بالطير «شرياص» واسمه شيكا، محمد بالطير «وكري» اسمه زينة. النزهي قال، إن تلبية الصقر لنداء صاحبه تسمى «دعو»، وتبدأ بعد نهاية «التدهيل» بنحو أسبوع، وتختلف استجابة الصقر على حسب شخصية الطائر وصاحبه «الصقار»، ويتم البدء بمسافات قصيرة ووضع الطعام على الدس «الجُونتي» لتحفيزه لطاعة الأوامر، حتى يصل إلى مسافات تصل إلى 100 متر إلى 200 متر. وأشار النزهي، إلى أنهم يواجهون صعوبة أثناء «دعو» الصقر في مسابقات المسافات الطويلة، لذلك يتم تدريبه بصفارة والنداء باسم خاص به، متابعًا أنهم يواجهون بعض الصعوبات أثناء التنقل بالطيور، لأن تداولها في مصر غير مقنن. وأعرب عن حزنه لعدم وجود مسابقات رسمية في مصر، أسوة بالدول العربية، مؤكدًا أن مصر أوْلى بالمسابقات، لأن القدماء المصريين هم أوّل من درّبوا الصقور، وأطلقوا عليها «حورس». والتقط هادي وزير، طرف الحديث، قائلًا: إن والده مصري ووالدته أردنية، وعاش 18 عامًا من طفولته في الأردن، ونشأ في بيئة محبة للطيور الجارحة، وبعد عودته إلى مصر بدأ في البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، عن أماكن المهتمين بتربية الصقور وتدريبها، متابعًا أنه بدأ في تربية «الشرياص» وهو الصقر المصري. وأكد وزير، أنه أطلق العديد من الطيور في البرية، خوفًا من تأثره سلبًا لعدم قدرته على رعايته وحافظًا على التوازن البيئي، مشيرًا إلى أنه حاليا يمتلك صقر «عقاب»، ومشهور باصطياده الثعابين، وأن كثيرين أكدوا له أن من الصعب تدريبه، وهو ما جعله يتحدى نفسه والآخرين إلى أن نجح، كما أنه نقل الهواية إلى ابنه يوسف 5 سنوات الذي يتعامل مع الصقور بطريقة طبيعية. وقال سيد السيد، رئيس نادي القناص المصري لرعاية الجوارح، إن بداية قصته مع الصقور في عمر 11 عامًا، عندما وجد والده الذي يعمل مهندسًا زراعيًا، أحد الصقور «فرخ»، وبدأت قصة صداقة بينه والصقر، وأصبح يلازمه في كل مكان، إلى أن رأى والده أن يعطله عن الدراسة، فأطلق سراحه. وتابع السيد، أنه بعد ما استطاع الاعتماد على نفسه، اقتنى صقرًا، وبدأ يبحث عن الجروبات المهتمة بالصقور على مواقع التواصل الاجتماعي، فوجد العديد منها خاص بالدول العربية، ثم توصّل إلى مجموعة من الصقارين البدو في محافظة الإسكندرية، كما زاد عدد المهتمين في القاهرة، ثم أقمنا مسابقات خاصة بنا، مؤكدًا أن ابنتيه بسملة 13 عاما، وفريدة 10 سنوات، تمتلكان صقرين «كريستل». وأضاف السيد، أنهم انتهوا من تأسيس جمعية أهلية، لم يصدر لها قرار إشهار حتى الآن، متابعًا أن حلمهم وهدفهم هو تقنين الصقارة في مصر، لأن الجوارح ممنوع تداولها بسبب توقيع مصر اتفاقية «سايتس CITES»، بمنع صيد أو تجارة الصقور على أساس أنها حيوانات برية. وأشار إلى أن الدول العربية وقّعت على الاتفاقية نفسها، لكنهم أنشأوا مزارع خاصة لتكاثر الصقور والطيور الجارحة بشهادات ميلاد مثبتة، وبالتالي قفزوا على قيود الاتفاقية. وأكد السيد، أنهم يحاولون الحفاظ على الطيور وشراءها من الصيادين وعلاجها وإعادة تأهيلها، وإطلاق بعضها لحياتها الطبيعة مرة أخرى، مضيفًا أنهم يقابلون العديد من العقبات في علاج الصقور، لقلة معلومات الأطباء البيطريين، إضافة إلى عدم وجود أدوية بيطرية في مصر خاصة بالجوارح، مثل الكلاب والقطط والجاموس والبقر والحمام والعصافير. واستطرد السيد، أن الجمعية تعمل على إنشاء مزرعة لتكاثر الجوارح مشابهة للبرية وبيئتها الطبيعية، معللًا أن ذلك الأمر سيوفر الجوارح للصقارين بطريقة قانونية مثل الدول العربية، لأنه طائر مزرعة، وليس تم اصطياده من البرية. وأشار كل من السيد، والنزهي، إلى أن الطيور لا تتكاثر وهي في الأسر، وتتكاثر فقط في بيئتها الطبيعية، أو أماكن مشابهة لبيئتها، وأن أسعار الطيور تبدأ من 150 جنيها إلى مئات الآلاف وتختلف على حسب نوعها، ومواسم تكاثرها وأحجامها. وكشفا عن أن صورة النسر الموجودة على علم مصر وبعض فئات العملة، ليست نسرًا ولكنها صورة عقاب، معللين ذلك لعدة أسباب منها أن الله خلق النسر دون ريش حول الرقبة، لأنه يتغذى على «الحيوانات الميتة»، وحتى لا تتكون بكتيريا حول رقبته وتصيبه بأمراض. وقالا إنه ليس من الطبيعي أن تضع مصر نسرًا على العلم، وأكدا أنها صورة عقاب، لأن كل الجوارح تهابه، وهو رمز العزة والكرامة.